الطاهر ساتي

أنا كمان عايز صندوق..!!

أنا كمان عايز صندوق..!!
[JUSTIFY] ** عوج الدرب لم يكن بحاجة الى مال السحت، ومع ذلك ظل يسرق الناس، تارة بالنشل في المركبات العامة وتارة بالتسلل الى منازلهم وهم نيام وأحياناً بالاحتيال عليهم، إلى أن تم ضبطه ذات يوم من أيامنا هذه وهو ينهب مؤسسة عامة تقريباً، فاقتادوه الى محفر الشرطة ثم الى المحكمة، وهناك بدأ مولانا في طرح الأسئلة الأولية (اسمك منو؟)، فيرد عوج الدرب: (بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، أخوكم في الله عوج الدرب)، فاستغرب مولانا من تلك المقدمة الرائعة، وواصل أسئلته: (عمرك كم ؟)، فيرد عوج الدرب بذات المقدمة الرائعة: (بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله والأعمار بيد الله، وبفضله بلغت خمسين سنة)، فيستاء مولانا من المقدمات الطويلة ويخاطبه غاضباً (ياخ اختصر، انت ليه بتبدأ اجابة السؤال بالمقدمة الطويلة دي؟)، فيرد عوج الدرب بمنتهى الجدية: (هي بقت علي أنا بس يامولانا؟، يعنى انت ماعارف حرامية الزمن ديل كلهم بيبدوا كدا؟)..!!
** وقبل عام ونيف تقريباً – أي قبل أن يوجه كمال عبيد للإدارة بطردنا – كنا نساهم مع الأستاذ الزبير عثمان في تقديم برنامج مؤتمر إذاعي، وجاء فريق الإعداد بإدارة صندوق تشغيل الخريجين ذات جمعة، لنحاوره عن أفكار الصندوق وأهدافه وبرامجه ومشاريعه، وكانت المناسبة تدشين صندوق تشغيل الخريج..حاورنا تلك الإدارة على مدار الساعة حواراً أنيقاً، وكانت مقدمات إجابات ضيوف الحلقة على أسئلتنا رائعة كما مقدمة اجابات عوج الدرب.. وكان الدكتور قرشي بخاري، الأمين العام للصندوق، مع زمرة ضيوف الحلقة الكرام، وكان متجلياً في سرد الأفكار السامقة والمشاريع الرائدة والأهداف الكبرى بسلاسة وطلاقة وبديهة حاضرة، بحيث لم يكن يمهلنا من الزمن ما نكمل به السؤال..وكان سيادته – بسم الله وماشاء الله – يبتدر إجابة أي سؤال بتلك المقدمة الرسالية، ولذلك خرجنا من الأستوديو بلسان حال قائل: (تمام، أموال الصندوق في أيد أمينة)..!!
** ولكن تأتي نفوسهم بما لا تشتهي نفوس الناس، ولتثبت صحة تبرير عوج الدرب لمقدماته الطويلة الرائعة (يامولانا كلهم بيبدوا كدا).. إذ في خضم انشغال الناس والبلد باحتلال هجليج واستردادها، أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بإقالة الأمين العام لصندوق الخريج، ليس بسبب تقزم أفكار تلك الحلقة في عقول مفكريها ولا بسبب تبخر مشاريع تلك الحلقة من أفواه الناطقين بها ولا بسبب انتفاء الأهداف الموثقة في تلك الحلقة، بل أسباب الإقالة، حسب المصادر الموثقة في صحف الأسبوع الفائت، هي: (اختلاسات تقدر ب (3 مليارات جنيه)، ومخالفات في عقودات إيجار مساكن أفندية الصندوق، وتبديد مبلغ يقدر بملياري جنيه، وكانت مخصصة لمشروع التعدين النموذجي لتشغيل الخريج بمناطق البطانة، ومخالفات أخرى ذات صلة بعربات الصندوق)، هكذا المعلومات التي تسربت للصحف بالتزامن مع خبر إقالة الأمين العام للصندوق..!!
** تلك المعلومات، لم – ولن – تنفها أية جهة ذات صلة بتلك الأموال وصندوقها، وزيراً كان أو وزير دولة، والمدهش جدا: لم تحظر أية جهة رسمية نشرها، على الأقل(حتى الآن).. وأحلى شئ: هذا الأمين المقال – على خلفية تلك البلاوي – يرأس مجلس إدارة صحيفة توقفت قبل أن تصدر (زي الناس).. فكيف لعاجز عن تشغيل عشرين زميل بمؤسسة صحفية خاصة، بأن يكون مديراً لصندوق قومي مناط به تشغيل ملايين الخريجين؟.. ده ما المهم، أي فلندع المؤهلات الإدارية، ونرجع لتلك الأموال الموصوفة بالاختلاس والتبديد، والتي لم ينفها الوزير ولا وزير الدولة.. فهل الإقالة تكفي عقاباً يا عالم؟.. إن كان كذلك، فإني أتقدم للسيد وزير المالية بالطلب الآتي: (الأخ الكريم/ علي محمود.. السلام عليكم.. ونحن نقبل على شهر رمضان الكريم، أرجو من شخصكم الكريم التصديق لي بإنشاء صندوق حكومي كارب لدعم الخلاوي، بميزانية قدرها مليار واحد بس، وأعاهدك على أن أكون أميناً عاماً على المليار، ولو اختلست نصها – أو كلها – شيلوني من الصندوق وخلاص.. جزاكم الله خيراً.. مقدمه: ود ساتي)، علما بأن قاموسي اللغوي يضج بمقدمات عوج الدرب، أي (عندي الحنك)…!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]