عبد اللطيف البوني

والبال في مكان آخر

[JUSTIFY]
والبال في مكان آخر

أصدر البنك الدولي تقريرا عن الحالة الاقتصادية لدولة جنوب السودان وصفها بالمريعة والشديدة التعقيد خاصة بعد قفل أنبوب النفط، وقال التقرير إن هذه الدولة سوف تنهار اقتصاديا في شهر يوليو القادم إذا استمرت الأوضاع على هذ المنوال وفيما بعد أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا عن حالة السودان الاقتصادية واصفا إياها بالكارثية وطالبها بأن تجري عمليات جراحية عاجلة منها تعويم سعر الصرف وتقليل الإنفاق ورفع الدعم عن كافة السلع استراتيجية كانت أم كمالية.
قبل هذين التقريرين المشار إليهما في الفقرة أعلاه كانت كل من دولة السودان ودولة جنوب السودان تنظر إحداهما للأخرى منتظرة أن ترى فيها يوما يغنيها عن التفاوض معها إنما مع خليفة لها بمعنى جوبا تنتظر تغييرا في تركيبة الخرطوم الحاكمة والخرطوم كذلك تنتظر نفس الشيء في جوبا ثم جاءت التقارير الدولية لتزيد حالة الانتظار تمسكا، طبعا هذا بالإضافة لتقارير أخرى من أجهزة أخرى داخلية وخارجية كلها تدعم فكرة أن هناك تغييرا داخليا كبيرا منتظرا في أحد البلدين.
مثل تلك التقارير من المصادر المختلفة جعلت الوفدين يجلسان للتفاوض في اديس اببا ولكن البال يتجه للعاصمتين جوبا والخرطوم ثم جاء قرار مجلس الأمن 2046 ليضع حدا زمنيا لذلك التفاوض وهو الثاني من أغسطس القادم وبعد ذلك سوف يتدخل (المجتمع الدولي) ويفض التنازع بالطريقة التي يراها، فأصبح وهذا ورقة جديدة في يد دولة جنوب السودان لأن ثقتها في المجتمع الدولي لا تحدها حدود بينما حكومة السودان شديدة الارتياب في المجتمع الدولي لسوابقه معها فهذا المجتمع الدولي له قصة ريدة قديمة مع جوبا وقصة جفوة قديمة مع الإنقاذ.
كل الذي تقدم يوضح بجلاء أن حكاية مفاوضات اديس اببا لا راجع منها فهي مسبوقة بانتظار متغيرات بعيدا عن اديس كما أنها مختومة بانتظار تدخل دولي بعد الثاني من أغسطس عليه يبقى السؤال طالما أن الأمر كذلك فلماذا القومة والقعدة وامبيكي والمراقبين الدوليين والذي منه؟ إنها لعبة السياسة الدولية فهي دائما تجعل الأنظار العالمية (الوسائط الإعلامية) متجهة إلى جهة لزوم التصبير حتى تنضج الطبخة بينما الحفر والدفن أي الطبخ الحقيقي في مكان آخر، وكلنا يذكر المفاوضات الفلسطينية / الإسرائيلية التي تمخضت عنها السلطة الوطنية الفلسطينية التي ترأسها عرفات حيث كانت مفاوضاتها المعلنة في مدريد وواشنطون بينما الطبخة الأصلية في اوسلو.
لو صح ما ذهبنا إليه من ظن أعلاه فستصبح مفاوضات أديس الجارية الآن ما هي إلا لعبة لصرف النظر عن شيء آخر يخطط له في عواصم أخرى من بينها الخرطوم وجوبا ومع ذلك هناك احتمال ضعيف وهو إذا بقيت الأمور على ما هي عليه في البلدين أن تخرج اللعبات الخطرة البعيدة عن اديس في اديس أي يكون التوقيع على ما اتفق عليه بعيدا عن اديس في ذات اديس ليمنح أمبيكي جائزة سلام (تحت شوية) لجائزة نوبل كما حدث لسيموبيا بتاع نيفاشا فاللهم، اجعله خيرا.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]