الدواء … التحرير و مواجع أخرى ..(1)
** تحرير سعر الدواء .. أي لن تفتح المصارف الإعتمادات للشركات بحيث تستورد الأدوية بالسعر الرسمي للدولار، وكذلك لم تعد السلطات الحكومية مسؤولة عن تحديد أسعار الأدوية بحيث لايتجاوز هامش الربح (20%)، أو كما كان.. بل قالت الحكومة للشركات، قبل نصف شهر تقريباً، بوضوح ( إشتروا الدولار من السوق الأسود، وجيبوا أدويتكم وبيعوها بأي سعر يعجبكم)..وهذا يعني بأن الحكومة لم تعد داعمة للدواء ولم تعد مراقبة لسعر البيع، وكل هذا يسمى – إقتصاديا – بالتحرير..ولكن تنفيذ نهج تحرير سعر الدواء في السودان يعني (ترقب المزيد من الضنك)..وهذا ما يحدث حالياً في سوق الدواء، ولكن الذين يتعالجون في لندن وألمانيا والأردن بأموال الشعب لايشعرون.. نعم، لقد أغلقت شركات الأدوية مخازنها منذ ثلاثة أيام وتوقفت عن البيع، و تترقب – بتوجس – الزيادة المتوقعة والناتجة عن إرتفاع سعر الدولار في السوق الموازي..ونعم ألغت الحكومة قيمة الجمارك (10%)، ولكن هذا لن يحدث أي أثرا إيجابي في ظل تواصل الإستيراد بدولار السوق الأسود الذي يتصاعد سعره يوماً تلو الآخر..فالإرتفاع الجنوني لسعر الدولار في السوق الأسود – كسواد نهجكم – هو مصدر قلق شركات الأدوية، وحتما سيدفع المواطن المنكوب ثمن هذا الإرتفاع، ما لم تراجع المالية و البنك المركزي قرارهما بإعادة فتح الاعتماد بالسعر الرسمي و ما لم يمارس المجلس القومي للصيدلة دوره في ( التسعيرة).. بمعنى : ما لم يستقر سعر الصرف ويحدد سعر الدواء، فالمواطن في خطر ..!!
** ثم نأتي الى الآفة الكبرى ( الإحتكار الخفي)..التحرير بحاجة الى سوق حر، ولكن للأسف سوق الدواء بالسودان ليس حراً، والسبب هو المجلس القومي للصيدلة..نهج هذا المجلس ساهم كثيراً في (ضعف عدد الأصناف الدوائية المسجلة في بلادنا).. ولك أن تعلم ياعزيزي بأن عدد الأصناف الدوائية المسجلة بالسودان – كم وتلاتين مليون نسمة – لايتجاوز (2.300 صنف فقط لاغير)..علما بأن دولة تونس ذات الكثافة السكانية (10 مليون نسمة)، نجحت في تسجيل ( 10.000صنف).. أي كثافتنا السكانية ثلاثة أضعاف الكثافة السكانية لتونس، ومع ذلك يستخدم الشعب التونسي أربعة أضعاف ما يستخدمها شعبنا من الأصناف الدوائية.. تعدد الأصناف يعنى أن هناك بدائل لكل صنف دوائي، وهذا يمنع الإحتكار ويخلق المنافسة الحقيقية بين الشركات والوكلاء..ولكن في السودان لا توجد أصناف عديدة ليختار المواطن ما يشاء وحسب السعر، بل يوجد إحتكار خفي، ولكن بعلم (مجلس الصيدلة)..ومن هنا تتواصل – غداً باذن العلي القدير – مواجع سوق الدواء..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]