الطاهر ساتي

نواب الشمالية … (القُحة ولا صمة الخشم)..!!

نواب الشمالية … (القُحة ولا صمة الخشم)..!!
[JUSTIFY] ** عذراً، فليكن عرض وتنقيب تقرير المعادن في مساحة أرحب لاحقاً.. فالسياسة بالشمالية تشهد تطوراً، ورغم أن الحدث يبدو صغيراً ومحدودا في إطار جغرافي صغير إلا أنه حدث إيجابي في مسار العمل السياسي في طول البلاد وعرضها، وما حدث كان يجب أن يحدث في ولايات السودان الأخرى، بل في المركز أيضاً، ليس في هذا العهد فحسب، بل في العهود الفائتة أيضاً.. لقد اجتمع المجلس التشريعي وفاجأ الحكومة هناك بسحب الثقة عن وزراء المالية والزراعة والتخطيط العمراني، ثم تقدم أحد النواب بمقترح سحب الثقة عن الوالي في جلسة التاسع من يوليو القادم، فوجد المقترح قبولا بنسبة تجاوزت (75%)، والسبب الأساسي (فشل حكومة خليل في إنجاز أي مشروع تنموي)..مثل هذا الحدث لم يحدث في تاريخ السياسة السودانية، ولقد أوشك مجلس الشعب في عهد مايو ذات مرة على إصدار قرار يسحب الثقة من فاطمة عبد المحمود عندما كانت وزيرة للرعاية الاجتماعية على خلفية ضعف الأداء، ولكن أعضاء المجلس تراجعوا عن القرار بعد أن تدخل النميري في ساعة الصفر و(اداهم العينة الحمراء)..وغير ذاك الحدث المايوي، لم تشهد سوح السياسة في مختلف عهودها الديمقراطية والشمولية – مركزية كانت أو ولائية – مجرد محاولة كهذه، ناهيك عن الفعل كما حدث في الشمالية مساء السبت الفائت.. فالواقع – منذ الاستقلال والى يومنا هذا – يشير بأن مهام الأجهزة تشريعية ورقابية – مركزياً كان أو رقابياً- هي طاعة وخدمة الأجهزة التنفيذية، ولهذا يجب أن نحتفي بما حدث في الشمالية، لأنه (شيء جديد) و (مولود فريد)..!!
** وما لم تتدخل رئاسة الجمهورية أو مركزية الحزب الحاكم، كما تدخل نميري سابقاً، فتلك ظاهرة صحية وقد تعيد الكثير من الأمور الى نصابها، في حال أن تقتدي مجالس الولايات الأخرى بمجلس تشريعي الشمالية، أي ما لم تظل مطيعة وخادمة للولاة والوزراء، كما الحال الآن ..لقد كان نصاب المجلس مكتملاً، بحيث لم يغب عن الاجتماع غير رئيس المجلس الذي آثر الهروب من الواقع وجاء الخرطوم مرافقاً الوالي وآخرين، وكذلك غاب الوزارء الذين يستهدفهم الاجتماع، ولكن نجح نائب رئيس المجلس في إدارة الاجتماع ذات النصاب المكتمل، إلى أن وصل به الى قرار سحب الثقة عن وزراء المالية والزراعة والتخطيط العمراني، ثم مقترح آخر بسحب الثقة عن الوالي، وافق عليه (34 نائباً) من جملة (48 نائباً)، على أن يكون موعد التنفيذ الجلسة القادمة، حضرها الوالي أو لم يحضرها.. وفي تقديري، لقد تأخر نواب الشمالية كثيراً في اتخاذ هذا القرار، ولكن أن يأتي أخيراً خير من ألا يأتي نهائياً..إذ أداء حكومة خليل بالشمالية طوال السنوات الفائتة لم يتجاوز أداء (أي صراف آلي)، بحيث تكتفي باستلام أموال الفصل الأول من الخزينة المركزية ثم يصرفها على المعلمين وبقية العاملين، و(خلاص)..!!
** لقد تقزمت الرقعة الزراعية بالشمالية الى ما دون نصف رقعة الأعوام الفائتة بلا أي تبرير مقنع غير ( الناس مشوا الدهب )، أو هكذا يبررون.. هذا (أُس البلاء)..واستبشر الأهل خيراً بمشروع كهربة المشاريع، وهو المشروع الذي كلفت الدولة قرضاً قيمته (50 مليون دولار)..ولكن، حسب تقدير نواب المجلس، لا ترغب الحكومة في صرف تلك القيمة بحيث تنقذ كل المشاريع الزراعية الكبيرة والصغيرة من وعثاء قيمة الوقود وكآبة تكاليف الإسبيرات، وقيمة هذه وتكاليف تلك حين تضاف اليها الرسوم والإتاوات يصبح المزارع معسراً ومتعثراً رغم أنف إنتاجه..ولذلك استبشر الزراع خيرا بمشروع كهربة المشاريع، ولكن حكومة الولاية ترغب في صرف (50 مليون دولار) في ( خمسة مشاريع فقط لاغير)، علما بأن تكلفة كهربة مشروع صغير لا تتجاوز ( أحدعشر الف جنيه بس )، ولك أن تتخيل عدد المشاريع التي يمكن أن تنهض ب (خمسين مليون دولار).. تلك كانت قاصمة الظهر التي أغضبت نواب المجلس التشريعي، وتساءلوا طويلا (باقي القروش دي بتمشي وين؟)، ثم سحبوا الثقة من ثلاثة وزراء (مرة واحدة)، وتأهبوا لسحب الثقة من واليهم أيضاً.. لقد أحسن نواب برلمان الشمالية عملاً بهذا القرار المحاسبي، ويجب المضي قدما نحو القرار التالي، وعليهم أن يعضوا على موقفهم هذا بالنواجذ، بحيث لا تتدخل جهة مركزية (وتديهم العين الحمراء).. وللأسف، إني أشتم رائحة هذا التدخل غير الحميد منذ مساء البارحة، فالخرطوم دائما تتغول بقبضتها المركزية على سلطات الأخريات، وتحب أن تكون هي (اللى تعفي واللى تعين ).. ولذلك، يجب مؤازرة نواب الشمالية في قضيتهم هذه بنصيحة مفادها ( فليمض قراركم الى حيث التنفيذ أو امضوا على استقالاتكم ).. وعلى بقية مجالس ولايات السودان مراعاة ظروف الناس والبلد بمثل هذا الموقف، وعسى ولعل موقفاً ولائيا كهذا يثير (غيرة برلمان أحمد إبراهيم الطاهر) ..!!
[/JUSTIFY]

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]