عبد اللطيف البوني

الرضاعة فوق الصرار


[JUSTIFY]
الرضاعة فوق الصرار

ما أسهل وأمتع الرضاعة لأنها تعطيك المادة الغذائية في شكلها النهائي ولاتحتاج منك حتى لعملية المضغ السهلة لكن مشكلة الرضاعة تكمن في الخطوة التي تليها وهي الفطامة فالذي يدمن الرضاعة يصعب فطامه لأن ملكات بذل الجهد لديه تكون قد تعطلت وكلنا يعرف معاناة الامهات مع عملية الفطام هذه ومن هنا جاءت المقولة إن الرضاعة سهلة ولكن صعبة الفطامة
لقد تمظهرت صعوبة الفطامة سياسيا في خطوات الحكومة المتعثرة نحو خفض الانفاق الحكومي وهذا هو الجزء المكمل للوجه الآخر وهو تحميل الشعب جزءا من فاتورة العلاج لتكون الوصفة المتكاملة وذلك بأن تتحمل الحكومة والشعب عبء الخروج من الأزمة الاقتصادية الشاخصة فالحاصل أن الحكومة وفي رمشة عين رفعت الدعم عن المحروقات والسكر حتى دون أن تنتظر إجازة البرلمان للميزانية النصفية ثم زيادة الجمارك والقيمة المضافة وتعويم الجنيه بتحرير سعر الصرف لكن تعال شوف عندما جاءت للجانب الذي يليها
ترشيق أو تخسيس الحكومة الذي وعدت به الناس لم يأت بالشكل المتوقع أو المرغوب فالحكومة كما قال احد المعلقين بوضعهاالجديد مازالت سمينة ومترهلة وكذا حكومات الولايات والأجهزة التشريعية في المركز والولايات والمحافظات لم تطالها يد التخسيس بالصورة المنتظرة . من المعلوم بالضرورة ان كلفة هذه المؤسسات ليست في المرتبات الشهرية اي ( البيشيت) انما في الامتيازات و المخصصات الاخرى التي تسد عين الشمس. بالطبع الحكومة لن تخبرنا بما ستفعله بها ولكن ليس هناك ما يدعو للتفاؤل لأنه كما يقول العلماء (من اشرقت بدايته اشرقت نهايته ) فالحكومة بعجزها عن تخسيس مناصبها الوزارية تكون قد بدأت بداية غير مشرقة
في الأيام القليلة التي اعقبت تطبيق السياسات الاقتصادية التي تلي الشعب وقبل ان تطبق السياسات التي تليها قامت الحكومة ممثلة في كبار مسئوليها بزيارات تفقدية لبعض الأقاليم فعلى حسب ما عكسه الإعلام الرسمي لم تظهر الحكومة ممثلة في شقيها الضيف والمستضيف أي تقشف فارتال العربات والحشود والولائم والذي منه كانت كما هي لقد كانت هذه فرصة ان تظهر الحكومة بمظهر الذي اتخذ سياسة تقشفية جديدة وبالطبع لن نطلب منها ان تفعل كما كان يفعل الشريف حسين الهندي وزير المالية يومها الذي كان يتفقد مشروع الجزيرة بعربة لاندروفر ومعه سائقه فقط اذ يدخله من جهة مكتب الفراجين ويواصل مشواره الى ان يأتي الى بركات من جهة الجنوب ثم يجتمع بالمحافظ بعد ان يكون دفتره قد امتلأ بالملاحظات مما شاهده وما سمعه من المزارعين وهم في الغيط .
لانعلم كثير شئ عن السفريات الخارحية وتمثيل البلاد في ذلك المؤتمر الهام طبعا أي مؤتمر عند الحكومة هام جدا . ولانعلم شيئا عن نثريات الدستوريين وكبار رجالات الخدمة المدنية , ولكننا لسنا متفائلين بأن الحكومة سوف تفطم نفسها من الصرف غير المرشد وقد يكون من الصعوبة بمكان ان نطالبها بأن تعلن سياسة تقشف مفصلة تفصيلا دقيقا لأن مال الدولة موزع على عدة جهات والقرار المالي اصبح في يد الكثيرين (وبرضو تقول لي التجنيب ما مشكلة؟) كان يمكن لقمة الحكومة ان تتخذ سياسة القدوة وذلك بأن تظهر نفسها بمظهر المتقشف حتى يتنزل ذلك التقشف تلقائيا ولكن يبدو … افتكر مافي داعي فالفطامة صعبة شوية والطبع يغلب التطبع.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]