قائد إنتفاضة دارفور 1981 م رقم عشرة في مذكرة العشرة في حوار فتح الباب الموارب (1- 2)
هل ترى إقتراب موعد حل الأزمة في دارفور؟
– أنا لا أعتقد أن كل الكادر السياسي من حركات وغيرها.. أنهم يمكن أن يقدموا حلاً لإشكال دارفور.. والحركات هذه ليست لها كوادر مقتدرة ولا الأحزاب الأخرى- كما أن أحزاب الحكومة والحركات المسلحة غير قادرين في إدارة الأمر في دارفور- وبالتالي فالمطلوب كوادر مسؤولة تملك القدرة لمعالجة قضايا الناس وقضايا دارفور المعقدة.
ذهاب الإدارة الأمريكية السابقة ومجيء إدارة جديدة.. هل يمكن أن يغير شيئاً في التعامل الدولي لقضية دارفور؟
– قطعاً السياسة الأمريكية لها ثوابت وأهداف وإستراتيجيات.. وبالتالي السياسة هناك لا ترتبط ببوش ولا بأي شخص يتولى القياد ة الجديدة.. وعليه يكون هناك تغيير كبير.. وأنا لست من المتفائلين بحدوث تغيير كبير بذهاب بوش.. فالموقف العدائي الأمريكي لن يتغير تجاه السودان ولا سوريا ولا أفغانستان، بل من الممكن أن تضاف باكستان في الفترة المقبلة، بل وتتسع دائرة العداء الأمريكي للدول الحرة وإسرائيل ستظل الصديق الأول الوفي لأمريكا.
شخصيات مثل دريج وعلي الحاج أيهما له تأثير كبير على قضية دارفور ومجربات الأمور هناك.. وهؤلاء هل هم الآباء الروحيون للحركات؟
– الأمر ليس كذلك.. واذا ما أخذنا علي الحاج فهو رجل ليس له وجود في دارفور.. فكل كسب علي الحاج كان يستند على البعد القومي وليس الدارفوري.. وفي زمان مضى كان قد ترشح في دارفور وسقط واذا ترشح الآن أيضاً سيسقط، وبالتالي أقول إن علي الحاج ليس الشخصية المهمة في دارفور.
أما دريج فقد كان في فترة من الفترات من زعامات دارفور ولكنه خرج منذ فترة مايو وأبتعد عن العمل السياسي وعن صلته بدارفور نفسها.. وبالتالي ليس له أثر- وقد حاول مؤخراً أن يعود للسياسة بغرض التقرب من الحكومة.. لكنه الآن ليس لديه وجود سياسي في دارفور.
هل يمكننا القول إن غياب الكارزيمات الدارفورية هناك يشكل أزمة في حد ذاتها.. بإعتبار أنهم إن وجدوا مهمون في الحل؟
– صحيح لا توجد قيادة دارفورية الآن أستطاعت أن تقنع دارفور بقيادتها.. وطبيعة الصراعات الحديثة هناك ضيقت مساحات التعامل بين المجموعات المختلفة.. فدارفور سابقاً كانت المساحة فيها واحدة وكان من الممكن أن تكون فيها قيادة.. ولكن الآن أصبحت المسألة مختلفة.. غير أنه وسط هذا الأ فق كله هناك قيادات جيدة ومقتدرة يمكنها أن تقود العمل اذا تحقق المناخ الجيد.. لأن الأرضية نفسها ما عادت صالحة لقيادة شاملة- بالشكل الذي يمكن أن يتصوره الناس.
قوات اليوناميد هل تاهت هناك؟
– هذه القوات لا حول لها ولا قوة.. فهي أنحصرت في كونها إستطلاعية وتقاريرية بفرض الوجود فقط لتكون مقدمة تبرهن للناس أنها قوات لا جدوى منها لتمهد بذلك للحاجة الى دخول القوات المطلوبة وفقاً للرؤية الأوربية والغربية.. وبالتحديد أمريكا.
وهل نحن أقرب الآن للسلام حقيقة في دارفور أم أبعد؟
– أنا لا أظن أننا قد أقتربنا من السلام.
من جملة حركات دارفور أيها تراها أقرب للمعقولية ؟
– حقيقة جميع هذه الحركات بنيتها خاطئة.. أي أنها مبنية على أساس قبلي وعنصري.. وبالتالي لا توجد حركة من هذه الحركات يمكن أن تقدم عملاً سياسياً- فقط من الممكن أن تقدم عملاً قبلياً ونجاحات قبلية.. أنا أعتقد أن الحركة الشعبية كان أثرها كبيراً في حركات دارفور ومن أخطائها أنها تبنت في دارفور فئات وتركت فئات.. وقيادة هذه الحركة كانت ولا زالت ترفض أي لقاء بالأجنحة الأخرى في دارفور وكل الحركة الشعبية بهذا الشكل وهذا الفهم الداعي للأفريقية.. وهذا المنطق يدخل ضمن النظرية الكبرى.. وبالتالى الحركة العنصرية أنتقلت الى دارفور.. فكانت جميع حركات دارفور بهذا الفهم.. وعليه فإن حركات مثل هذه لا تصلح لإدارة بلد مثل السودان.. لأن دعوتها دعوة تمزيق.
هل للترابي يد في قضية دارفور؟
– لا أرى دوراً للترابي هناك.. فهو ليس من العناصر المؤثرة في تلك المنطقة.. فالحركات هناك قبيلة جنوداً وقيادة.. وبالتالي لا أرى أي علاقة بين حسن الترابي وحركات دارفور.
لقد شاركت مع الإنقاذ في بواكير عهدها وكنت وزيراً في وزارات مختلفة.. فهل تتحمل مسؤولية كل الحقبة الإنقاذية مع الآخرين؟
– أنا شاركت وأستقلت بمحض إرادتي.. وأتحمل مسؤولية العمل الذي قمت به والفترة التي شاركت فيها.. ولكن منذ مذكرة العشرة أبتعدنا تماماً بسبب سيطرة البعض على الأشياء والإنحراف بالمذكرة عن المسار.
بما أنك لست حركة إسلامية لماذا دخلت في مذكرة العشرة بدايةً؟
– مذكرة العشرة ليست حركة إسلامية، بل كانت إصلاحاً لمسار.. فمذكرة العشرة لم يكن موضوعها الحركة الإسلامية ولا المشروع الإسلامي، بل كان موضوعها شكل الحكم المقترح.
لقد كنت من المائة المؤسسين للمؤتمر الوطني.. فمن حيث النظرية والتطبيق والواقع على الأرض.. هل تعتقد أنه يسير على ما يرام؟
– حقيقة المؤتمر الوطني نظرياً هو من أجود الأوعية السياسية التي تصلح لهذه البلاد.. ولكن ما يجري من ممارسة وتطبيق الآن مختلف عن النظرية.. فالمؤتمر الوطني كفكرة ونظرية صمم وأسس لأن يكون إطاراً أو مساحة تسع أكبر قوى سياسية سودانية.. لأن الديمقراطية الثالثة ما يؤخذ عليها، بل وواحدة من أسباب فشلها هو إهمال المشاركة الشعبية.
الآن البشير أقرب الى السيدين الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني فيما أبتعد تماماً عن الترابي.. كيف تنظر لهذه النقلة؟
– أنا أعتقد أن التراضي الوطني الذي جاء به الصادق المهدي هو صفقة لا أكثر من ذلك وليس شطارة سياسية.. وفي هذا يتنافس معه الميرغني.. وذلك في من يكسب من.. وكل هذا ليس فيه قيمة وطنية.
كيف أمتدت يد الكيان الصهيوني الإسرائيلي لهذه البقعة الطاهرة.. لا سيما وأن بعض الحركات قد بدأت تلجأ لإسرائيل مؤخراً؟
– حقيقة الضلوع الإسرائيلي في قضية دارفور غير مفاجيء.. فنحن على علم بأن اليهود هم وراء أول حملة إعلامية ظهرت في الميديا العالمية حول هذه القضية.. ومنذ العام 2003م بدأ اللوبي اليهودي ينشط ويحرك القضية في كل الإتجاهات على مستوى اللوبي الأمريكي والأوربي- وهناك 48 منظمة يهودية موظفة توظيفاً كاملاً لجمع المال وعمل نشاط في المدن الرئيسية في العالم.. وبعض قادة حركات دارفور نالوا تدريباتهم العسكرية في إسرائيل كما أن كثيراً من السلاح قد جاء من هناك.. فهناك جهد إسرائيلي ضخم جداً.. منه إقناع أمريكا نفسها لمساندة الحركات.. وإسرائيل تعتقد أن عملها في أفريقيا قد أثمر.. بإعتبار أنها قد بدأت نشاطها في هذه القارة مبكراً- وإسرائيل أهدافها واضحة.. منها السيطرة على المياه والحد من النفوذ العربي.. كما أنها تسعى لتحجيم نفوذ بعض الدول.. فالدور الإسرائيلي ليس بالجديد ولا المفاجيء.. وكل المنظمات الأجنبية العاملة في السودان 90% منها كوادر إسرائيلية- فالتغلغل الإسرائيلي في السودان يدخل في إطار برنامج أفريقي شامل.. وبعض رؤساء الدول الأفريقية لهم علاقة مباشرة بإسرائيل.
كيف تنظر للإنقاذ الآن وأنت كنت وزيراً فيها؟
– الحكومة القائمة الآن هي حكومة وحدة وطنية.. وبالتالي نقول إن الإنقاذ ذهبت وذهبنا معها.
بحكم أنك كنت وزيراً لأكثر من وزارة في بواكير عهد الإنقاذ.. كيف لنا أن نقارن بين وزير الأمس ووزير اليوم.. فهل هناك أي وجه شبه؟
– صديق قال ذات يوم ممازحاً إن مشكلة هذا البلد تكمن في أن (الشيالين قد أصبحوا فنانين) في عشية وضحاها. فنحن لا نقول إن لا تتواصل الأجيال.. ولكن فقط لابد من أن تأخذ قسطها الكامل من التدريب والخبرة والدراية.. لأن خطأ المسؤول إن حدث فهو كبير.
الناس يتحدثون دائماً عن الفساد.. فهل في عهدكم كانت هناك شبهة مثل هذه؟
– ما نعتز به في تلك الحقبة الأولى من الإنقاذ أنه لم تكن هناك نغمة مثل هذه.. فنحن كنا نعمل لقضية وطنية.. وأنا كوزير على سبيل المثال جئت للوزارة وأنا مستأجر منزلاً وخرجت منها كذلك وأستخدم المواصلات العامة.[/ALIGN] اخر لحظة