الطاهر ساتي

مرافعة لصالح الدولة .. فلس شديد …!!

مرافعة لصالح الدولة
فلس شديد …!!
[JUSTIFY] ** قبل ثلاث سنوات تقريباً، في ندوة ما، دار النقاش حول الوضع السياسي الراهن – عامئذ – بالبلد، ونجح باقان أموم في تلخيص الأوضاع السياسية منذ استقلال السودان إلى يوم تلك الندوة، إذ لخصها في عبارة (السودان دولة فاشلة)، فقامت القيامة في سوح السياسة والصحف، نعم، لقد رجمته أحرف بعض أقلام الصحف – ثم أفواه ساسة الحزب الحاكم- بالعمالة والخيانة والارتزاق والسذاجة وغيرها من الأوصاف التي لم تخطر حتى على بال المتنبئ في هجائيته لكافور الأخشيدي، لقد تواصل شتم باقان وسبه شهراً ونيِّفاً، بل أوشكت الحكومة على إصدار قرار بإعفائه من منصب وزارة مجلس الوزراء لولا حكمة حركته الشعبية التي استبدلته بآخر في تشكيل وزاري، ربما منعاً لأزمة ما أو رفعاً لحرج ما، عامئذ، وهم يسترسلون ويسهبون في ذم باقان، تساءلت: ألم يسمع أحدكم بهذا الوصف قبل أن يتفوه به باقان في تلك الندوة؟ وهل ما نحن عليه من انفصال وشيك وتطاحن معاصر، يشير إلى نجاح الدولة أم يؤكد فشلها؟ ثم ما هي معايير الفشل والنجاح، بحيث يكون باقان عميلاً بوصفه ذاك، وغيره وطنياً بوصف نقيض؟ وختمت الزاوية بعبارة مفادها: لقد صدق، فاصدقوا.
** والأربعاء الفائت، على هامش نقاش حول وثيقة أسموها بالوثيقة المرحلية لاستراتيجية الفقر، قال وزير المالية بالنص: (رفع الدعم عن المحروقات شغل دولة مفلسة)، ولم تقم القيامة، أي لم ترجمه تلك الأقلام التي رجمت باقان في ذاك العام، رغم أنها لا تزال تكتب وتفتي في الشأن العام، وكذلك لم تلطمه تلك الألسن التي لطمت باقان في ذاك العام، رغم أن أصحابها لا يزالون على سدة سلطة الحزب الحاكم، وكذلك لم تلمح أية جهة رسمية أن هناك اتجاه بإعفاء وزير المالية لوصفه للدولة بالـ(مفلسة)، ما الفرق بين دولة فاشلة وأخرى مفلسة؟ وما الفرق بين الإفلاس والفشل حين يكونا وصفاً لحال دولة؟ لا فرق، ومع ذلك سلم وزير المالية من كل أوجه النقد والإساءة التي قوبل بها باقان عقب تلك الندوة، والكيل بمكيالين – بحيث يسلم وزير المالية من الشتائم حين يصف الدولة بالإفلاس ولا يسلم باقان حين يصف ذات الدولة بالفشل- يؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك أن الذين هاجموا باقان في تلك السنة لم يكونوا من الصادقين أو كانوا من الجاهلين بحيث توصلوا – لاحقاً – إلى قناعة مفادها (فعلا، دولتنا فاشلة)، ولذلك صمتوا حين وصف وزير المالية ذات الدولة بأنها (مفلسة)، وعليه، فليعتذروا لباقان ولو سراً أو فليعدلوا بينه وبين وزير المالية في (السب واللعن)، هذا ما لم يكن وصف باقان للدولة بالفشل (فقوساً)، بيد أن وصف علي محمود لذات الدولة بالإفلاس (خياراً).
** على كل حال، وصف باقان لم دقيقاً، ربما خانه التعبير، إذ لا ذنب لدولتنا بحيث نصفها بالفشل، فالنخب التي أدارتها هي التي أوصلتها وأوصلت شعبها إلى هذا الانفصال وغيره من الدرك الأسفل، وتلك النخب هي الجديرة بالوصف الذي أطلقه باقان على دولتنا، أي تلك النخب هي الفشل ذاته وليست فاشلة فحسب، هكذا يجب أن نكيل وصف باقان، وبذات الكيل أيضاً يجب أن نكيل وصف وزير ماليتنا هذا، أي لم يقصد وزير المالية دولتنا – في حد ذاتها – بهذا الوصف المهين، ومن المستحيلات أن يصف وزير ماليتنا دولتنا الغالية بالإفلاس، فهو من أبناء الوطن الأبرار وكذلك من أخيار الدولة، ولو تحسن الوضع الاقتصادي بحيث تجد منظمات المجتمع المدني (تمن وقية دهب)، فسوف تكرم بالتأكيد وزير ماليتنا بميداليات ونجوم ذهبية، وذلك نظير حبه لدولته ولتفانيه في عمله – ليل ونهار زي ما قال مدير مكتب وزير التجارة – لخدمة هذه الدولة، ورجل بهذا الحب والإخلاص للدولة السودانية، لا يمكن أن يصف تلك الدولة بالـ(مفلسة)، لقد خانه التعبير، كما خان باقان في تلك الندوة، أي وزير ماليتنا لا يقصد الدولة السودانية بهذا الوصف المعيب، بل يقصد (اللي كانوا السبب في إفلاس الدولة)؛ فلاتهاجموه.
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]