الطاهر ساتي
« … ضل الدليب …»
** الجدير بالانتباه فى هذا الحدث أن المؤسسة اختارت الإسكندرية موقعا لحفل هذا العام ، رغم أن الفائز بالجائزة ليس رئيسا مصريا سابقا ، بل هو رئيس بوتسوانا السابق .. لو لم يكن الحفل أو الحدث كله عملا دعائيا لمؤسسة مو ، فان طرائق التفكير السليمة تشير بأن الدولة التي حكمها هذا الفائز برشد هى التى يجب أن تحظى بشرف إقامة الحفل ، وسط شعبها الذي أنجب هذا الحاكم الراشد ، ولكن اختيار المؤسسة لمصر – مركز الإعلام العربي والافريقي- أرضا للحفل ، مرده توزيع الحدث إعلاميا في أكبر رقعة إعلامية ممكنة ، ونجحت المؤسسة في هذا الاختيار ، حيث لا موضوع لصحف القارة وقنواتها وإذاعاتها منذ عشرين أكتوبر الفائت وإلى يومنا هذا إلا : مؤسسة مو ..والطريف في التناول الإعلامى للحدث تلاحظ أن الحديث عن مو ومؤسسته يكون أضعاف حديثهم عن الفائز بجائزتها ، أي اسم الفائز إما يرد عابرا أو لا يرد ..وهنا تطل ب..« عبقرية المستشار الإعلامي للمؤسسة » ..!!
** تأمل كيف يتمنى موقاي الفائز بالجائزة ، حيث يقول : أتمنى أن تلهم الجائزة آخرين في افريقيا وتهديهم سبل الرشد .. هكذا يتمنى موقاي وهذا مايتمناه مستر مو أيضا ..ولكن أحدهما طيب والآخر ذكي ..حيث موقاي لايعرف بأن طموح الحاكم الافريقي أكبر من تلك الملاليم ولهذا يحكم مدى العمر بغير رشد .. موقاي بطيبته لايعرف مدى طول وعرض وعمق طمع الحاكم الافريقي، ولكن مستر مو بذكاء إعلامه يعرف هذا جيدا ، ولذلك عزف بتلك الملايين ، والتى هى عند الحاكم الافريقي حفنة ملاليم ، عزف بها في أوتار مشاعر الشعوب الافريقية وأشواقها ..فأصبح مستر مو ومؤسسته والعاملون معه هم الراشدون قولا وفعلا عند الناس والإعلام في افريقيا ، وليس حكامهم ..وهنا أيضا يتجلى ذكاء مستشار مو الإعلامي ..ولو كانت صحف افريقيا ذكية لأحتفت بعبقرية هذا المستشار بعيدا عن الرشد الافريقي المفترى عليه في خضم الحدث ..!!
** المهم ..نقر ونعترف بأن لمستر مو حق التصرف في أموال مؤسسته الخاصة ، بارك الله فيها وزادها حلالا طيبا ، ولانكتب إلا من حيث تناول حدث لم يعد خاصا .. ولكن إن كان مو جادا في غرس الحكم الراشد في أرض افريقيا ، فعليه أن ينشط في ذلك بحقن عود افريقيا بأنسلوين الرشد وليس فروع افريقيا ، وأعنى بالعود الشعوب وبالفروع حكامها ، إذ لن تطيب رائحة الفروع ما لم يكن عودها طيبا ..وحكام افريقيا ، الراشدون منهم والفاسقون ، لا تمطرهم سحب الخريف على أرض بلادهم ، بل انهم ثمار زرع مسمى بالمجتمع الافريقي وثقافته وعاداته وتقاليده وأمراضه وجهله ..تنظيف أرض هذا الزرع من الجهل والمرض والفقر قد يساهم كثيرا ، آجلا أو عاجلا ، فى إنتاج ثمار الحكم الراشد بدون مغريات وجوائز ..مثلا ..تأسيس فضائية واعية يديرها مثقف صومالي واعٍ خير للصومال من منح زعيم إحدى فصائلها مال قارون ، أو تأسيس إذاعة راشدة يديرها كنغولي راشد خير للكنغو من إغراء زعيمها بذهب المعز ، أو تأسيس مؤسسة صحفية ناضجة لصحفي يوغندي ناضج خير من التلويح بحدائق بابل لموسفينى ، أو توزيع مؤسسات تعليمية ومدارس محو أمية ومراكز تثقيفية على بلاد القارة اليوم خير لغد البلاد من انتظار تنحي احد حكامها ليستلم شيك المؤسسة .. الوعي الشعبي ، في أي مكان وزمان ، هو الدواء الناجع لداء الحكم الفاسق ، أو هكذا يجب أن يفكر مستر مو إن كانت الغاية هي ..« الحكم الراشد » …!!
** حال حكام افريقيا ما هو إلا ملخص لحال شعب افريقيا ، فأصلح حال الشعب ما استطعت إلى ذلك سبيلا يا مستر مو ، لينصلح حال حكامه آجلا أو مستقبلا ..هذا إن كنت تسعى لإصلاح حال افريقيا وليس لإعلاء شأن المؤسسة … وطبعا لن أحدثك عن حال واقع بلدك وأهلك ، فالحال لا يخفى عليك ، ولكنك حر في أن تكون كما شجرة الدليب و..« ظلها » ..!!
إليكم – الصحافة السبت 29/11/2008 .العدد 5545
tahersati@hotmail.com [/ALIGN]