[JUSTIFY]حتى هذه اللحظة لم نعرف بالضبط حجم الفجوة الإنسانية وما هو التقدير الحقيقي او التقريبي لاحتياجات الاهالى فى ابو زبد على خلفية الهجوم الغادر الذي شردتهم آلته الفتاكة واصوات داناته وأزيز مدافعه المرعبة، ولا يدرك أثر الحرب النفسي وما تخلفه من دمار الا الذي عاشها وتلظى بنيرانها، ابو زبد كانت آمنة لكن التمرد نقل العنف الى شوارعها وعاث فيها المتمردون فساداً وإفساداً وتقتيلاً، أحرقوا حتى المطاعم ونهبوا أوانيها، لكن ليس من بين الاوراق الممزقة ورقة بها معلومات دقيقة عن الآثار بعد الهجوم، ولا احد يحصي كما أعتقد، فقد ذهب مفوض العون الإنساني الدكتور سليمان عبد الرحمن الى ابو زبد ولكن لم نعرف شيئاً، ويبدو انه لم يجد أرقاماً فعاد معتمداً على مشاهداته وما اختزنته ذاكرته من حكي وحديث عام، برغم ان الخسائر كبيرة والضحايا والمصابين كثر «والمخلوعين» اكثر، ومازالت حالة الربكة فى البرمجة وتوزيع الادوار تسيطر على الحال، وتبدو على سلطات الولاية فى التعامل مع الحدث المفاجئ. ووالى الولاية اللواء أحمد خميس تخدنق مع المعتمد الهادي عبد الماجد فى ابو زبد، واصبح الوالى يشرف وينسق بنفسه مع مركز القيادة المتقدم مع القوات المسلحة، وهو رجل خبير مقتدر فى شؤون الحرب ومقاتل جسور عرفته ساحات النزال، وشهدنا كيف صمد مع أخيه احمد هارون إبان كتمة «6/6» بكادقلى واداراها بثبات، وكيف كان الوزراء والمعتمدون يعملون بنفس واحد، وكنت اشهد لأحد المعتمدين انه ظل يعمل ولديه لبستان فقط يتبادل لبسها لمدة تجاوزت خمسة شهور، فإن سد احمد خميس هذه الثغرة فأين البقية؟ اين هم من تنسيق مواقف اهل الولاية بفعالياتها كافة سياسية وشعبية وقوى حزبية والتنسيق مع الولايات الأخرى؟؟ ولا بد من مراجعة خطاب المتمردين خاصة ان بعض المعتدين هم ابناء المنطقة والعمل دراسة خطابهم خاصة الخدمي.. أين ابناء الولاية فى المركز؟ هناك تحركات لكنها تبدو فاترة ولم تكن على مستوى الحدث، ونعلم ان عدداً من الوزراء والمعتمدين للولاية قد ذهبوا وشكلوا حضوراً، لكن واضح أنه احتشاد بلا أدوار محددة، فمن المسؤول عن توزيع الأدوار وأين الافكار فى تصريف الاشياء؟؟ الذي وقع ليس جديداً على كردفان، وشاهدنا كيف كان التفاعل مع ام روابة وتنسيق عمليات الاسناد، وذلك لأن أهلها قبل غيرهم تفاعلوا مع الحدث واعطوه حجمه الحقيقي وطبقوا المثل السوداني الشائع «البكا بحرروه اهله».. هنا فى الخرطوم نشط الدكتور على محمد موسى تاور امين دائرة غرب كردفان بالمؤتمر الوطنى ومعاونوه المهندس ابراهيم شمر والدكتور ازهري ابو الريش وبقية القيادات فى تحريك الآليات والتنسيق مع الأجهزة السياسية العليا، وعقدوا عدة لقاءات تنويرية وتعبوية مع قواعد وقيادات الولاية فى المركز لتحريك القوافل وعمل الإسناد اللازم، لكن واضح انهم يتحركون بلا معلومات، ولم نشاهد غافلة متعجلة تحركت، وأنا شخصياً فقدت فى هذ الحراك ابن المنطقة الدكتور ازهري التيجاني الذي غاب تماماً عن المشهد، برغم انه كان له دور ملموس فى تهيئة الأوضاع فى ام روابة عندما غضب الأهالي واعلنوا احتجاجهم على الاستجابة المتأخرة وضعف التفاعل مع قضيتهم، وكان هو على رأس وفد المقدمة الذي سبق زيارة النائب الاول لرئيس الجمهورية، وأعجبتني مداخلة البروفيسور حسن عباس مدير جامعة امدرمان الاسلامية فى لقاء ابناء المنطقة بقاعة الشهيد الزبير، حيث قال إن الوقت ليس للتلاوم وانما لتضاف الجهود للإسناد الإنساني والاجتماعي للمتضررين والوقوف بجانبهم لإخراجهم من الحالة النفسية السيئة التى يعانونها ..الوضع الاجتماعي سيئ والهجوم شل حركة ونشاط المجتمع والاسواق مازالت مغلقة، وربما يزداد هذا الوضع كل يوم سوءاً، واسر الضحايا بحاجة الى مواساة، وهناك أناس فروا من منازلهم وتعرضت الى سلب من المعتدين وعناصر اخرى مجهولة، وحتى الملابس والبطاطين لم تسلم الآن بعد خروج المعتدين، وهم بحاجة الى من يحصر خسائرهم والعمل على تعويضهم، والمرافق الحكومية الخدمية التى تعرضت للخراب بحاجة الى حصر وإعادة تأهيل، خاصة ان المحلية وصلتها الكهرباء القومية قبل عامين ولم توصل ويستغلون وابورات وهناك حاجة كبيرة للمياه، كما أنه في هذا العام المنطقة مهددة بفجوة غذائية لأن آفة الجراد قد قضت على معظم المزارع، وهذا يتطلب آلية تنسيق قوية ونشطة، والاوضاع الانسانية الآن بحاجة ملحة لفرق يتعين عليها توسيع نطاق العمل الميداني تقدم من خلاله خدماتها وتخرج الناس من دائرة الإحباط التى بدأت تتوسع، وما لم يتم عمل محسوس وملموس ومواساة حقيقية ربما يتحول الأمر الى حالة غضب وتحديات من نوع آخر تتفرع منه مسارات قد يستغلها اصحاب الأغراض السياسية فى اتجاه خدمة أجندتهم، بالطبع هناك احتقان، وكل الفرضيات والاحتمالات المترتبة عليه واردة الا إذا تغيرت المنهجية التى يُدار بها الوضع، نقول ذلك وندرك ان الولاية لم تزل مؤسساتها غير مكتملة واضلاعها ناقصة، وبالضرورة لا تحتمل الفراغات الدستورية، وان الذي حدث استفاد فيه المتمردون من الثغرات، ولا بد أن نلفت النظر الى ان الولاية غير مسؤولة عن إدارة الحرب بقدر ما مهمتها تقديم الخدمات للمواطن التى من بينها الأمن الذي شركاؤه كثر والمجتمع فى مقدمة الشركاء، فإذا لم يدر المجتمع بصورة سليمة وتوظيفه بشكل حكيم سيتحول الى عراقيل ومشكلات أمنية تصبح مدخلاً لأشياء اخرى تزيد التعقيدات.. ونأمل أن نشاهد غداً على كاميرات الاعلام والى الولاية يتحدث وخلفه يقف أمراء ونظار القبائل ركائز المجتمع الغرب الكردفاني بقيادة الامير عبد القادر منعم منصور والأمير مختار بابو نمر وبقية رموز وقيادات الولاية الاهلية والشعبية، وهذا الدور المفروض أن يلعبه الوالى ومعاونوه فى الحزب والحكومة، لأن أمر الولاية يهم الجميع وبحاجة الى مزيد من المرونة واحتمال الآخر، نقول ذلك ونعلم ان الوالي لديه تواصل اجتماعي مقدر لكنه يتطلب تفعيلاً اكثر سيما انه رمز الولاية والمسؤول الاول، والمعلوم بالضرورة ان من اهداف التمرد فى هذه المناطق المأهولة بالسكان هو التأثير في المجتمع وخلخلته وتدميره وزيادة حجم المأساة والتضييق عليه قبل تدمير البنية التحتية والمنشآت، كما أن المثقفين والنخب لديهم دور منتظر فى عملية الرتق وسد الفجوات.