سياسية

ريك مشار وسلفا كير.. الإخوة الأعداء

[JUSTIFY]ألقت الاتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم التي وجهها رئيس جنوب السودان سلفا كير إلى نائبه السابق ريك مشار، والاشتباكات التي تبعتها وقتل فيها أكثر من 500 شخص، الضوء على التنافس الأزلي بين الرجلين الذين كانت تجمعهما صفوف حركة تمرد الجنوب على حكومة الخرطوم.
وصول مشار إلى الصفوف الأولى للحكم، يستند إلى تاريخ تمرد جنوب السودان الذي انفصل في 9 يوليو 2011، بعد عقود من الحروب الأهلية دامت من 1959 حتى 1972، ثم من 1983 حتى 2005.
خلال مشواره، جمع مشار بين صورة القائد ذي الشخصية الكاريزمية بفضل جاذبيته وفصاحة خطابه وبين صورة الرجل المتقلب جلاب المتاعب بسبب تغيير تحالفاته.
ولد مشار عام 1953 في ولاية الوحدة الغنية بالنفط لعائلة من قبيلة النوير، ونشأ كمزارع ومربي للماشية ثم سرعان ما دفعه حبه للثقافة إلى التعليم ومن ثم الارتقاء مهنيا واجتماعيا.
حصل على شهادة في الهندسة من جامعة الخرطوم، ثم على الدكتوراه من جامعة برادفورد البريطانية. وعندما اندلعت الحرب الأهلية السودانية الثانية، انضم إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان في 1984، وتبعه عدد غفير من أبناء النوير لينضموا إلى صفوف الحركة التي كان الدينكا يشكلون معظم أعضائها حتى ذلك الوقت.
خلال الحرب الأهلية، تزوج مشار للمرة الثانية من البريطانية إيما ماكون الناشطة في مجال المساعدات الإنسانية، التي توفيت عام 1993 في حادث سيارة في نيروبي.
ومنذ عام 1991، دخل مشار في مواجهات مع جون غارنغ الزعيم التاريخي للحركة الشعبية لتحرير السودان ولجيشها، ومع المقربين إليه ومن ضمنهم سلفا كير، حتى إنه قاد محاولة انقلاب فاشلة ضد غارنغ.
أدت هذه المحاولة إلى تصدع حركة التمرد، وغذى هذا الشرخ خلفية الصراع القبلي التاريخي بين الدينكا والنوير، واتهم مشار بأنه أمر قواته بقتل آلاف من أبناء الدينكا في بلدة بور فينفس العام.
انشق مشار إثر ذلك عن جيش التحرير وأسس تنظيما منافسا وتحالفا فيما بعد مع عدوه الأول حكومة الخرطوم، وأصبح يمدها برجاله في قتالها ضد متمردي الجنوب، قبل أن يعود إلى صفوفه جيش التحرير في تحول مفاجئ في بداية الألفية الثالثة.
أغفلت الحركة هذه “الخيانة” وتناستها عند توقيع اتفاقيات السلام مع الخرطوم عام 2005، وفتحت الطريق للاستفتاء على استقلال جنوب السودان. عندها قام سلفا كير، الذي خلف غارنغ بعد مصرعه في حادث طائرة، بتعيين مشار نائبا للرئيس لمنطقة جنوب السودان ذات الحكم الذاتي، ثم للدولة المستقلة في يوليو 2011.
كان ينظر وقتها إلى وجود مشار في الدرجات العليا من الحكم على أنه عامل حيوي لتشجيع الوحدة بين الدينكا، الذين يشكلون الأغلبية ويهيمنون على الوظائف القيادية في الجيش الشعبي لتحرير السودان، وبين النوير، المجموعة العرقية الثانية في البلاد.
وحاول مشار منذ توليه مهامه أن يمحو الانطباع السيئ الذي أخذ عنه خلال الحرب الأهلية، خاصة بسبب مفاوضاته مع قائد حركة التمرد الأوغندية جيش الرب جوزيف كوني المعروف بالعنف الشديد والدموية، لإقناعه بتسليم سلاحه في محاولة باءت بالفشل.
لكن منافسته مع سلفا كير عادت للظهور علنا في ربيع 2013 عندما اختلفا حول تاريخ وجدول أعمال مؤتمر المصالحة الوطنية، عندها سارع مشار بانتقاد “النزعات الديكتاتورية” للرئيس، وأعلن عزمه الترشح ضده لرئاسة الحركة الشعبية لتحرير السودان، الجناح السياسي السابق لجيش التمرد.
في 23 يوليو، أصدر الرئيس سلفا كير بيانا عزل فيه نائبه من وظيفته ومن الحكومة ككل هو وباقان أموم، السكرتير العام للحركة.
وفي 16 ديسمبر، اتهمه الرئيس بقيادة محاولة انقلاب فجرت معارك مستمرة في جوبا ومذكرا “بخياناته السابقة”.
فر مشار إثر هذا الحادث وتم إلقاء القبض على 10 شخصيات سياسية، أغلبهم وزراء سابقون من الذين عزلوا في يوليو.
ثم نفى مشار التهمة الموجهة إليه وقال لصحيفة “سودان تريبيون”: “ما كنا نريده هو التحول الديموقراطي للحركة. لكن سلفا كير كان يريد استخدام محاولة الانقلاب المزعومة للتخلص مننا حتى يسيطر على الحكومة وعلى الحركة”.
وأضاف “نحن لا نريده أن يظل رئيسا لجنوب السودان”.

سكاي نيوز [/JUSTIFY]