الطاهر ساتي

قصة الإسعاف رقم (خ/ 5271)…!!

قصة الإسعاف رقم (خ/ 5271)…!!
[JUSTIFY] ** فالمشهد مألوف، ويتكرر يومياً أمام الناس في مشافي البلاد العامة، ولم يعد مدهشاً.. ولكن مشهداً مآسوياً بمستشفى الصداقة بأم درمان لم – ولن – يفارق الخاطر أبداً، وهو من المشافي العامة وصرح عملاق، والشكر لله ثم لحكومة دولة الصين التي شيدت وجهزت هذا المرفق الصحي بكل الأجهزة والمعدات، وسلمته للإدارة السودانية، لينعم بها المواطن السوداني..أما المشهد المأساوي: (درجة الحرارة تتجاوز الأربعين، وعربة تايوتا تقف عند مدخل المستشفى، وامرأة وفتاة ترفعان ثوباً بحيث يستظل شيخ في العقد السادس من عمره، ويرقد على ظهر العربة، في انتظار نقالة المستشفى).. هل على الشيخ الستيني أن يحتمل أشعة الشمس الحارقة أم أعراض مرضه؟، وكم كيلومترا قطعته تلك العربة بهذا الشيخ وبهذا الثوب غير الظليل؟، وكم من الزمن استغرقت رحلته في خضم زحام العاصمة؟، لماذا لم يتصلوا بالمستشفى ويطلبوا عربة الإسعاف؟.. وكان السؤال الأخير مفتاحاً لأبواب الحقائق المؤلمة التالية.. فلنقرأها، ولكن أنصحك صديقي بكظم الحزن، رحمة بصحتك..!!
** فلنقرأ الوثيقة التالية: (السيد/ مدير مستشفى الصداقة.. السلام عليكم ورحمة الله.. الموضوع/ استلام عربة إسعاف.. يهديكم الاتحاد العام لنقابات عمال السودان أطيب التحايا، وبالإشارة للموضوع أعلاه، وحسب توجيه وكيل وزارة الصحة بتسليمنا سيارة الإسعاف خاصتكم: نرجو التكرم بتسليم مندوبنا إبراهيم حاج آدم، مدير العلاقات العامة والمراسم باتحاد العمال، سيارة الإسعاف المتفق عليها، ولكم الشكر.. بروفيسور/ إبراهيم غندور، رئيس الاتحاد).. تلك هي الوثيقة، فاستجابت إدارة المستشقى للتوجيه بالوثيقة التالية: (السيد رئيس اتحاد عمال السودان.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بالإشارة لخطابكم، والخاص بعربة الإسعاف (خ 5271)، لقد تم تسليم العربة للمندوب ابراهيم الحاج، وعليه يرجى الإفادة بالاستلام لتكملة الإجراءات ولإزالة العهدة.. محمد محجوب/ الأمين العام لمستشفى الصداقة).. أها، إذ بتوجيه من وكيل وزارة الصحة الاتحادية، سحب اتحاد عمال السودان عربة إسعاف مستشفى الصداقة، ولذلك يُحمل المرضى على عربات البوكس في هجير الشمس.. وقد تسأل حائراً: ما علاقة اتحاد عمال السودان بالمشافي وعربات إسعافها؟، ولماذا يوجه وكيل الوزارة إدارة المستشفى بتوجيه كهذا، بحيث تسلم عربة المستشفى لاتحاد العمال؟.. فالأسئلة الحائرة في موقف كهذا مشروعة..!!
** اتحاد العمال لم يسحب عربة الإسعاف من المستشفى لنقل عمالها المصابين بداء الغلاء، ولم يسحبها ليسعف بها ذوي الخواطر المكسورة بسبب تدني الأجور.. ولكن سحبها – بأمر وكيل وزارة الصحة – ليتبرع بها لأهل غزة.. نعم غزة الفلسطينية، ولا يظن أحدكم بأن اتحاد العمال تبرع بها لمنطقة سودانية نائية ومسماة بغزة.. ولك أن تعلم يا صديقي: منذ يوم سحب تلك العربة لصالح مرضى غزة، وإلى يومنا هذا، يتم نقل مرضى وجثامين المستشفى الصيني بعربات البوكس.. أهل غزة أولى بعربة الإسعاف، وعلى الأهل بأم درمان أن (يتصرفوا)، أو هكذا نهج اتحاد العمال ووزارة الصحة.. ولذلك يتصرفون، تارة بالبوكس وتارة بالكارو.. بل حتى إدارة المستشفى ذاتها (تتصرف)، بحيث تجلب الدم من بنك الدم تارة بعربة بوكس وأحياناً بعربة هايس.. والحكاية لم تنته عند هذا الحد، بل ما حدث لتلك العربة لاحقا حكاية أخرى (قايمة بذاتها).. لقد عجز اتحاد العمال عن ترحيلها إلى غزة، واجتهد كثيراً وفشل..!!
** لم يعدها إلى المستشفى لتخدم أهل السودان طالما عجزت عن خدمة أهل فلسطين، بل خزنتها في حوش مؤسسة ما اسمها الوطنية.. وعندما علمت إدارة المستفشى بأن العربة لم تذهب إلى غزة، طالبت اتحاد العمال وتلك المؤسسة باسترجاعها لتستفيد منه ذاك المحمول على ظهر البوكس وآخرين.. ولكن سادة الاتحاد والمنظمة قابلوا طلب المستشفى بالرفض، بتبرير فحواه بالنص: (صاح نحن ما قدرنا نوديها غزة، لكن عندنا النية نوديها الصومال).. وهكذا يتواصل الحال البائس يا وزارتي الصحة، المركزية والولائية.. منذ العام 2009، عربة إسعاف مستشفى الصداقة قابعة في حوش تلك المؤسسة بأمر اتحاد عمال السودان، في انتظار ترحيلها إلى الصومال بعد عجزهم عن ترحيلها إلى فلسطين، ومنذ ذاك العام يتم نقل مرضى وجثامين ودم المستشفى بالبكاسي والهايس والكارو والركشات.. وعليه، بعد أن فشل اتحاد العمال في التبرع بها لأهل غزة وشعب الصومال، اقترح له بأن يتبرع بها لأهلها بأم درمان، هذا ما لم يكن ترتيب أهل البوسنة هو الثالث في (قائمة الرعية المستحقة)..!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]