عبد اللطيف البوني

سمعت, شفت وجابوه لي


[JUSTIFY]
سمعت, شفت وجابوه لي
(1 )
الشجر الكبار فيهو الصمغ
بم أنني من المداومين على سماع إذاعة أم درمان منذ زمن الراديو (أبوحلة) إلى زمن الإذاعة في الموبايل ليسمح لي القائمون على أمرها أن أخرج من منهجي النقدي القائم دوماً على المحبة ..هناك مدرسة نقدية تقول لاتتناول بالنقد إلا الذي تحبه لكي تضئ بعض جوانبه التي نبعت من محبتك له وبهذا تضيف إليه أما العمل الإبداعي الذي لايعجبك فأهمله وأتركه وهذا يتوافق مع مثلنا الشعبي (الكلام أكان داير تكملة همله) طيب, بعد هذه اللفة الطويلة أود أن أقول إن فترة المنوعات الإذاعية النهارية والعصرية والمسائية في رمضان الحالي لم تكن أبداً بمستوى الأعوام السابقة وأظنني لا أبالغ إذا قلت أنني لم أسمع مثلها من حيث التواضع من قبل, قد تكون هناك أسباب موضوعية نحن نعلم بعضها مثل سخانة الجيب التي اجتاحت كل السودان. فمن المؤكد أن للإذاعة “مؤسسة وعاملين”، منها نصيب وهذا بالطبع سوف ينعكس على الأداء ولكن مع وجود الطاقم الإداري الحالي وهو ابن بار لحوش الإذاعة كان ينبغي أن يكون الأمر أحسن مما هو عليه الآن (بس خلاص) ومع ذلك لقد أسعدنا وجود أنس أحمد عبد المحمود في “مسؤول من الخير” وعبدالناصر الطائف أحمد في “الحاج متذكر” ومحمد شريف علي في “يوميات سائق تاكسي” مع كوكبة الممثلين والممثلات الراقية المشتركة في هذه الأعمال الدرامية الجميلة فهي التي خففت كثيراً من وقع الفترة.
(2 )
الله خلي وليدي
كانت تأتي إلى القرية من الكمبو(في الجزيرة يسمون قرى العمال الكنابي وهذه ابتدرها الانجليز) المجاور لها وهي تحمل فوق رأسها صحون الفول المدمس والتسالي والترمس فما أن تصل السوق وتفرش بضاعتها حتى ينكب عليها الأطفال (حاجة قما اديني فول بقرشين, حاجة قما اديني تسالي بقرش, حاجة قما اديني ترمس انا ماعندي قروش) فتعطيهم جميعاً وما أن تلامس يدها الطفل الذي تمد إليه المطلوب إلا تقول (الله خلي وليدي, الله خلي بنيتي) وبعد أن ينجمع السوق تدخل القرية وتدخل أي بيت في القرية بدون أي استئذان فتجلس وتبيع وتأكل وتنام وتشرب فأي بيت في القرية بيتها والكل يحبها. ذات يوم في الفريق الوراني تحرش بها شاب طائش فماكان منها إلا قذفت كل بضاعتها في الأرض ومشت مسرعة للفريق القدامي ومن يومها أقسمت أن لا تدخل ذلك الفريق واسمته فريق (ناس النار) وحصرت نفسها في الفريق القدامي واسمته فريق (ناس الجنة) فشق هذا الأمر على أطفال ونساء ورجال الفريق الوراني لقد افتقدوا حاجة قما ودخولها البيوت بدون اي بروتوكول وملاطفتها للكل كما أن وصف حاجة قما لهم بأنهم من أهل النار كان قاسيا عليهم فأصبحت الوفود تترى إلى الكمبو للاعتذار لحاجة قما وإقناعها بالعودة للفريق الوراني ولكنها كانت ترفض وبشدة أخيراً وسطوا لها أهل الفريق القدامي فاشترطت عليهم أن يأتي الشاب الذي تحرش بها ويعتذر لها وبالفعل اقنعوا الشاب فجاءها وعلى رؤوس الأشهاد اعتذر لها وقال لها إنه لم يكن يقصد شخصها إنما يقصد بضاعتها فقالت له (إنت زول نار لكن ناس فريق باقيين ممكن يدخلوا جنة) ومن يومها أصبح اسمه الشائع زول النار فارهقه هذا الاسم فاضطر لهجر القرية نهائياً.
(3 )
ناجي عطا الله
زمن طويل مضى ولم يظهر النجم عادل إمام في أي مسلسل ولكنه في رمضان الجاري عاد بقوة في مسلسل فرقة ناجي عطا الله وهو عمل درامي ضخم ويقوم عادل إمام بدور ناجي عطا الله الشخصية المحورية في العمل وهو ضابط مصري سابق ثم عمل ملحقاً إدارياً في سفارة مصر في تل أبيب. تتلخص القصة في سرقة بنك إسرائيلي ولكن هناك أفكاراً ممتازة وقصص اًقصيرة كثيرة تدور في ثنايا الفكرة الرئيسية فتكوين الفرقة التي اعتمد عليها ناجي في تنفيذ العملية قصة قائمة بذاتها إذ توضح كيف يختار القائد رجاله، ثم كيف يقودهم وكيف يدير موارده .والغريب في المسلسل أن شخصية ناجي عطا الله في غاية الصرامة في كل حركاته وسكناته والفكاهة التي ينتظرها الناس من عادل إمام يقوم بها الشخوص الذين حوله أي الكوميديا في مجمل المشهد ومن الأفكار الجانبية المهمة التي ناقشها المسلسل حتى الآن شخصية الإسرائيلي الخائن الذي باع شفرة البنك لناجي عطا الله وهو شخصية سكيرة يائسة وسبب ذلك أنه اكتشف أن زوجته تخونه مع مسؤول كبير فكراهته لهذا الشخص جعلته يكره كل إسرائيل ويبيع ضميره. الفكرة الرئيسية سوف نتعرض لها إن شاء الله بعد نهاية المسلسل الذي مضت حتى الآن ثلاثة أرباعه هذا للحى البعيش.
(4 )
الحالة الجعولية
أجد نفسي متفقاً وباصما بالعشرة مع ما ذكره الأستاذ الزميل / يوسف عبد المنان في عموده الشهير بالمجهر الرئاسي عن اللهجة القبلية التي بدأت تدخل الأدبيات الرياضية بعد أن أرهقت القبلية السياسة في البلاد وأشار يوسف بالتحديد لحكاية نمور دار جعل التي تطلق على فريق أهلي شندي الذي يمثل السودان مع الهلال والمريخ في الكونفيدرالية. ومن المؤكد أن وصول الفريق لهذه المنافسة إنجاز كبير يحسب لأهلي شندي وأقطابه وكل مدينة شندي ولكن هذا الفريق كما هو معلوم يضم لاعبين ليس من كل أنحاء السودان فحسب بل من عدة دول إفريقية وهذا أمر طبيعي منذ أن عرفت كرتنا الاحتراف فبالتالي يكون من الخطأ نسبته لقبيلة فهو فريق مدينة كبيرة مثل هلال الجبال وتماسيح الحصاحيصا وأفيال مدني وأنيق كسلا فكلها منسوبة للجغرافيا ليس هذا فحسب بل الأهلي الآن فريق قومي بل قاري مثل الهلال والمريخ فدلعه البعض باسم الارسنال وهذا جميل, هذا مع أكيد حبنا وتقديرنا لقبيلة الجعليين وكل قبائل السودان فالقبلية أصبحت مكوناً أساسياً من ثقافتنا رغم أن معظم السودانيين خاصة في القطاع الحديث ليس لهم واجبات تجاه القبيلة وليس لديها حقوق تجاههم فهذا أصبح حكراً على الدولة ومع ذلك لاشيء يمنعنا من استخدام مصطلح الجعولية للإشارة للحماس الزائد والاندفاع المنسوب لأهلنا الجعليين فأنا يمكن أن تنتابني حالة الجعولية وكذا يوسف عبد المنان فصلاح إدريس الذي سكب المليارات في أهلي شندي ليجعله في مصاف الهلال الذي كان رئيساً له ولفترة طويلة أقل يمكن أن يقال عن تصرفه هذا هو أنه تجوعل وهذه تجربة جديرة بالدارسة.
(5 )
ارخصوها بالترك
أجد نفسي معجباً ومتعاطفا جداً مع جمعية حماية المستهلك السودانية التي يقف على رأسها الدكتور وياسر ميرغني وصديقنا دكتور نصر الدين شلقامي وآخرون , فهذه الجمعية نموذج ممتاز لمؤسسات المجتمع المدني التي ننشدها فهي بعيدة عن السياسة والانتماءات الضيقة وبعيدة عن الربحية وتقوم على الطوع والاختيار وهي مفتوحة لكل الناس. هذه الجمعية تعمل الآن في ظرف لاتحسد عليه بالمرة لأنها تحاول تخفيف الضغط على المواطن بجعل السلع الضرورية في متناول يده وذلك بمكافحة ارتفاع الأثمان في وقت البلاد كلها تعاني من مشاكل اقتصادية هيكلية تتمظهر في التضخم والندرة وتدني قيمة الجنيه السوداني والدولة أصبحت تتفرج على غول الغلاء وهي عاجزة عن فعل أي شيء فكيف تستطيع هذه الجمعية أن تضبط الأسعار؟ إنها تبذل ما يمكنها من جهد وهي تعلم أن تأثيرها محدود فلها أجر الاجتهاد وأجر العمل مع قلة المردود أما شعارها الذي رفعته لمحاربة ارتفاع الأسعار وهو (الغالي متروك) وفي ليبيا رفعوا شعار(حاربوها بالترك) فهو أمر طبيعي لأن الناس سوف تترك ما لاتطيق سعره وهذا لايحتاج لمناشدة من أحد وبالتالي ينبغي تكون المناشدة للقادرين بأن يتضامنوا مع غير القادرين عليه يجب أن يكون نداء الجمعية موجهاً لهؤلاء الموسرين بأن يتضامنوا مع الفقراء بعبارة أخرى النداء ليس مطلقاً إنما لطبقة معينة كان يكون النداء مثلاً (عزيزي المواطن إنت قادر على شرائها ولكن أتركها حتى يتمكن جارك من شرائها )
(6 )
أنا ماشي المغرب أو ,أو
قرأت في إحدى الصحف خبراً مفاده أن هناك اتفاقاً بين المغرب والسودان يلغي التأشيرة بينهما فهذا يعني أنه إذا كان الواحد منا يريد أن يذهب للمغرب لايحتاج لتأشيرة من السفارة المغربية بالخرطوم إنما يلم عفشه ويذهب إلى المطار مباشرة تعثرت على هذا الخبر في مصدر وتر ولم أجد له تعضيد ولكن في نفس الوقت لم أجد له نفياً . من حيث المبدأ هذا خبر طيب فإلغاء التأشيرات بين كل الدول الصديقة والشقيقة أمر مطلوب ولكن السؤال لماذا يذهب السوداني إلى المغرب وبصورة أكثر إلحاحاً لماذا يأتي المغربي إلى السودان ؟ أين هي التجارة أو التعليم أو العلاج أو أي شيء آخر يربط بين البلدين الشقيقين غير الجارين؟ الذين يودون أن يدفعوا العلاقة بين البلدين عليهم إقامة بنيات أساسية لهذه العلاقة وفرص التعاون الاقتصادي بين البلدين كبيرة جداً فالمغرب بلد متطور ومزدهر اقتصادياً وموارد السودان ضخمة جداً وساعتها لن تكون التأشيرة مشكلة بأي حال من الأحوال ففاس فيها ناس ووراها ناس.
(7 )
محمد موسى مر من هنا
في جمعة سابقة كتبت في هذا المكان قائلاً إن محمد موسى ابتدر بادرة طيبة في قناة الشروق بتقديم سهرات ضيوفها من ظرفاء وفنانين من خارج العاصمة أي من مدن السودان المختلفة وتنبأت بأن هذا البرنامج سوف يصبح سيد سهرات رمضان يبدو الآن أن رهاني كان في مكانه فتابعت الكثير من حلقات البرنامج فوجدت فيها متعة وفائدة غير عادية لابل جذبتني عن بقية القنوات تماماً فسهرة الفنان الجمري مع ذلك الضيف الكفيف (فات علي اسمه) من ولاية النيل الأزرق كانت رائعة جداً فالجمري فنان غير عادي لديه قدرة عالية على التطريب بالعربي والعجمي أما سهرة الجزيرة حيث مدثر القطر والفنان عباس جزيرة صاحب الغناء الهامس الذي يدغدغ المشاعر كانت ولا أحلى لكن ياعباس في أغنية (الزول الوسيم الطاعم ) الطاعم دي محتاجة لمراجعة طبعا الشاعرة سحر وأنت برئيان جداً لكن الكهول من أمثالنا والشيوخ مشكلة كدي أسأل منها القطر. سهرة كريمة مع الطاهر كوستي وعباس الجرف كانت قمة الإبداع والله العظيم لم أجد في السودان إنساناً يمكن أن يضحكني بتلقائية مثل الطاهر كوستي هذا وقريب منه موسى سيد الربع من الأبيض وتحية خاصة لفنان حلفا اللابس الأخضر وتعظيم سلام لسيدي دوشكا. لدي اقتراح لقناة الشروق وهو أن يتوقف برنامج (الشروق مرت من هنا) رغم أنه برنامج ناجح ونجاحه يرجع لشخصية محمد موسى ويتفرغ محمد موسى لفكرة برنامج للفرح ضفة أخرى الذي يقدمه الآن أي يحمل كاميراته ويجوب السودان مدناً وقرى وفرقاناً, أجزم بأنه سوف يخرج لنا حاجات تجنن عديل, منذ رحيل الطيب محمد الطيب لم يظهر من يخدم فكرة التجوال الفني خارج العاصمة إلا محمد موسى لا بل محمد موسى طورها وجعلها معاصرة تخاطب العقلية الحديثة.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]