عبد اللطيف البوني

دموع مع المطر


[JUSTIFY]
دموع مع المطر

السودان هذا بلد مطري اي يعتمد على الامطار في بقائه (هابا على وش الدنيا) فنعمة المطر تدخل اي بيت سوداني خبزا ووعدا وتمني وبالمقابل انعدام الامطار او قلة منسوبها تعني المحل والجدب والجوع والاقتتال وما ابشع القتال على الموارد (قطع الرقاب ولاقطع الارزاق) . بلغة الحدود السياسية ينعم السودان بنوعين من المطر الاول مطر سوداني وليس سوداناوي اي يهطل داخل حدود السودان السياسية المعروفة قبل وبعد الانفصال وامطار اجنبية اي تهطل خارج السودان ولكن السودان ينعم بها فهي تلك تاتي بها الانهار ولعل اكبرها الازرق والابيض اللذين يشكلان نهر النيل وبهذه المناسبة الامطار السودانية اكثر من تلك التي تأتيته من الخارج وقد ثبت هذا في دراسة علمية متقدمة قام بها عالم هايدرولجيا السوداني المتفرد البروفسير محمد الرشيد قريش ليس هذا فحسب بل السودان يمد النيل باكثر مما ياخذ منه فالمطلوب الان تصحيح الخدعة التي وقعنا لاكثر من قرن من الزمان من ان السودان دولة ممر وليس دولة منبع وقد دفعنا ثمنا غاليا والله يجازي الكان سبب وهذه قصة اخرى
على عكس العام العامين الماضيين فهذا العام جاء الخريف مبشرا فمعدل الامطار الهاطل حتى يومنا هذا يفوق المعدل في الكثير من انحاء السودان في الاعوام السابقة وبدات الارقام الفلكية للفدادين المزروعة مطريا في الظهور وقد تصل الي اكثر من ثلاثين مليون فدان من غير المشاريع المروية الخاصة والاربعة الكبار (الجزيرة والسوكي والرهد وحلفا) نعم انها حقيقة فالبذور التي تبذر ذرة بانواعها كانت ام دخن ام سمسم في الاراضي المطرية السودانية قد تفوق العشرين مليون فدان ولكن الحسرة التي تقطع القلب ماهو العائد المتوقع منها ؟ عائد ضعيف جدا قد يشكل اقل انتاجية في العالم فيكفي ان نذكر ان متوسط انتاجية الفدان من الذرة في القضارف لن يتعدى الاردب اي جوالين بينما المتوسط العالمي عشرة ارادب اي عشرين جوالا اما في المنطقة المروية فمتوسط انتاجية الفدان من القطن خمسة قناطير على احسن الاحوال بينما المعدل العالمي ستة عشر قنطارا للفدان . لاتوجد بلد في الدنيا تزرع عشرات الملايين من الافدنة تجوع وتتسول (تمد قرعتها للاخرين) الا السودان
طيب ماهي المشكلة مطر بالكوم ارض سهلية منبسطة لا مثيل لها شمس ساطعة تجهر الناظرين ومع ذلك جوع وفقر وشحدة رحم الله شاعرنا المجيد/ صلاح احمد ابراهيم القائل (كل خيرات الارض والنيل هنالك ولكن مع ذلك مع ذلك) فالمشكلة في ذلك دي وهي ان دولتنا وحكومتها لاتريد ان تنفق على الزراعة حتى عندما وجدت البترو دولار لم تقم بمشاريع حصاد المياه لمقاومة تذبذب الامطار لم توفر مدخلات الانتاج فاسعار السماد هي الاعلى في العالم فاذا الفدان ياخذ عشرين كيلو سماد عالميا ففي السودان المتوسط اثنين كيلو فقط الاليات الزراعية اسعارها الاغلى في العالم الانتاج على قلته يطارد بالجبايات والصفافير , المزارع عامل الانتاج الاول حقه مضاع نصيبه من صادر انتاجه لايتجاوز العشرين في المائة على احسن الفروض خذ مثلا الراعي الذي يربى الخروف في بادية كردفان كم عائده من تصدير خروفه ؟ انه السودان هبة الخالق التي اضاعها المخاليق.. سؤال لحكومتنا السنية لماذا تحبين باطن الارض (بترول وتعدين) وتتعامين عن ظاهرها ؟ اكيد في سبب .
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]