الطاهر ساتي

الأزمة ليست في الأزمة…!!

الأزمة ليست في الأزمة…!!
(الله يستر) .. شلل فكري ..!!
[JUSTIFY] ** في العام 1962، كادت واشنطن وموسكو أن تشعلا شرارة حرب عالمية ثالثة على أرض كوبا بسبب صواريخ روسية، ولكن تراجعت موسكو وأبدت استعدادها على تفكيك صواريخ بلاده مقابل تعهد أمريكي بعدم غزو كوبا، وهكذا انتهت الأزمة التي بلغت مقاماً لوح فيه الرئيس الأمريكي بحرب عالمية ثالثة إن لم تتخلص موسكو من تلك الصواريخ.. عند انتهاء الأزمة، قال وزير الدفاع الأمريكي ماكنمارا: الآن نستطيع أن نقول لقد انتهى عصر الإستراتيجية وبدأ عصر جديد يمكن أن نطلق عليه عصر (إدارة الأزمات).. ومن ذاك التصريح عرفت عقول الساسة مصطلح (إدارة الأزمة)، ثم طورته بحيث يصبح (علماً وفناً)، كيف نجحت واشنطن على إقناع موسكو بتفكيك الصواريخ؟، ولماذا آثرت موسكو التفكيك على الحرب رغم أنها قوة عسكرية موازية لأمريكا؟، إذ في ثنايا الإجابات تتجلى العبقرية التي أدارت الأزمة.. وتعريف الأزمة لم يتجاوز بأنها مخاطر غير متوقعة تهدد المجتمع والدولة، وتعريف إدارتها لم يتجاوز أنها المحافظة على المجتمع والدولة، وذلك بحمايتهما من تلك المخاطر أو تخفيف آثارها في حال عدم التمكن من الحماية الكاملة..!!
** مصطحباً الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، تأمل أهم أسباب حدوث الأزمات، حسب تلخيص علمائها.. تأجيل حل القضية أو تجاهلها بغض الطرف عنها، من الأسباب الأساسية لأية كارثة، وكثيرة هي القضايا التي تجاهلتها الحكومة بغض الطرف عنها – قضية الفساد نموذجاً – بمظان الرهان على الزمن في حلها، وللأسف هذا الرهان الخاسر لم يزد تلك الحال إلا وبالاً، بحيث يصبح (أزمة اقتصادية).. وكذلك ضعف التخطيط وقصر النظر من أسباب الأزمات، ولذلك ليس بمدهش أن تتفاجأ الحكومة اليوم بآثار انفصال الجنوب ثم ذهاب النفط وارتفاع الدولار، رغم أنها هي التي وقعت على احتمال وقوع الانفصال قبل ست سنوات، وإن كانت هناك امرأة في طرف قرية ما تتحسب لقوت عامها في بداية العام بمحض (مطمورة)، فما بال نظام لا يتحسب لما قد يحدث بعد ست سنوات؟.. ثم الأم التي تلد الأزمات، والعلماء يسمونها بالنص (الإدارة العشوائية)، بحيث تعجز فيها الإدارة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، إما لعدم توفر المعلومة أو لعدم مقدرتها على التعامل مع المعلومة بحيث لا تستوعبها بحيث يكون قراراً يجنب الناس والبلاد الأزمة أو يخفف عليهما الأزمة.. وهناك أخطر أسباب الأزمة، وهو (النزاع الداخلي)، أي الصراع على مستوى الإدارات التي تصنع القرارات، ومرد هذا الصراع دائماً وأبداً هو : عدم تجانس الأفراد داخل مؤسسات صناعة القرار، إما لعدم وجود أو ضعف لوائح تنظم مستويات ومواصفات المنصب والقيادي، أو لتجاهل صناع القرار نصوص تلك اللوائح.. تلك هي أهم أسباب حدوث الأزمات، تأملها مصطحباً هذا الواقع الاقتصادي، كمنوذج فقط لاغير..!!
** كيف تواجه العقول الأزمات؟.. سؤال لم يفت على العلماء والخبراء، فصاغوا إجاباتهم بحيث تكون (علماً وفناً).. مصطحباً الارتباك الراهن، تأمل السدود التي يجب تتكسر عليها أية أزمة قبل أن تهلك الزرع والضرع..أولا، سرعة التعامل مع الأزمة، إذ عنصر الزمن يشكل عاملا مهما في تفاقم الأزمة أو تقزمها، حسب إيقاع القيادة وجاهزيتها للتصدي، وكل هذا الارتباك مرده خطى التفكير السلحفائي التي انتظرت الأزمة خمسة أعوام قبل الانفصال ثم عاماً بعد الانفصال.. ثانياً، وهذا أقوى سدود مجابهة الأزمات، وهو الشفافية والتعامل المباشر مع الناس في بحر الأزمة بالحقائق المجردة من كل أنواع الزيف وبلا (دفن الرأس في رمال الأكاذيب)، وهذا السد يقطع حبل الشائعات بحيث تجعل القيادة – وليس تجار الدولار والسلع – هي صاحبة المبادرة التي تمسك بزمام الأمور.. وعليه، فالأزمة لم تعد هي الأزمة الاقتصادية، ولكن في كيفية إدارتها، بدليل أن والي الخرطوم – على سبيل المثال فقط لاغير – ابتدر إدارة أزمة رفع الدعم عن الوقود بعبارة (الله يستر)، وهي عبارة تعكس بأن شلل طرائق التفكير الولائي لم يعد نصفياً، بل (كُلي)..!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]