يا أهل الإنقاذ.. تعالوا الى كلمة سواء
أنا لا أريد أن أسأل لماذا لا يتمعر وجه أهل الإنقاذ من الغضب لله.. مع تأكيد أن المفردة الرئيسية (يتمعر) مأخوذة من نص صحيح مرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أريد أن أسأل لماذا لا يغضب أهل الإنقاذ لله مع أن مفردة الغضب مأخوذة من حديث صحيح في الشمائل المحمدية، أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا انتهكت لله حرمة لم يقم لغضبه شيء.. بل لابد أن أسأل لماذا لا يستاء أهل الإنقاذ لماذا يجري تحت سمعهم وبصرهم من مخالفات وتباعدات عن الأنموذج الإسلامي الذي جاءوا لإنقاذ السودان بسببها وإنقاذه إلى ربوة الأنموذج الإسلامي وجنته.. السؤال هو لماذا لا يشعر أهل الإنقاذ بما يدور حولهم، وما يجري وما يحل بالأنموذج الإسلامي الذي يتوكأون عليه أمام أعين العالم ويهشون به على أغنام أهل السودان.. وربما كان لهم فيه مآرب أخرى..
بعد ربع قرن من الزمان من حكم الإنقاذ بلا منازع حقيقي ولا معاد ذي خطر كم تحقق من الأنموذج الذي جاءت تحمله الإنقاذ لإنقاذ أهل السودان؟ هل تحقق 100%- أم 80%- أم 20%- أم ربما 10% أو 5%.؟
بعض الناس يظنون أنه قد تحقق شيء ما لايجرأون على تحديد نسبته.. ربما لأن بعضهم يظن النسبة سالبة أي بالخصم لا بالإضافة.. ولكن ومع حيرتي واندهاشي وتشتت ذهني الذي قد يصل إلى درجة الغباء أقول إنه حدث شيء من هذا وشيء من ذاك..
أي شيء من الخصم وشيء من الإضافة إلا أن الذي أراه.. وأقولها بصراحة ووضوح إن الخصم أكبر من الإضافة بل إن الخصم أوضح وأجرأ على الاستعلاء والظهور، وأبلغ أثراً في الحياة من الإضافة وأنا عندما أقارن فإنما أجعل الأنموذج الإسلامي الحقيقي وليس الإنقاذي هو المرجعية أو خلفية الصورة، وأنسب كل شيء إليه.. ولكن للأسف الشديد أجد أن يد الإنقاذ قد امتدت إلى أصل الأنموذج، فعبثت به وحورت وبدلت وغيرت فيه حتى أوشك أن يفارق الأصل، وحتى أوشك الوجدان الإسلامي الذي يرعى الإنقاذ ويقوم على مشروعها أن يصبح وجداناً مختلاً ومعتلاً لا يفرق بين الشورى والديمقراطية ولا بين العدالة والمساواة ولا بين الحقوق الطبيعية الفطرية وبين الحقوق المكتسبة، التي تفرضها المجتمعات والمدن والأديان.. ويخلط خلطاً مريعاً بين الحقوق الإنسانية والحقوق السياسية هذا الوجدان لا يغضب لشيء.. ولا يستثيره شيء إذا رأى امرأة محجبة أو منقبة يراها هي والمتبرجة المبتذلة سواء.
لا يتمعر وجهه.. لا يغضب.. لا يستاء.. لا يلاحظ يخلط خلطاً مريعاً بين مفهوم المواطنة ومفهوم المعايير الأخلاقية ومفهوم الأعراف والتقاليد والتشريعات.
إن الوجدان الإنقاذي اليوم لا يتمعر وجهه لشيء، ولا يغضب لشيء، ولا يستاء لشيء، بل يكاد لا يلاحظ شيئاً قط لا في الاقتصاد ولا في الاجتماع ولا في الأخلاق، ولا في التربية، ولا في التعليم، ولا في السياسة، ولا في الدعوة.. ولا أن الوجدان الإنقاذي اليوم يعيش حالة غريبة من الذهول والانشداه والغيبوبة.
الوجدان الإنقاذي اليوم يمني ويتمنى.. يمنينا. بالأباطيل.. ويتمنى المستحيل.. يرينا ما لانراه ويحدثنا بلسان الحال والمقال أن ليس في الإمكان أحسن مما كان، والبعض يرد عليه أن ليس في الإمكان أسوأ مما كان.. ويتمنى على الله الأماني، وهي حال الذي يطير بلا جناح، والذي يريد أن يبدع يطير إليه.. وينسى أن النافد بصير، وأن العمر قصير، وأن الأمر يؤول قريباً الى حساب وعقاب وثواب.. وأن الشاهد علينا من أنفسنا جلودنا وجوارحنا.
دراسة نقدية لكتاب (آذان الأنعام)بدأت فعلاً في دراسة نقدية مطولة لكتاب آذان الأنعام، وأنا أقول منذ الوهلة الأولى إنني لم احتف بالكتاب منذ أن قرأت المقدمة والتمهيد، وذلك يعود الى أسباب شتى منها أن المعنى المراد تبليغه لنا عن مغزى اختيار آذان الأنعام عنوانا لهذا الكتاب لا زال في طي الكتمان، وذلك رغم أن الفكرة وردت أكثر من مرة ونوه الأخوان إلى أن سر الدراسة كله يكمن في العنوان (آذان الأنعام) وأنا لا أدري ما الذي وجده الأخوان مكتوباً في آذان الأنعام بالهيروغلوفية أو العبرية أو السنسكريتية أو الصينية أو الهندوسية أو حتى بلغة الرموز أو بلغة أهل بابل القدماء.
منها أنني ومنذ الوهلة الأولى اكتشفت ضعفاً مريعاً في الثقافة الإسلامية للأخوين.. لا تتلاءم مع المهام الصعبة التي تجردا لها والتي تقتضي تعمقاً وتبحرا أكثر كثيراً من تعمق وتبحر العالم الوسيط، وليس المثقف المتمكن.. كما أن هناك خللاً في ملكة ومقتضيات البحث العلمي الذي يعتمد الوضوح والجلاء وبيان الأهداف والوسائل، وتعريف المفردات والمصطلحات والانطلاق من اللغويات إلى التعريفات والمصطلحات.. كل ذلك يضع علامة استفهام كبيرة لايغيرها ما اعتمداه من تقريظ ومديح للإسلام أحياناً ولنبي الإسلام مما يحسنه عوام المثقفين المسلمين بل والعلمانيين أحياناً، ذلك انك لا تمدح الابن وتلعن أباه.. وسنرى مصداقية ما نقول في الحلقات القادمة التي قد تمتد إلى عشرين حلقة متفرغة بمتوسط حلقة أو حلقتين في الأسبوع.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]