الطاهر ساتي

( لت وعجن)… لايصنع خبزاً..!!

( لت وعجن)… لايصنع خبزاً..!!
إذا استوقفك شرطي المرور بغرض التحقق من مخالفة ما، قد يجد المخالفة ويغرمك، وقد لايجدها فتواصل سيرك بلا غرامة..أما إذا استوقفك ذات الشرطي بغرض تحقيق (الربط المقدر)، فليس لك خيار غير أن تتحسس محفظتك، أي (مغرم يعني مغرم)، حتى ولو كانت جاهزيتك – و سلامة عربتك مكتملة بنسبة (100%).. وفي الخاطر حكاية أدروب الذي استوقفه الشرطي بغرض تحقيق (الربط المربط)، فأمره أولاً (جيب رخصتك)، فناوله ولم يجد فيها مخالفة.. فأمره ثانياً (جيب رخصة عربية)، فناوله ولم يجد فيها مخالفة..فأمره ثالثاً (شغل الأنوار)، وكانت الشمس في كبد السماء، ومع ذلك أنارت الأنوار.. فأمره رابعاً (شغل الفرامل)، فتحرك بالعربة قليلاً ثم ضغط على الفرامل حتى أثارت العربة غباراً عند توقفها..فأُصيب الشرطي بالإحباط، ثم أمر يائساً (شغل المنشات)، فشغلها أدروب قبل أن يتكئ على باب العربة مخاطباً الشرطي ( أها شغلتها ليك، يلا نزل لينا المطر)..!!
** وحال وزارة الصحة بولاية الخرطوم لم يعد يختلف كثيراً عن حال ذاك الشرطي.. نعم، منذ التشكيل الوزاري قبل الأخير، وإلى يومنا هذا، لم يمض أداء هذه الوزارة إلى الأمام، بحيث يعمل ويُنجز.. بل يراجع أعمال وإنجازات وزراء ما قبل البروف مأمون حميدة، بغرض تحقيق الربط المقدر من التجريم، وليس بغرض إصلاح الماضي وتجويد الحاضر.. وهناك فرق بين أن تراجع أعمال الذين سبقوك – في أي منصب تنفيذي – بغرض تصحيح الأخطاء ثم الاستفادة منها ومن المحاسن، وبين أن تراجع تلك الأعمال بغرض (التجريم فقط لاغير).. والمعنى بالتجريم فقط لاغير هو أنك تراجع أخطاء أعمال الآخرين وتعددها وتملأ بها وسائل الإعلام ثم لاتصلحها، وكذلك لاتضف على تلك الأعمال أعمالك الخالية من الأخطاء.. ولتقريب المعنى، نقول بكل صراحة : نهج البروف مأمون هو ألا يعمل – أو يتحدث – إلا عملاً أو حديثاً يجرم الذين سبقوه في وزارة الصحة، أي لسان حالهم يقول يومياً كما تعكسه الصحف – على لسان الناطق الرسمي باسم الوزارة : (من هنا تبدأ الصحة، وما سبق كان مرضاً)..وهذا نهج عقيم يعكس عجزهم عن الإضافة.. فالذي يعمل كثيراً يخطئ كثيراً أيضاً، ولكن الذي لايعمل إطلاقاً هو الخطيئة ذاتها، والصنف الأخير هذا هو المسمى بـ (أداء وزارة الصحة بالخرطوم حالياً) ..!!
** على سبيل المثال، لكي لاتكون هذه الملاحظة محض إنشاء .. قبل كذا سنة، شيدت وزارة الصحة المركزية مجمعاً للعمليات بمستشفى بحري، ثم مجمعاً آخر بمستشفى أمدرمان، وثالثاً بالخرطوم، ثم أكبر مستشفى حوادث – بالبلاد – بمنطقة جبرة، وقيمة كل هذه المباني تتجاوز (50 مليار جنيه).. شيدتها الوزارة الاتحادية وغادرتها قبل افتتاحها وتشغيلها..آلت كل تلك المباني للوزارة الولائية في عهد البروف حميدة قبل عام إلا قليلاً.. عند الاستلام، أي قبل عام إلا قليلاً، تبين للوزارة والناس مايلي : هناك أخطاء فنية بمجمعي بحري وأمدرمان، وسردتها في زاوية سابقة، وهي أخطاء لاترتقي لدرجة هدم المباني، فالأعمدة والقوائم سليمة حسب لجان المراجعة الهندسية، وعليه : يمكن إصلاح تلك الأخطاء وتشغيل المجمعات بحيث تنفع الناس والبلد، ثم معاقبة المخطئين، شركة كانوا أو إدارة ، و (قفل الملف).. ولكن لا، ماهكذا نهج البروف حميدة، فالنهج قائم على (اللت والعجن)، إذ من استلامها لتلك المجمعات، وإلى يومنا هذا، لاعمل للوزارة ووزيرها وناطقها الرسمي غير تكرار أسطوانة (المجمعات فيها أخطاء فنية)..لهذه الأسطوانة، يعقدون مؤتمراً صحفياً تلو المؤتمر الصحفي، ويطلقون تصريحاً تلو التصريح، منذ عام إلا قليلاً وإلى منتصف هذا اليوم، وكأن القدر جاء بهم إلى هذه المناصب فقط ليتحدثوا عن أخطاء المجمعين، بلا عمل يصلحهما أو عمل يبني مجمعاً ثالثاً.. !!
** يعنى السؤال بالعربي كده : أوك، في أخطاء في المجمعين، طيب ياخ إنت شغلك شنو غير إنك تصلح الأخطاء وتمشي لي قدام، بحيث يتم تشغيل المجمعين؟.. هذا مايلي المجمعات، محض لت وعجن وتجريم شبه يومي، بلا إصلاح أو إضافة (مجمع مافيهو أخطاء)..أها، ماذا عن حوادث جبرة؟..الحمد لله خالية من الأخطاء، ومكتملة المباني، ولاينقصها غير العدة والعتاد، وكان يجب تشغيلها قبل عام، فلماذا تتلكأ الوزارة في جلب العدة والعتاد والتشغيل؟..ليس هناك مايمنع البروف حميدة والعاملين معه بالوزارة غير انشغال بأخطاء الذين سبقوهم بغرض التجريم وليس الإصلاح..وعليه، نقترح تشكيل لجنة برئاسة أحد العاملين بالوزارة، لتفحص مباني حوادث جبرة ثم تكتشف بأن لون باب عيادة الطبيب كان يجب أن يكون أخضر ولكنه (بمبي).. نعم الخطأ في لون الباب يصلح بأن يكون تبريراً لعدم تشغيل هذه الحوادث، وكذلك تكرار هذا الخطأ الفادح – عبر مؤتمرات صحفية – يصلح بأن يكون (إنجازاً تاريخياً)…!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]