عبد اللطيف البوني

اكرموا أرواح الراحلين


[JUSTIFY]
اكرموا أرواح الراحلين

(1 )
الأحداث تستدعي بعضها وكل حدث يخرج من ذاكرة سابقيه ولعل هذا ماحدث بعد أن فجع الناس في السودان بالحادث الأليم المتمثل في تحطم طائرة المعايدة الخرطومية في تلودي في أول أيام عيد الفطر الحالي. فقد ذكر أحد التحقيقات أن معدل سقوط الطائرات في الربع قرن الأخير وصل طائرة كل عام وقد فقد السودان جراء ذلك خلقاً كثيراً على رأسهم اثنان من النواب الأوائل لرئيس الجمهورية هما الفريق الزبير محمد صالح والعقيد الدكتور جون قرنق دي مابيور ووزراء وقادة عسكريون وقادة خدمة مدنية وتجار وركاب عاديون وبهذا يكون السودان قد حطم الأرقام القياسية في سقوط الطائرات ولعله في ذلك نافس الحوادث البرية فالأمر محتاج لوقفة طويلة ونظرة فاحصة لاستخراج الدروس المداوية ويالها من دروس غالية الثمن ومرتفعة الكلفة.
(1 )
مناطق العمليات العسكرية هي الأعلى شهوداً لحوادث الطائرات وتلودي إحدى هذه المناطق التي شهدت وماتزال تشهد بعض فصول الحرب الأهلية الجارية الآن والتي اندلعت في يونيو من العام المنصرم. ففي ذات يوم سقوط الطائرة كانت هناك مفاوضات في أريتريا بين حكومة الخرطوم ممثلة في وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين ووالي ولاية جنوب كردفان أحمد هارون والحركة الشعبية قطاع الشمال ممثلة في عبد العزيز الحلو ومالك عقار اير .ومن القلب نتمنى أن يكون في حادثة سقوط طائرة المعايدة دافعاً لهم لشحذ الهمة من أجل السلام نتمنى أن يكرم المتفاوضون أرواح الراحلين وأجساد الباقين في تلودي وبقية جنوب كردفان والنيل الأزرق وكل السودان بالسلام فالسلام ولاشيء غير السلام يمكن أن يصبح مطلب الساعة.
(3 )
كل الراحلين في حوادث الطائرات يكون رحيلهم أكثر ألماً بسبب عنصر المفاجأة وما يحدث للأجساد الفانية ونحن شعب ندعو دائماً بأن يرزقنا الله (ميتة العنقريب) وكل الراحلين في طائرة تلودي، فقد قومي جلل، وقد وشحوا البلاد بأثواب الحداد ولكنني هنا أود أن استثني اثنين من الراحلين تربطني بهما معرفة خاصة هما الأستاذ مكي علي بلايل فقد عاصرته كتابة في عدد من الصحف فمكي كان قلماً شجاعاً صادقاً مع نفسه ولكنني عرفته عن كثب في فبراير الماضي في الدوحة إذ كنا ضمن الورشة الخاصة بالسودان التي دعا إليها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يديره عزمي بشارة وقد اكتشفت في مكي إنساناً ودوداً خلوقاً لدرجة أنني داعبته بأن سألته عن سر العنف الذي تتسم به مواقفه السياسية وكتاباته الصحفية.أما الثاني فهو الشاب الإعلامي البارع عبد الحي الربيع الصحفي بتليفزيون السودان فهو صاحب خامة صوتية نادرة وحضور تحريري غير عادي وتهذيب يفوق حد الوصف رغم أنني التقيته خطفاً، وفي مرات قليلة إلا أنه ترك في نفسي أثراً لن تمحه الأيام.. اللهم تقبلهم جميعاً وانزل شآبيب رحمتك على قبورهم وألزمنا وأسرهم الكريمة الصبر في فقدهم.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]