تحقيقات وتقارير
سياحة تحليلية في الساحة السياسية
ولعل من اهم احداث الاسبوع المنصرم مشاركة رئيس الجمهورية في قمة مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في افريقيا (التيكاد)، وكذلك زيارته الى العاصمة الكورية سيول .. وقد ابدى السيد رئيس الجمهورية في كوريا عزمه وحرصه على تقوية وتمتين علاقات السودان مع كوريا ،خاصة في المجالات الاقتصادية وذلك عند لقاء البشير بالرئيس الكوري لي ميونغ باك. والمعروف ان كوريا قد اصبحت في مصاف الدول المتقدمة جداً في مجالات التقنية المختلفة.
وفي نفس اجتماعات القمة اعرب الرئيس البشير ايضاً عن حرص السودان في اقامة علاقات حسنة مع دولة تشاد، وعلي ضرورة تفعيل لجنة الحدود المُشتركة بين البلدين والتي انبثقت عن مؤتمر داكار، وهو آخر المؤتمرات التي تم فيها ابرام اتفاقات بين السودان وتشاد .. وكنا عند انعقاد ذلك المؤتمر قد عبرنا عن عدم تفاؤلنا بأن تلتزم تشاد بما توقع عليه من اتفاق، وكان ان صدق حدسنا؛ لانه بعد اسابيع قليلة جداً من توقيع اتفاق داكار وقعت محاولة الغزو الفاشل للعاصمة السودانية التي قامت بها حركة العدل والمساواة بدعم كامل وشامل من نظام الرئيس التشادي ادريس دبي !!!
في الاسبوع الماضي، ظل قانون الانتخابات يتصدر اسباب الجدل والمغالطة والتراشق وتبادل الاتهامات في المجلس الوطني وفي اجهزة الاعلام ..فالبرلمان يستعجل رئاسة الجمهورية لايداع قانون الانتخابات لدي المجلس الوطني،وقد هدد رئيس المجلس احمد ابراهيم الطاهر، بأن تظل الدورة الحالية للمجلس في حالة انعقاد متواصل ومستمر الي حين ايداع القانون منضدة المجلس؛ لان الانتخابات قد تحدد لها وفق اتفاقية السلام الشامل ان تُجرى في بداية العام القادم 2009م. ممثلو المعارضة بالمجلس اعترضوا علي هذا الامر، واتهموا المؤتمر الوطني بأنه يريد ان يستخدم اغلبيته الميكانيكية لاجازة القانون بالصورة التي يبتغيها ..!! الدكتور غازي صلاح الدين، رئيس الهيئة البرلمانية لنواب المؤتمر الوطني بالبرلمان رد علي هذا الاتهام من قبل المعارضة بأن المؤتمر لم يحدث ان استخدم اغلبيته بطريقة ميكانيكية لاجازة اي قانون في البرلمان، واكد حرص المؤتمر على اجراء الانتخابات في مواعيدها المقررة مع ضروة ان يسرع الشريكان ـ المؤتمر والحركة ـ في حسم خلافهما علي بعض مواد القانون المقترح، والذي اودع لدي رئاسة الجمهورية .
استمراراً لاصداء وتداعيات احداث الغزو الفاشل للعاصمة، شرعت نيابة مكافحة الارهاب في التحقيق في وقائع تلك الاحداث وقامت لجنة التحقيق بنشر صور واسماء لحوالي التسعين طفلاً اشتركوا في محاولة الغزو الفاشل، وطالبت ذويهم بمقابلة اللجنة لحضور مباشرة التحقيق مع هؤلاء الاطفال كما يقتضي كل من القانون الجنائى لسنة 1991م وقانون الطفل لسنة 2004م .. وكان هذا الاعلان ينشر لان هؤلاء الاطفال جميعا تتراوح اعمارهم بين الثانية عشرة والسادسة عشرة، وهم يعتبرون بذلك قُصَّراً بموجب المادة 47 من القانون الجنائى السوداني لسنة 1991م .
هذا وكانت السلطات قد اطلقت سراح 481 من المشتبه بهم في تلك الاحداث لعدم ثبوت بينات ضدهم .. كما ان قيادة الشرطة قد اعلنت انها ستسعى لاسترداد المتهمين الهاربين عبر الشرطة الدولية «الانتربول».
الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم، عاد الى ممارسة هوايته القديمة في الهجوم واستخدام لغة متشددة ضد المؤتمر الوطني، وقد استغل هذه المرة احداث ابيي لممارسة هذه الهواية الخطيرة في محاولة احداث الشروخ العميق في جدار العلاقة بين المؤتمر والحركة .. وقد نادي الامين العام للحركة بضرورة نشر قوات من الامم المتحدة لمراقبة الوضع في ابيي ..!!
يحدث هذا في نفس الوقت الذي يعلن فيه احمد هارون وزير الدولة بوزارة الشؤون الانسانية ان الوضع في ابيي مطمئن، وانه يتوقع التوصل لحل سياسي للقضية في غضون ايام قليلة جداً.. هذا وكان الشريكان ـ المؤتمر والحركة ـ قد قررا تفويض اللجنة السياسية المشتركة لحل مشكلة ابيي خلال ثلاثة ايام، وان ترفع مقترحاتها للجنة التنفيذية المشتركة برئاسة نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس حكومة الجنوب.
في الاسبوع الماضي ايضاً اتضح ـ كما اكدت بعض الصحف ـ ان مجلس الوزراء يتجه الي الابقاء علي عطلة السبت لان الاحصائيات ـ كما يقول وزير شؤون مجلس الوزراء ـ قد اكدت انخفاضا ملحوظاً احدثته عطلة السبت في بنود الصرف على استخدام الهواتف واستهلال الكهرباء والمياه والوقود وشراء الصحف !! على كل حال، لقد كان رأينا دائما ان مشكلة الاداء والانجاز لدي العامل السوداني لا تكمن في عدد ايام او ساعات العمل، ولكن في قيمة الاهتمام بالعمل نفسه وهي قيمة حضارية وانسانية واسلامية، تحتاج منا لتوعية مكثفة ليكون عطاء العامل السوداني اكبر واكثر واحسن !!
الدكتور عبد الحليم اسماعيل المتعافي ، والي ولاية الخرطوم، والاستاذ مبارك الكودة معتمد محلية الخرطوم، عقدا العزم في الاسبوع الماضي على اعادة الخرطوم الي سيرتها الاولي كمدينة مضيئة وعامرة بالحركة والحياة والحيوية، وذلك بتطوير وسط الخرطوم بالتعاون مع اتحاد اصحاب العمل، ونحن نثق ان المتعافي والكودة سيبران بوعدهما هذا لما عرف عنهما من اتساع الافق والخيال والقدرة على الابداع والانجاز، وننتظر ان نري الخرطوم عاصمة حضارية كما كنا دائما نتمني ونحلم !!
على الصعيد الاقليمي، اصدرت محكمة اثيوبيا حكما غيابيا بالاعدام على الرئيس الاثيوبي السابق منقستو هايلي ماريام وثمانية من كبار مساعديه .. والمعروف ان منقستو، ومنذ الاطاحة بحكمه في العام 1991م يحل ضيفا علي صديقه مقوابي في زمبابوي.
علي الصعيد الافريقي ايضاً، شهد الاسبوع الماضي هجوما ضاريا شنه الرئيس الاريتري اسياسي افرورقي ضد الولايات المتحدة، وذلك في الذكري السابعة عشرة لاستقلال بلاده .. وكان افورقي في بداية فترة حكمه قد حاول التقارب مع امريكا والاعتماد عليها، ولكن يبدو انه قد اتضح له انه بذلك يعتمد على (حائط مائل)، فامريكا لا يمكن ان تكون دولة جديرة بالثقة والاطمئنان عليها؛ لانها دولة تعتمد على المصالح ولا تعترف بالمبادئ وتتحرك وفق اغراضها واهدافها الذاتية دون اي واعز اخلاقي موضوعي !!
في مصر تثار ضجة سياسية اخري بعد ان قرر مجلس الشعب ـ بناءً علي طلب الحكومة ـ تمديد حالة الطوارئ عامين آخرين .. وهذه الحالة ظلت معلنة ومطبقة منذ وقوع حادثة المنصة التي أُغتيل فيها الرئيس المصري السابق انور السادات في العام 1981م.
في تقريرها الاخير الذي صدر في الاسبوع الماضي، طالبت منظمة العفو الدولية، الولايات المتحدة بإغلاق معتقل غوانتانامو وحظر التعذيب والتوقف عن دعم الانظمة الدكتاتورية المتسلطة في العالم ..
وقد ظلت هذه المنظمة توزع مطالبها واتهاماتها ضد السودان وسوريا وايران وغيرها، ولم يفتح الله عليها ابدا بأن تنتبه للممارسات الشنيعة المريعة التي تقوم بها الولايات المتحدة في غوانتانامو وفي العراق وفي افغانستان وفي كل مكان من العالم .. على كل حال، نتمني ان تستمر صحوة الضمير هذه التي انتابت الآن منظمة العفو الدولية !!!
في لبنان، تم انتخاب العماد ميشيل سليمان قائد الجيش السابق رئيسا للجمهورية بأغلبية كبيرة وبحضور عربي مكثف، مثل فيه السودان، الدكتور مصطفي عثمان مستشار رئيس الجمهورية، كما تم ايضاً تكليف فؤاد السنيورة من قوي الرابع عشر من آذار بإجراء المشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة ، وهكذا اجترحت دولة قطر المعجزة ونجحت فيما فشل فيه الكثيرون بتجنيب لبنان الحرب الاهلية التي كانت تقف على مشارفها ..
على المستوى الدولي، اصدر مرشحو الرئاسة الامريكية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ـ كلينتون وباراك وماكين ـ اصدروا بيانا مشتركا طالبوا فيه بضرورة ان تتدخل امريكا بشكل مباشر وفوري وفاعل لوضع حد لما اسموه الابادة الجماعية التي تباشرها الحكومة السودانية في اقليم دارفور.. وهذا التحامل ينذربأن الادارة الامريكية القادمة سواء ان جاءت جمهورية او ديمقراطية، لن تكون اقل سوءاً من ادارة بوش الحالية .. على كل حال، لقد ظللنا نقول اننا لا نهتم بأن يفوز بالرئاسة الامريكية مرشح جمهوري او مرشح ديمقراطي؛ لان كليهما «احمد وحاج احمد» سيواصلان السياسة الامريكية الممعنة في الغباء والحماقة !!
هذا استعراض سريع ومقتضب لبعض الاحداث الكثيرة التي عج وازدحم بها الاسبوع الماضي، ونتمني ان نعود الي السياحة التحليلية لاحداث الاسبوع القادم فنجد ان الاحوال قد اصبحت اهدأ واحسن في كل مجال وكل مكان …
د . إسماعيل الحاج موسي ::الصحافه [/ALIGN]