الطاهر ساتي

محاس.. وجائزة نوبل للحياة ..!!

محاس.. وجائزة نوبل للحياة ..!!
** بالصين، على سبيل المثال لا الحصر، لو تجرأت شركة أو صيدلية على توزيع أدوية منتهية الصلاحية للمرضى، فان سقف العقاب قد يتجاوز السجن والغرامة الى الإعدام مباشرة..إذ توزيع الأدوية ذات الصلاحية المنتهية بمثابة توزيع للمرض والموت، ولذلك القانون لايرحم..وهذا ليس في الصين فحسب، بل في كل الدول التي أجهزتها الرقابية تقدس حياة الإنسان وقوانينها تحترم آدميته..فكيف حال تلك الأجهزة بالسودان؟..وماذا تفعل أمام أدوية منتهية الصلاحية وتباع في الصيدليات تحت سمع وبصر القانون؟..بالتأكيد الأجهزة وقوانينها تعاقب أصحاب تلك الأدوية وشركاتها وصيدلياتها، أليس كذلك ؟..نعم، فلنتأمل العقاب..ولكن قبل التأمل، أنصح كل من يصرف أدوية ببطاقة التأمين الصحي بأن يراجع تاريخ الإنتاج والإنتهاء، ويتأكد من الصلاحية، قبل دفع المبلغ ..أي كن حريصاً على نفسك وأسرتك، أذ حال الأجهزة الرقابية وقوانينها كما يلي نصاً.. فلنقرأ الحال ..!!

** محاسن صالح، محامية تقطن بالخرطوم وتعالج تحت مظلة التأمين الصحي بالولاية..مرضت وذهبت للطبيب، وبعد التشخيص حملت روشتة الأدوية وقصدت صيدلية شوامخ التابعة لهيئة التأمين الصحي بالخرطوم جنوب، وإستملت أدويتها ودفعت ما عليها وعادت الى منزلها..هناك، راجعت تواريخ الإنتاج والإنتهاء، وإكتشفت بأن صلاحية أدويتها إنتهت في ( 9/9/2009).. ومع ذلك، تباع وتوزع للمرضى جهاراً نهاراً.. بعد الدهشة والتحسر والحزن، وبوعيها ونهجها القانوني، كتبت شكوى الى المدير العام لهيئة التأمين الصحي بولاية الخرطوم، بلسان حال قائل : ( يا عالم صلاحية أدويتكم دي إنتهت قبل كم سنة، إنتو عايزين تغسطوا حجر الناس ولا الفهم شنو؟)، وأرفقت مع الشكوى روشتة التأمين الصحي والأدوية وعنوان الصيدلية، وإنتظرت نتائج التحقيق والتحري و..( العقاب المناسب)..!!

** وكانت الهيئة عند حسن ظنها، إذ أحسنت عملاً بالتحقيق من صحة الشكوى ونزاهة المعلومات.. وبعد ثلاثة أسابيع من التحقيق، كتب مدير إدارة تنمية الموارد بالهيئة التوصية التالية لمدير إدارة التغطية الشاملة، فلنقرأ التوصية..( بالإشارة للشكوى المقدمة من المشتركة محاسن صالح، وبعد التحقيق في الموضوع : 1/ الشكوى صحيحة.. 2/ مصدر الدواء كان مخزن الدواء .. 3/ بعد الرجوع لمدير المخزن، تبين أن شركة أعمال الولي هي التي وردت الأدوية للمخزن .. 4/ بعد الرجوع للشركة، أوضحت بأن الأدوية مرتجعة من مستشفى إبن سيناء، وتم تورديها لمخازن صيدليات شوامخ مباشرة ولم تمر بمخزن الشركة للتأكد من صلاحيتها.. 4/ المسؤول الرئيسي عن الخطأ هو الشركة، لإستلامها أدوية منتهية الصلاحية من ابن سيناء وتوريدها لمخازن شوامخ)..هكذا نتائج التحقيق، حسب نصوص مدير إدارة الموارد البشرية بالهيئة، فتأملوها مرة وأخرى و ثالثة..!!

** الشركة فقط هي المسؤولة عن توريد تلك الأدوية، وليست الهيئة – وشوامخها – التي إستلمتها و خزنتها ثم رحلتها لصيدلياتها ووزعتها للمرضى..وهنا ثمة أسئلة يجب توجيهها لضمير هذا المتحري : حسناً، فلنقل الشركة مسؤولة عن توريد تلك الأدوية لمخازن هيئتكم.. ولكن، هل وردتها بغير علمكم؟، أم وردتها بالليل وأنتم نيام؟..من المسؤول عن فحص وإستلام أدويتكم؟، ومن المسؤول عن مخازن شوامخكم وصيدلياتها؟، ومن هم صيادلة الهيئة – وشوامخها – الذين يدفع لهم المواطن راتبهم وحافزهم ليكونوا حماة له من الأدوية ذات الصلاحية المنتهية؟، ولماذا تجاوزتهم جميعاً – يا مدير الموارد – بحيث تختزل المسؤولية في الشركة فقط ؟..هذا ليس من العدل، ما لم يكن التهرب من المسؤولية هو العدل في نهجكم..نعم، شركاء تلك الشركة وهيئتكم في إستجلاب وتوزيع الأدوية ذات الصلاحية المنتهية..!!

** ثم نطرح سؤال المخيف : كم غيرها في مخازنكم وصيدلياتكم، بحيث تم أو يتم توزيعها لمن لايعلمون؟..بمعنى، كم محاسن إشترت؟، وكم محاسن إستخدمت؟، وكم محاسن تعرضت للمخاطر(موتاً كان أو مرضاً)؟، وكم محاسن لم تجد طريقاً الى التنبيه بالشكوى والتحذير بالصحافة؟..لمثل هذه الأسئلة المخيفة تسن الدول من العقاب ما هو قادر على حماية الناس والبلد..ولكن، تأملوا العقاب في السودان أيها الأفاضل، إذ تقول التوصية الأخيرة للتحقيق بالنص ( تم توجيه المخزن بعدم التعامل مع الشركات إلا بعد مراجعة العبوات).. يا للسعادة، بعد نصف قرن من الإستقلال – بل بعد كم الف سنة من عمر البشرية – توجه جهة حكومية مخازنها بعدم إستلام الأدوية من الشركات إلا بعد مراجعة العبوات والتأكد من صلاحيتها..اقترح ترشيح محاسن لجائزة نوبل للحياة، إذ لولاها لما إكتشفت تلك الهيئة أهمية التأكد من صلاحية الأدوية قبل شرائها و توزيعها للناس ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]