أديس نص ونص
حتى كتابة هذه السطور(ظهر الأحد 29 يوليو) كل الدلائل تشير إلى أن محادثات أديس أبابا بين حكومتي السودان وجنوب السودان سوف تنتهي إلى شكل هجين يجمع بين السلام والحرب بمعني أنها لن تنهي حالة الحرب القائمة بين البلدين وفي نفس الوقت لن تحقق السلام بينهما ليست طبيعة القضايا القائمة بينهما هي التي تفرض حالة اللاحرب واللاسلم وليس لأن البلدين يرغبان في تلك الحالة الرمادية بين الحرب والسلام بل لأن هناك قوى دولية فاعلة تريد تلك الحالة وتدعمها قوى إقليمية تريد أن يبقى البلدان جاثيان على ركبتيهما لابتزازهما أو ربما خوفاً من انطلاقهما في اتجاه أن يصبح أي واحد منهما قوة إقليمية
الواضح أنه قد تمت تجزئة القضايا المعلقة وأصبح من المستبعد تماماً اتباع الحزمة الواحدة في الحل لاسيما وأن هناك قضايا يصعب لا بل يستحيل أن يوضع لها حل كامل في أديس مثل مسألة ترسيم الحدود ومعضلة أبيي. كل المعلومات الصادرة من أديس تشير إلى أن اتفاقاًً بشأن النفط أصبح وشيكاً وذلك راجع ليس لحاجة البلدين الماسة لعائدات النفط فحسب بل لأن الداعمين لدولة الجنوب يريدون أن يكون دعمهم في غير الأساسيات اليومية وقد صرح بذلك بريستون ليمان لقناة العربية كما أن الصين هي الأخرى تريد انسياب النفط السوداني فهو يشكل 6% من حاجتها النفطية. أما الدعم المتبادل للحركات المسلحة فلن يتم الوصول إلى حل ناجز لأن تلك الحركات هي الأخرى تشكل مربعاً ثالثاً خارج إطار التفاوض الثنائي كما أن الدولتين تريدان استخدام هذا الكرت في مقبل الأيام خاصة دولة الجنوب وذلك راجع بصورة أساسية لحالة عدم الثقة المتأصلة بين البلدين
مجلس الأمن مهما هدد باستخدام البند السابع لإجبار البلدين على الاتفاق فإن خياراته محدودة لأن التدخل العسكري كلفته عالية جداً كما أنه لو حاول استخدام القوة ضد أي من الطرفين والسودان هو المرشح لذلك الدور فسيكون قد أعاد إنتاج الحرب بين البلدين بصورة أوسع وهذا قد يدخله في حرج أخلاقي هذا إذا صدر قرار بالإجماع من المجلس وهو أمر مستبعد عليه سوف يمدد المجلس الفترة التفاوضية لأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح له
من العوامل التي تمنع إقامة سلام مستدام بين البلدين بالإضافة لعدم الثقة المتجذر بينهما فإن أي من النظامين الحاكمين ينتظر جثة نظيره لعوامل داخلية أي أن جوبا ترى أن نظام الخرطوم عمره لن يطول بينما تراهن الخرطوم على حرب قبلية في الجنوب لاتبقي ولاتذر فكل هذه العوامل هي التي تفرض أسلوب المسكنات للجرح الناتح بين البلدين
مهما يكن من أمر فإنه إذا تم اتفاق كامل على مسألة النفط فإنه قد يقنع الطرفين بحلاوة السلام وسوف يقلل حالة العداء ولكنه باي حال من المستبعد تماماً أن يفتح النفط أبواب السلام بمعنى لن يكون النفط بمثابة قطعة الدومنيو التي في حالة سقوطها سوف تنهار بقية القطع وبهذا تكون فكرة إبعاد النفط عن السياسة التي طبقها الغرب على الدول العربية المنتجة للنفط بعد حرب أكتوبر 1973 قد عادت مرة أخرى للظهور في إفريقيا ولكن بثوب جديد. ويا ميلة بختكما يا أمتي السودان.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]