الطاهر ساتي

يستبشرون….!!


يستبشرون….!!
** لأهميتها، أفسح زاوية اليوم لرسالة الأخ الدكتور فيصل عوض، وأنشرها – كما هي – بلا أي تعديل أو تعقيب، ونأمل أن لها آذاناً صاغية، وإليكم نصها كما يلي: (الأخ الطاهر ساتي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بعد الشكر، أسمحوا لي باستغلال مساحتكم اليوم لإرسال رسالة للبروفيسور مأمون حميدة، وهي عبارة عن سرد لأحداث حدثت معي يوم الجمعة الموافق 24 أغسطس.. لدي طفلٌ يبلغ من العمر عام وثمانية أشهر.. لم ينم طيلة ليلة الجمعة من البكاء والحمى وعندما أصبح الصباح لاحظنا أن هناك ورماً في الأصبع الأوسط من يده اليُسرى فقررنا أنا ووالدته الذهاب به للمستشفى فاخترنا يستبشرون (رغم تكاليفه) باعتباره مشفى كبير ومن البديهي أن تكون خدماته بذات كبر ما يجنيه من أموال رواده.. فكان أن ذهبنا إلى هناك في العاشرة صباحاً، وهالني ما عايشناه.
** غياب شبه كامل لكادر المستشفى وعدم اهتمام المتواجدين منهم برواد المشفى سواء كانوا أطباءً أو موظفين (ماليين، وإداريين وغيرهم).. أول ما لاحظناه عدم وجود موظف استقبال، وبعد جهدٍ جهيد ذهبنا بمساعدة بعض المواطنين لمقابلة الموظف المالي ودخلنا مكتبه وكان ثمة نافذة زجاجية تفصل بيننا وبين الموظف الذي كان يفترض وجوده لتكملة إجراءاتنا ولكن لم نجده.. بعد أربعين دقيقة، جاء وهو يرمق الجميع بنظرة تعال لم أجد لها مبرراً ثم أكمل لنا الإجراءات المالية وذهبنا لمقابلة الطبيب.. وجدناهما طبيبين فذهبنا لأحدهما وسألنا عن شكوانا فسردنا له ما قلناه أعلاه، فبدأ بتقليب أصبع طفلي يمنة ويُسرى وبعد مسافة وتأمل قال لي بالحرف: (الصُباع دا أكيد فيهو حاجة)، هكذا قالها.. قلت له (بالتأكيد أصبعه فيهو حاجة لذلك حضرنا لكم).. ثم سألني سؤال أغرب من الخيال وهو بالنص: (تفتكر يكون مالو؟).. قلت (والله ما عارف شوفو أنت).. ثم كتب في ورقة أمامه وقال لي أجروا لي هذا الفحص.. أخذت الورقة وخرجت متجهاً للمعمل وفي بابه وجدت فني المختبرات فطلب مني مخالصة من المالية.. وأنا أهم بالخروج واجهت شخصاً يحمل صينية طعام داخلاً بها باب المشفى الخارجي لداخل المشفى وقام بحركة إيحائية لفني المختبر طالباً منه اللحاق به لأعلى وحينما أكملت الإجراء المالي عدت للمعمل فوجدت الفني يهم بالخروج.. وعندما رآني تراجع وأخذ عينة الدم من الصغير وطلب مني الانتظار لنصف ساعة.. مرت نحو ساعة تقريباً وبمجرد ظهوره ذهبتُ إليه مستفسراً عن النتيجة فباغتني بسؤالي عن العينة، فكاد عقلي يطير.. قلت له (أنت أخذتها).. وبعد بحث هنا وهناك أتاني بالنتيجة فذهبت للطبيب فقام بنفس طريقته السابقة بتأمل النتيجة مسافة طويلة ثم قال لي لابد من الاتصال بالأخصائي.. قلت له (يادكتور يومنا مضى ونحن لنا أكثر من ثلاث ساعات والآن صلاة الجمعة)، فقال لي (إذهب صلي وخليني أتصل بالأخصائي).
** ذهبت للصلاة وانتهيت ورجعت، فوجدته بنفس جلسته وقال لي بالحرف: (اتصلت بالأخصائي وناس بيتم قالوا لي الزول دا نسى موبايلو في البيت ودا معناه نتصل بيهو تاني بس نديهو زمن شوية كدا وفي الوكت دا أنا بمشي أصلي الجمعة برضو زيك كدا وأجيك راجع).. حينها اشتديت معه في الحوار وذكرت له مظاهر التسيب التي لحظتها بداءة بعدم وجود موظف استقبال مروراً بالمالية والمعمل انتهاءً به فقال لي: (أصلو كدا يوم الجمعة).. كل هذا والصغير يتألم وحالته تزداد سوءاً.. المهم انتظرنا حتى الرابعة وأخيراً عاد ذلك الطبيب فسألته بهدوء ماذا نفعل الآن؟.. فقال لي (بصراحة مافي أي طريقة ليك إلا الأخصائي يظهر).. تخيلوا مستشفى كبير – كيستبشرون – ليس به أخصائي واحد لأن اليوم جمعة.. لم أجد أمامي في ظل تردي حالة ابني غير مغادرة هذا المشفى الغريب واتجهت إلى مستشفى الأطباء ولم أمكث به غير نصف ساعة أخذ صغيري دواءه وغادرنا وهو نائم بعد معاناة طويلة جداً في مستشفى مُلحق بأكاديمية تعليمية يصفونها بالأكاديمية الأفضل في البلاد ويمتلكها وزير الصحة.. أنا لن أسأل أي سؤال أو أقدم أي تعليق وأترك الأمر لعنايتكم بروفيسور مأمون حميدة، والله المستعان…).
د. فيصل عوض

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]