الطاهر ساتي

كبش فداء ..!!

كبش فداء ..!!
** فالحياة ليست نقداً ونكداً فقط، بل هناك في دهاليز المجتمع ما هي أحلى وأنضر.. ثم رمضان هذا – بالنسبة لي – ليس شهراً لتوثيق ساس ويسوس والتجاوزات و(فقع المرارة)..وعليه، عذراً لمن يسألون ( وين حكاياتك السودانية؟)، إذ ثمة ثلاث قضية وأخرى – فقط لاغيرها- على سطح المائدة ذات صلة بالمواجع، نعرضها ثم نقلب لبقية القضايا ظهر المجن لحين وداع هذا الشهر الفضيل بإذن الله.. ومن زاوية الأربعاء التي نقلت نبأ إعفاء المهندس يوسف أبوستة، مدير مصنع سكر النيل الأبيض، بأمر المدير العام للمصنع، نواصل ..نعم، فصلوه بتبرير مفاده : (راجعنا كل الوظائف بالمصنع، ولم نجد وظيفة تستوعب خبراتك العالية ومؤهلاتك العلمية الرفيعة، ولذلك إستغنينا عن خدماتك)، أوهكذا هاتفه حسن ساتي، المدير العام للمصنع، مبلغاً إياه أمر الإعفاء..!!
** ولمن نسيوا أو تناسوا، نفيدهم بأن المهندس أبوستة ظل يشغل منصب التنفيذي الأول بالمصنع منذ مرحلة الدراسة وحتى موعد الافتتاح الذي لم يكتمل ذاك..أبوستة – بمهنيته – كان رافضاً ذاك الموعد السياسي، وقالها لسادة الإدارة بوضوح ( لم يكتمل المصنع بحيث يكون جاهزاً للإنتاج، فليس هناك داع لتحديد موعد أو توزيع رقاع دعوة الافتتاح)، ولم يستبينوا النصح..إذ وزعوا دعوتهم لسادة الحكومة وضيوف البلد، ثم اكتشفوا قبل الموعد بيوم بأن المصنع لم يكتمل، واقترح بعضهم بأن يتم خداع الحكومة والناس والبلد بافتتاح شكلي يستجلب سكره من كنانة بغرض تمريره على السيور في حضرة الحكومة والضيوف..ولكن الأجهزة كشفت الأمر، وألغت هذا البرنامج المزيف، وقدم وزير الصناعة استقالته ورفضت الحكومة قبولها، ثم شكلت لجنة تحقيق برئاسة البروف إبراهيم أحمد عمر لتحقق وتبين للناس والحكومة (المخطئ)..المهندس أبوستة دفع الثمن قبل أن يتم تشكيل تلك اللجنة، إذ أوقفته الإدارة عن العمل، فقط لأنه قال يومئذ كلمة حق مفادها (المصنع ماجاهز، ماتوزعوا الدعوة)..وظل موقوفاً إلى أن تم فصله أخيراً بحجة (مؤهلاتك عالية) ..!!
** وهي – فعلاً – عالية..تخرج في جامعة الخرطوم، بكالوريوس الهندسة الميكانيكية مرتبة الشرف (1978)، ثم دبلوم الدراسات العليا بجامعة دبلن (1985)، ثم دورات تدريبية بكل من أمريكا وبريطانيا، وعضو بدرجة (مهندس مستشار) في المجلس الهندسي ، وكذلك عضو في المجلس الهندسي البريطاني والاتحاد الأوربي للروابط الهندسية وجمعية الهندسية البريطانية و..و..مساحة الزاوية لن تسع الدورات والخبرات والإنجازات، ولكن أهم محطة : ظل كبيراً للمهندسين بشركة كنانة ومستشاراً هندسياً، ثم مديراً لتطوير الشركة ومديراً للتدريب و..و…و..وأخيراً : مديراً لمصنع النيل الأبيض، بحيث ينفذ كل المراحل، وقد نفذها..فالسيرة العلمية والعملية لهذا الخبير السوداني عبارة عن (مجلد) يضج بشهادات الإنجاز والاعتراف الدولية والإقليمية والمحلية.. إن كان كذلك، فلماذا فصله حسن ساتي بالهاتف؟.. وهل هناك سابقة في تاريخ الخدمة العامة بأن تم فصل خبير بحجة ( مؤهلاتك عالية)، بعد أن أنجز مشروعاً في قامة مصنع النيل الأبيض؟..هذا لم يحدث لغير سنمار في صدر التاريخ .. !!
** يقبع ( سر الفصل التعسفي) في ثنايا تقرير لجنة البروف إبراهيم أحمد عمر بكل وضوح ..نعم، تلك اللجنة حققت مع إدارة المصنع، وكذلك مع المهندس أبوستة..والذي يهم الناس والبلد هو ( حديث هذا الخبير)، إذ تحدث حديثاً فنياً يوضح كل الأسباب والأخطاء بشفافية عالية ومهنية غير منقوصة وغير متأثرة بأي ولاء سياسي أو حزبي..والعدل يقتضي عرض هذا التقرير للرأي العام، بحيث يتبين الخطأ والمخطئ..ولكن، إدارة المصنع كما تحتمل مهنية أبوستة التي أكدت – سابقاً عدم جاهزية المصنع، لم تحتمل أيضاً شفافية أبوستة ونزاهته التي وثقها تقرير لجنة التحقيق، ولذلك لم يكن مدهشاً بأن تنتقم منه بالفصل التعسفي عبر (الهاتف)، قبل عرض التقرير .. فليعرض البروف إبراهيم أحمد عمر تقريره لأهل السودان، إذ هذا حق وليس (منحة)..وليس من العدل أن تخطئ إدارة حسن ساتي ويدفع الخبراء ( ثمن الخطأ) ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]