الطاهر ساتي

سلام بالكُرباج الدولي ..!!

سلام بالكُرباج الدولي ..!!
[JUSTIFY] ** ليس من العدل أن نحكم على جولة أديس الفائتة بالفشل، وأن يلتقي السودان – شمالاً وجنوباً – على طاولة التفاوض قبل أن ترحل آثار معارك هجليج عن نفوس أهل البلدين، هذا اللقاء – في حد ذاته – خطوة في الاتجاه الصحيح..ولقد أحسن مجلس الأمن عملاً حين شعر بمخاطر لم تشعر بها الحكومتين غير المسؤولتين..وإن لم يكن لمجلس الأمن إنجازاً غير فرض السلام على الخرطوم وجوبا قبل الثاني من أغسطس القادم، فهذا يكفي إنجازاً ..فالسادة بالخرطوم وجوبا لم يتحسبوا لمخاطر الحرب قبل إشعال معارك هجليج، ولكنهم يتحسبون حالياً مغبة تجاوز ذاك السقف الزمني بلاحلول، فالمجتمع الدولي الذي فرض التفاوض بأديس لن يعجز عن فرض حلول قد لاترضي الحكومتين، وهذا التوجس – في حد ذاته أيضا – خطوة نحو تحقيق سلام عادل تتواثق عليه الحكومتين طوعاً..ثم الوضع الإقتصادي بالدولتين، بالجنوب إنهيار غير معلن وبالسودان على حافة الإنهيار، وهذا الوضع الإقتصادي البائس بمثابة (رب ضارة نافعة)، وعامل لتحقيق السلام ونبذ الحرب، فليبتهل الأهل هنا وهناك : أللهم زدهما ضنكاً وضيقاً بحيث لاتجد جيوشهما ( ثمن رصاصة)..على كل، فرص العبور بكل القضايا العالقة الي بر الحلول الشاملة أوسع، بإرادة الدولتين أو بالإرادة الدولية.. وليس مهماً للشعبين أي الإرادتين تحقق سلاماً وتعايشاً سلمياً بينهماً، فالمهم يجب أن يعيشا بسلام، علماً بأن الغاية من كل تفاصيل نيفاشا لم تكن وحدة ولا إنفصالاً، بل كانت ولاتزال الغاية هي السلام فقط لاغير..وإن لم يأت هذا السلام بتراضي الحكومتين، فسياتي بال(كرباج الدولي)..وأياً كان الدرب – سودانياً جنوبيا كان أو كرباجاً دولياً – فأهلا بالسلام القادم من آثيوبيا..لقد سئمنا الموت، او هكذا لسان حال الملايين التي تدفع ثمن الحرب موتاً وجوعاً، وهذا الإستياء الشعبي الذي يكاد أن يتجاوز حد الصبر ( أقوى كرت ضغط )..!!

** والقراءة الصائبة لجولة أديس الفائتة هي أنها كانت (جس نبض)، بحيث وقف فيها كل طرف على سقف مطالب الطرف الآخر، وأي تفاوض – لاي طرفين، حول أية قضية، في طول هذا الكون وعرضه – يبدأ هكذا، .. وأخطأ من ظن بأن الوفدين ذهبا لأديس ليوقع كل منهما على مطالب الطرف الآخر بلا سجال أو خلاف..ماحدث شئ طبيعي، وإختلاف الوفدين – في جولة جس النبض – يعني أنهما يتمتعا بعقول سياسية وضعت سقفاً من المطالب تستدعي التوقف والمراجعة، بحيث يتنازلاً من ذاك السقف الي حيث المعقول، وهذا ما سيحدث في الجولة القادمة ..ولولم يتلمس الوسيط الأفريقي ملامح التنازل المرتقب في مطالب الطرفين لما حدد هذا الموعد القريب – خلال أسبوعين – كموعد لإستئناف المفاوضات، هكذا أخطرهم أمبيكي ثم غادر الى حيث مقر(الكرباج الدولي) متأبطاً تقرير جولة (جس النبض).. وبالتأكيد لن يعود أمبيكي من هناك بخفي حنين، بل سيعود بالورقة التي يجب على سادة الوفدين التوقيع عليها وهم صاغرين، هذا إن عجزت إرادتهما عن صياغة ورقتهما طوعاً وإختياراً.. فالكرة لاتزال في ملعب الحكومتين، ولكن فقط الي حين ميقات الجولة القادمة والتي لن تعيد انتاج جولة أخرى لذات القضية (الملف الامني والمناطق المنزوعة السلاح).. قد تنتقل الكرة الى ملعب الفصل السابع بعد الجولة القادمة مباشرة، وهذا ما لن تحتمله الخرطوم وجوبا،علماً بأن المساواة في ظلم دول العالم الثالث والأخير – في مواقف كهذه – من سمات (كرباج دول العالم الأول)..والجدير بالتأمل في تلك الجولة هو: (وصف الوفد السوداني للوساطة الإفريقية بالحياد والمهنية)، وهذا الوصف يشير بأن الوساطة الافريقية ذاتها تفاجأت بسقف مطالب حكومة الجنوب، وإن لم تعبر عن مفاجأتها تلك..وبأمانة كدة : ( جوبا كترت المحلبية)..!!

** فالحكومة السودانية لم تقدم أي خارطة، بل فوضت الوساطة الافريقية بتقديم الخارطة التي تراها مناسبة ، وهذا للأمانة (ذكاء لم نعهده في حكومة الخرطوم)..فقدمت الوساطة الافريقية خارطة 56 المعتمدة لدي الأمم المتحدة، وهي الخارطة التي بنيت عليها اتفاقية السلام، وبها أربع مناطق نزاع..ولكن حكومة جوبا رفضت تلك الخارطة المعترف بها أممياً، وجاءت بخارطة ما أنزل الله بها من سلطان، بحيث ضمت الى جغرافيتها ست مناطق سودانية جديدة – لنج – بما فيها هجليج التي قضي أمرها في لاهاي، هذا غير تلك المناطق الأربعة المعروفة.. والمدهش أن غزارة المحلبية في مطالب جوبا شملت – لأول مرة في تاريخ الخلاف – بعض مناطق ولاية سنار.. وهي خارطة قدمتها حكومة الجنوب ليست بنوايا الإعتداء أو التملك، ولا هي خارطة عدوانية كما تظن حكومة الخرطوم.. بل تلك خارطة قدمتها حكومة جوبا بلسان حال قائل : (انشروا القوات الدولية على الأرض السودانية فقط)، بحيث تظل أرض الجنوب الحدودية معسكرا للمناضلين الأحرار..حكومة جوبا بحاجة الى تمرير النفط ورعاية قوات رفقاء البارحة، وهذا التمرير وتلك الرعاية هما الأجندة الأستراتيجية لحكومة الجنوب..ولكن لا، فاللعبة مكشوفة للوسيط الأفريقي، وكذلك للكرباج الدولي..فالسلام يعني السلام وليس المراوغة، ولن يتحقق ما لم يتم التخلص من كل البؤر التي تعكر صفو الشعبين، شمالاً وجنوباً، ولن يحدث هذا التخلص ما لم تتعمق قوات الرقابة الدولية الي داخل الدولتين بعمق يتجاوز حدود الدولتين، وليس داخل دولة دون الأخرى، أوكما تحلم خارطة حكومة الجنوب.. فلتقدم حكومة جوبا الخارطة التي تحفظ دولة شعبها، بدلا عن تلك الخارطة المراد بها رعاية معسكرات قوات الفرقتين التاسعة والعاشرة داخل الأرض السودانية..ثم على الخرطوم تحسين نهجها البائس، بحيث يسع الوطن كل أنواع المعارضة، مسلحة كانت أو غير مسلحة ..وهذا هو السلام المرتجى، فأهلا به ولو على خطى (الكُرباج الدولي) ..!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]