التوم وصلاح وآخرون
سيدي الوالد رحمة الله عليه مع كونه مزارعا (برنجيا) كان من اوائل الذين يحترفون السواقة في الجزيرة اذ صدرت له اول رخصة قيادة في 1948 ومارس السواقة لمدة لاتقل عن نصف قرن من الزمان وكان يقود عربته (الكومر ثم البدفورد القديم ثم الاوستن ثم التايوتا ثم بدفورد (سفنجة) في شارع مدني الخرطوم بصورة مستدامة.. حكى لي ان اول من اخرج صينية طعام ساعة الافطار في شارع مدني الخرطوم هم الحاج/ التوم محمد الامين بانقا في بلدة المسعودية وكان ذلك في مطلع الستينات ويومها كان شارع الخرطوم / مدني عند المسعودية في مرحلة الردميات ولم تتم سفلتته ومن التوم انتشرت هذه الظاهرة الحميدة.
التقيت عمي التوم في تسعينات القرن الماضي وكنت اتعامل معه في تجارة الكولا (بيبسي وكولا) حيث كنت وكيلا لهما قبل ان تصل عربات الشركة شمال الجزيرة و(تفكني وشريكي عمر يوسف عكس الهوا) وسالته عن مبادرته تلك فقال لي انه كان يسكن في داخل القرية قريبا من النيل ثم خرج الي( الخلاء) وتزامن ذلك مع بداية العمل في الشارع فوجد نفسه قريبا جدا من الشارع يومها كانت العربات قليلة جدا في الشارع ولاتوجد قهاوي او مطاعم في الشارع فكان يفرش السباتة في رمضان عند الشارع المجاور لمنزله واحيانا يحظى بضيوف وايام كثيرة لايمر عليه شخص ولكنه لايجزم بانه كان الاول في هذا الامر لابل لم يفكر في هذا الامر ولكنه يؤكد انه كان في يوم من الايام من اقرب اهالي المسعودية للشارع.
الامر المؤكد ان عمنا التوم اطال الله عمره من الذين سنوا هذه السنة الحسنة والتي سيكون له اجرها واجر ومن عمل بها الى يوم القيامة والان وبحمد الله تطورت هذه الظاهرة واصبحت امرا مالوفا على طول شارع الخرطوم /مدني وربما في شوارع اخرى من طرق السودان الممتدة وهي عمل طوعي مجتمعي بحت ولعل اكبر دليل على ذلك التطور ان صديقنا صلاح المنى من اهالي الجديد الثورة صاحب منتجع الروابي (عشر نجوم) يفتحه تكية لافطار رمضان للغاشي والماشي بذات الوجبات الدسمة والغالية جدا التي يتعامل بها المنتجع اثناء العام و صلاح هذا له مبادرات انسانية كثيرة منها انه متبرع بوجبة فطور يومية لعنبر غسيل الكلى بمستشفى جياد على مدار العام الامر المؤكد ان صلاح لن يسعد بما كتبناه عنه فهو يقدم ذلك لوجه الله لايريد جزاء ولاشكورا ونحن من جانبنا لانريد ان نقصم ظهره ولكننا في معرض نشر الجميل حتى ينتشر بمعدلات اكبر.
الواضح ان رمضان الكريم مناسبة تكشف لنا معدن هذا الشعب الكريم اكثر من بقية الشهور فكم رأينا البكاسى التي تحمل الافطار للممارضين في المستشفيات وكم رأينا قفة رمضان وشوال رمضان (موية رمضان ليست معنا هنا) تذهب من المستطيعين للمعوزين.
تقبل الله من الجميع صالح الاعمال وتصوموا وتفطروا على خير.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]