جعفر عباس

هل ينقذ الخليجيون لغتنا


[ALIGN=CENTER]هل ينقذ الخليجيون لغتنا [/ALIGN] تحدثت عن كيف ان الخليجيين تنازلوا عن معظم مفردات لغتهم اليومية للعمالة الآسيوية، فربة البيت تهدم معمار اللغة العربية إرضاء لخاطر لاكشمي وجاكلين، ورب العمل متغطرس في تعامله مع كومار وعمار وجيرار وبشار وافتخار، إذا كان الأمر يتعلق بالأمر والنهي والانضباط والخصم من الرواتب، ولكنه في منتهى التواضع عند التخاطب مع برويز وجنكيز وفرنانديز.. نحن لا نحترم كل ما هو ملك عام واللغة العربية ملك عام لمئات الملايين وبالتالي صار مئات الملايين يتركون أمر حراستها ونظافتها لـ”سدنتها”..
أي اننا جعلنا للغة كهنوتا مناطا بهم الحفاظ عليها في صورتها ومفرداتها وتراكيبها الأصلية.. مع ان اللغة مثل البيئة لا سبيل لأن تنمو وتتطور أو تحافظ على حيويتها ونقائها إلا بتكافل وتعاون المعنيين بأمرها.. أنت حريص على نظافة بيتك والمنطقة الواقعة أمام بيتك ولكن جيرانك “أعوذ بالله”.. وهكذا لن يبقى بيتك بالنظافة التي تريدها.
تجربة الدول الخليجية فريدة ليس بسبب ما يسمى بـ”الطفرة” – وهي كلمة كبيرة لا أرى لها ترجمة على أرض الواقع – بل بسبب “الهرجلة والبرجلة السكانية” والتي لا يكمن حلها في توطين الوظائف بالتقسيط المريح، بل بتقسيط الهجرة المعاكسة بوتيرة محسوبة وجدول زمني يتم خلاله توطين الوظائف بالمعنى الصحيح لـ”الكلمة”.. وكما استقطبت دول الخليج ملايين الآسيويين وتنازلت لهم عن نحو 30% من اللغة العربية الدارجة المحكية فقد جذبت ملايين أقل من عرب المشرق والمغرب.. زاملت المذيعين التلفزيونيين محمد كريشان وليلى الشايب منذ تلفزيون بي بي العربي، الذي ولد عام 1994 ونفق عام 1996 وما زلنا نعمل سويا في قناة الجزيرة الفضائية واستطيع التآنس والحديث لساعات طويلة مع أي منهما ولكن ما ان يتبادل الحديث أحدهما مع الآخر باللهجة التونسية حتى أجد نفسي أطرشا في الزفة.. نفس الحكاية مع الزملاء المغاربة.. كلامهم يبدو كشقشقة طيور.. فأصيح: التار يا ولداه واستنجد بسوداني لنرد لهم الصاع وأشكو له: آ زول نضميهم ده كلام الطير في الباقير.. وكريشان ذو لسان طويل فيقول عن مثل جملتي تلك: هل هادي لغة الجنجويد؟ وأهل الخليج هم اليوم أفضل من يجيد التخاطب مع عرب مختلف الأقطار (الله يصبرهم علينا في هذه الظروف الصعبة)
وهكذا تواطأ العرب في منطقة الخليج على لغة عربية عامية شديدة الصلة بالفصحى المبسطة ولم يعد صعبا على الجزائري ان يتبادل الحديث مع يمني يلتقي به لأول مرة.. واعتقد ان هناك لغة “وسطى” ما بين الفصحى والعاميات الممعنة في المحلية بدأت تتشكل في مدن الخليج الكبرى، وهي التي ستكون – في تقديري- الحجاب الحاجز في وجه ما اسماه صديقي حامد نجيب رسام الكاريكاتير النجيب في صحيفة الاتحاد الاماراتية بالعربوردية
كما قلت بالأمس فإنني لا أرى بأسا في استعارة مفردات أجنبية في غياب ما يقابلها بالعربية، كما أنني من أنصار ترقية بعض الكلمات العامية حتى تصبح مقبولة في الكتابة والمدارس، وبالتالي فأنا من غلاة المتحمسين لترفيع كلمات مثل بهدلة وشرشحة ومنسدح، وأعرف ان “أهبل” ليست فصيحة ولكنني أفضلها على “أبله” التي هي فصيحة، وتستطيع ان تقول لصديق “يا اهبل” من دون ان يغضب لذلك، ولكنه سيغضب إذا قلت عنه إنه أبله، وإذا لم يغضب فهذا دليل على أنه أهبل عن جدارة.. ومفردة “كاكا” التي يستخدمها تقريبا كل الاطفال العرب لوصف كل ما هو مقرف: لماذا لا يتم استخدامها وقبولها كما قبلنا تسميات طفولية مثل ماما وبابا؟

زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com


تعليق واحد

  1. الاســتاذ الفاضل جعفر عباس والله كتاباتك تدفع المرء دفعاً للمشاركة لشكرك فقط ولكننى اريد ان ابدى استيائى الشديد من بعض اخوتى وبنى جلدتى فى بلاد الخليج وفى الامارات تحديدا فأنا أرى الكثير منهم لا يحرص على الاحتفاظ بلهجتة السودانية التى هى الاقرب الى الفصحى ويتشدقون ببعض المفردات المصرية والشامية بطريقة تدعونى للتقزز والنفور منهم رغم انهم اذا لم يتكلفوا الكلام واوصلوه الى ما يقارب الفصحى فانهم سيتحدثون بلهجتهم وليحل بعد ذلك الخليجيون مشكلتهم مع الاردو والهندى براحتهم لذ ارجو تنبيههم لذلك شاكراً

  2. والله يا أبو الجعافر تعجبني كتاباتك ومواضيعك التي تختارها وبأسلوبك المميز في السخرية .. وكمان نستفيد بعض المعلومات التي تجود لنا بها .. وعموماً تدخل البهجة على النفس في هذا الزمن السيئ . .. وتستحق الشكر من كل الناطقين بالعربية رغم أن أخواننا الحلفاويين ينسونها عندما يريدون تبادل حبات التمر فيما بينهم في عنبر السكن بداخلية فريجون بعطبرة الثانوية وهم أطيب البشر والله … ولك حبي وشكري .