الطاهر ساتي

في حاجة ما ياها)بأديس) ..

في حاجة ما ياها)بأديس) ..
ما تم الاتفاق عليه بإثيوبيا (خير وبركة).. ولايزال الغموض – وليس الشيطان – في تفاصيل الحدث..نعم، ما تم الإعلان عنها – بتوجس وحذر – هي بعض التفاصيل وليست كلها..يعني بالبلدي كده : (في حاجة ما ياها)..فالاتفاقية ليست هي فقط (قيمة رسوم عبور نفط خط بترودار 9.10 دولار، وقيمة رسوم نفط الغربي 11 دولار)، بل هناك مبالغ مالية – مجهولة القيمة – ستدفعها حكومة جنوب السودان لحكومة السودان خلال فترة انتقالية قوامها ثلاث سنوات ونصف، ثم هناك أشياء أخرى مسماة – إعلامياً – بالتعاون الاقتصادي خلال تلك الفترة الانتقالية، وبالتأكيد هو تعاون تفاصيله في أوراق الاتفاقية المخبوءة عن نظر الإعلام ..!!
** وبالمناسبة، غضب الوفدين والوسيط الإفريقي من رقم أول البارحة الذي أجمعت عليه صحف الخرطوم (25.80 دولار)، يثير الدهشة ويطرح علامات التعجب..لقد غضبوا واجتهدوا في نفي ذاك الرقم، ولكن دون توضيح جملة أرقامهم المعتمدة في أوراق الإتفاقية، إذ لاتزال الصحف تلتقط الأرقام وبعض التفاصيل من مصادرها الخاصة، وليست من المصادر الرسمية، وفدا سودانيا كان أو وفدا جنوبيا، بل حتى لسان حال الوسيط أمبيكي ( كأن في فمه ماء)..لماذا كل هذا الغموض؟، الله أعلم..المهم، (في حاجة ما ياها)، وحتماً ستكشفها قادمات الأيام، ربما على لسان باقان..إذ باقان كما تعلمون من الذين يمكن وصفهم ب( البليلة ما بتتبلى في بطنو)..وهذا وصف – في مقام العمل العام- بمثابة محمدة وليست مذمة.. فالشفافية هي الأصل في أي عمل عام ( اتفاقاً حول النفط كان أو اختلافاً حول الحدود)، بيد أن المذمة في أي عمل عام هي ( شغل الغُمتي)، كما حال هذا الاتفاق ..!!
** وعلى كل حال، بغض النظر عن تفاصيل الاتفاق التي ستكشفها مراحل التنفيذ، هذا الاتفاق بمثابة مفتاح لحل بقية القضايا التي تعكر صفو البلدين والشعبين، ومنها توتر الحدود بينهما واشتباكاتها وما بها من خروقات دامية..توقف النفط أرهق الدولتين، وكاد اقتصادهما أن ينهار، إن لم يكن قد انهار انهياراً غير معلن، وهذا هو الدرس المستفاد من مغبة الاحتراب ونهج (ركوب الرأس) بلا مقومات اقتصادية وبلا مراعاة لمعاناة الشعبين وضحاياهما وجرحاهما..ولذلك، (خير وبركة) الموصوف به الاتفاقية في مقدمة الزاوية مراد به الإشارة الى المكاسب الأمنية التي يمكن أن تحققها الاتفاقية، وليست المكاسب المادية فقط..تمرير النفط عبر أنابيب دولة السودان، يعني لحكومة جنوب السودان توفير الأمن لهذا (التمرير)..وكذلك عبور النفط عبر أنابيب دولة السودان، يعني لدولة السودان توفير الأمن لهذا ( العبور).. كذلك تجارة الحدود التي لم تتجاوزها الاتفاقية في إطار المسمى ب (التعاون الاقتصادي) ..وما لم يتوفر هذا الأمن في مناطق الإنتاج وما حولها، وفي حدود البلدين حيث معبر التجارة، فلن يجد الاتفاق طريقاً الى حيث التنفيذ، وبهذا تصبح حكومتا البلدين هما الأكثر حرصاً على توفير الأمن والسلام في مناطق الإنتاج وحدود البلدين.. والمؤسف أن توفير الأمن والسلام بتلك المناطق ليست لحفظ نوع الشعبين – بالجنوب والشمال – من الانقراض، ولكن حرصاً على جني ( عائد البترول وتجارة الحدود)، إذ هذا العائد المرتجى صار – عند الحكومتين – أغلى من المواطن، بدليل تجاوزهما لملف النفط قبل مجرد الاطلاع على الملف الأمني..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]