الطاهر ساتي

تلك المجالس.. آفات اقتصادية..!!

تلك المجالس.. آفات اقتصادية..!!
** تناول حبيبات من فول الصويا على الريق، ينشط ذاكرة الأمة ويكافح نسيان سادتها.. وكذلك البصل أيضاً مفيد جداً في تنشيط الذاكرة ومكافحة النسيان.. فول الصويا غير متوفر في بلادنا، ولذلك نقترح للحكومة دعم البصل بحيث يكون متاحاً بأرخص الأسعار، وبذلك تكون قد سهلت وزارة المالية – لمن ينسى – بأن يأكل (فحل بصل) يومياً، بالنهار طبعاً.. ولو حدثتك نفسك بتناول فحل بصل ليلاً، ما عليك إلا أن تنسى المودة والرحمة والسكينة و(تنوم في الحوش)، رحمة بزوجتك.. المهم يجب إطلاق حملة لمكافحة النسيان، ونحبذ أن يكون شعارها: (الحياة أحلى مع فحل بصل، أو جواك بصل يعني جواك بطل)، أو ما شابه ذلك.. ونأمل أن يهل علينا هلال رمضان القادم وتكون أمتنا وحكومتنا قد قضتا على بصل الدنيا والعالمين وتمتعتا بذاكرة – كما تاتشر سابقاً – حديدية.. يلا نمشي للموضوع، وهو ذو صلة بأهمية توفير البصل في موائد ولاة الأمر..!!
** في العام 2004، شكلت الحكومة لجنة عليا لإزالة مفارقات الأجور المستشرية في مؤسسات الدولة، حيث أحدهم – كما مدير جامعة الخرطوم – دخله السنوي (50 مليون جنيه)، والآخر – كما مدير أي شركة حكومية – دخله السنوي (نصف مليار جنيه).. لإزالة تلك المفارقات، شكلت الحكومة لجنة عليا في ذاك العام.. خير وبركة.. عقدت اللجنة اجتماعاً وآخر وثالث، واكتشفت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، حيث وجدت دخل فئة بالخدمة العامة فوق الثريا ودخل السواد الأعظم بذات الخدمة تحت الثرى.. ولذلك، وصت بالآتي: عدم صرف الحوافز والمخصصات إلا وفق معايير وضعتها اللجنة ذاتها وأقرها مجلس الوزراء.. وهي معايير، لو تم تنفيذها وتطبيقها على المؤسسات والأجهزة، لكبحت جماح كارثة تلك المفارقات ولأبطلت مفعول المسماة بالعقود الخاصة وغرائبها.. ولكن، للأسف، رمت الجهات المناط بها التنفيذ توصيات تلك اللجنة بعرض الحائط، وهي: مجلس الوزراء، وزارة العمل، المجلس الأعلى للأجور، الاتحاد العام للعمال ووزارة المالية.. تلك الجهات الرسمية جداً تجاهلت تنفيذ تلك التوصيات المهمة جداً، وكان – ولايزال – حصاد التجاهل: اشتعال حريق العقودات الخاصة في مؤسسات الدولة العامة، وقضاء تلك العقودات ذات الأرقام الفلكية على المال العام بغير إنتاج وبمنتهى اللامسؤولية واللامبالاة والأنانية.. وماعرضته من العقودات في زوايا فائتة محض نماذج فقط لاغير، والعقودات القادمات بإذن العلي القدير (أفدح وأفضح)..!!
** على سبيل المثال، من غرائب إدارة المال العام في الدنيا، وهذا لا يحدث إلا في السودان: لأي مجلس إدارة، بأي مصرف عام أو شركة عامة، سلطة ملئ بنود عقد المدير بما يشاء من رواتب وبدلات وعلاوات وامتيازات، بلا أي معايير أو تبرير منطقي.. وقد يتفاجأ القارئ قريباً – إن شاء الله – حين أعرض عقداً يتقاضى به صاحبه سنوياً – من أموال الناس والبلد – خمسة أضعاف ما يتقاضاه رئيس الجمهورية.. بل هناك من العقود الخاصة ما تضع كل أعضاء مجلس الوزراء والمستشارين بالقصر في دائرة الغارمين الذين يجب أن يشملهم برنامج (الراعي والرعية).. وللأسف، هي عقود شركاتها وبنوكها وصناديقها غير منتجة إنتاجاً يوازي ما بالعقد من كوارث.. كنت من الذين يظنون بأن الدستوريين هم الذين يستنزفون خزينة البلاد العامة، ولكن للأسف تفاجأت بأن (نباتات الظل) هي التي تستنزف تلك الخزينة، وأعني العقودات التي تملأ بنودها مجالس إدارات الشركات والبنوك والصناديق.. أحدهم، نائب مدير، وأشرت إلى تفاصيل عقده في زاوية فائتة، لا يحمل من المؤهلات العلمية غير (البكالوريوس)، ومع ذلك – بأمر وموافقة مجلس الإدارة – بعقده من المزايا والامتيازات ما لا يحلم بها علماء الفيزياء وخبراء الكيمياء وعباقرة الاقتصاد بإحدى الدول العظمى.. يجب إنهاء كل العقودات الخاصة بكل مؤسسات الدولة يا مجلس الوزراء، وإن كان لابد من عقد خاص بوظيفة ذات تخصص نادر فيجب أن يكون العقد منطقياً وموضوعياً، وينافس فيه كل كفاءات البلد بلا موالاة حزبية أو محاباة سياسية، بحيث تظفر مؤسسات الدولة بذوي الكفاءة الذين يستحقون مزايا تلك العقود.. ثم، وهذا مهم جداً، يجب إلغاء دور الآفات الاقتصادية المسماة بمجالس الإدارات في تحديد (قيمة العقد).. وإن كان هذا الدور نصاً بالدستور أو بقانون الخدمة، فيجب تعديل هذا النص ولو بالإلغاء.. لقد عدلتم خريطة السودان بإلغاء مساحة الجنوب منها، وما تبقى – دستوراً كان أو قانوناً – ليس بأغلى من تلك الخارطة التي كانت خطوط طولها وعرضها من (الثوابت الوطنية)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]