(الميزانية).. من عهد الاستقلال إلى عصر التقشف!!
} موازنة بدون عجز جاءت موازنة (1955 1956م) بدون عجز، بل بفائض بلغ (1.8) مليون جنيه، وبلغت الإيرادات حينها (3.818.888) مليوناً وكانت المصروفات (34.036.274) مليون جنيه، فيما بلغت الإيرادات في موازنة 2014م (46.2) مليار جنيه والإنفاق (58.2) مليار جنيه، حيث أكدت ضرورة الاستمرار في برامج الدعم الاجتماعي.
} استقلال زراعي بقراءة لواقع الميزانية آنذاك والاقتصاد، يظهر جلياً أن الاقتصاد بدأ بعد الاستقلال مستقلاً زراعياً، اعتمد على الزراعة خاصة القطن، وهذا ما أكده أول وزير مالية بعد الاستقلال «حماد توفيق حماد» وهو يقدم خطاب الميزانية أمام مجلس الشعب، حيث تلخصت سماتها في الاعتماد الكلي على زراعة القطن كمورد رئيسي للموازنة، وقال في خطابه إن الزراعة هي العمود الفقري لاقتصاد البلاد.
وحسب الوزير، فإن أهدافها تركزت في الحد من الأنفاق من احتياطي العملات وتوفير فائض من الميزانية تستطيع الحكومة من خلاله مواجهة التزاماتها، بالإضافة إلى تمويل مشاريع الإنشاء والتعمير وتشجيع المشروعات الإنتاجية، وذلك في الوقت الذي تمثلت فيه وسائل تحقيق هذه الأهداف في فرض قيود على الاستيراد للحد من الصرف بالعملات الأجنبية.
} أول عملة في ميزانية السودنة
موازنة ما بعد الاستقلال مباشرة كانت بعملة الجنيه السوداني، وتم حينها سحب العملة المصرية من التداول، حيث تم الاتصال بالحكومة المصرية لسحب العملة من السودان.. «حماد توفيق» وهو يقدم خطابه لم يفوته تلخيص علل الاقتصاد السوداني- قبل (58) عاماً- حيث قال: (نحن نعيش في مستوى لا يتماشى مع دخلنا)، كما أن الاتجاه إلى تأجيل مشاريع الإنشاء والتعمير كان بسبب الميل للصرف على المشروعات غير الإنتاجية.. ووفقاً للحلول، فإن الوزير طالب بتشديد الرقابة على المال العام وإلا تعرضت البلاد إلى صعوبات جمة- حسب تعبيره- ودعا الشعب إلى شدّ الأحزمة وربط البطون وادخار ما يفيض عن الحاجة وتوظيفه في مشاريع التنمية.
} الادخار سمة موازنة 1956م
الادخار كان سمة موازنة 1956م، حيث ذكّر الوزير الشعب السوداني وهو يختتم خطابه بالعيش ببساطة والادخار لبناء حياة أسعد في المستقبل.
ونذكر كذلك أن موازنة (1955 1956م) كانت أول موازنة تتم فيها سودنة الوظائف الحكومية، بالإضافة إلى الاعتماد على النشاط الزراعي خاصة زراعة القطن في الجزيرة ودلتا طوكر وجبال النوبة.
الآن، وحسب حديث محللين واقتصاديين تحدثوا لـ( المجهر)، فإن الزراعة خرجت من الموازنة منذ أن تم تصدير أول شحنة بترول، وذلك في العام 1999م، وتراجعت وفقاً لذلك القطاعات الإنتاجية التي تم إهمالها وعدنا إلى المربع الأول، مربع ما قبل النفط، لأن أكثر من (75%) من النفط ذهب مع الانفصال، ومنذ ذلك الوقت (وقع) اقتصادنا في الهاوية وارتفعت الأسعار وازداد لهيبها، إلا أن ذلك لا يمنع أن ننعشه بحزمة إصلاحات تعيد القطاعات الإنتاجية، والزراعة خاصة، إلى ما كانت عليه.. الآن نحن نستورد، ونحن دولة زراعية.. ذهب المستعمر منذ (58) عاماً وما زال اقتصادنا دون المطلوب، بل ما زال العجز متسعاً وكذا التضخم.
} العملة من «مأمون بحيري» حتى الجنيه
ونحن نحتفل بعيد الاستقلال كان لابد أن نقف كذلك عند أول عملة بعد الاستقلال، باعتبار أن السياسة النقدية لا تنفصل عن السياسة المالية.
بنك السودان المركزي أكد في إفادة لـ(المجهر) عن العملات، أنه في يونيو 1956م تمت إجازة قانون العملة، وتم بموجبه تكوين لجنة العملة السودانية برئاسة «مأمون بحيري» وتم حينها إصدار سبع فئات من العملة المعدنية، التي سُكّت في بريطانيا وهي: (مليم)، (2 مليم)، (5 ملاليم)- (التعريفة)، (10 ملاليم)- (قرش)، (2 قرش)، (5 قروش) و(10 قروش).
كل الفئات (المليمية) ذات شكل واحد من الأمام إلى الخلف.. في أعلى واجهتها عبارة (جمهورية السودان) وفي الوسط فئة العملة، وفي الأسفل وعلى الجانبين زهور القطن مع التاريخ الميلادي، وهي من معدن البرونز، وحواف هذه العملات مضلعة وذات لون بني.. وفئات (القرش) لا تختلف عن الفئات (المليمية) غير أن حوافها (مشرشرة) وهي من معدن النحاس وذات لون أبيض فضي.. أما بالنسبة للعملات الورقية، فقد تم إصدار فئة (25 قرشاً) و(50 قرشاً) و(واحد جنيه) و(5 جنيهات) و(10 جنيهات)، وكلها بتوقيع «مأمون بحيري».
إلى ذلك، يعدّ «حماد توفيق حماد» هو أول وزير مالية بعد الاستقلال، فيما يعدّ «مأمون بحيري» أول محافظ لبنك السودان بعد الاستقلال.
صحيفة المجهر السياسي
رقية أبو شوك