«الخرطوم» وإماطة الأذى عن الطريق
قام في ولاية الخرطوم جهاز لحماية الأراضي الحكومية، ما كان لنا أن نعرف عمله، قبل أن نلمس ممارساته، وقد فهمنا أنه جهاز يعمل على حماية الأراضي الحكومية من التعديات، وقد خصصت له ولاية الخرطوم ألف شرطي للعمل في مجال منع التعدي على الأراضي الحكومية، وقوة أخرى هجين من مدنيين وشرطة مكونة من ألف شخص لإزالة المخالفات المدنية. ذلك في الوقت الذي جأر فيه وزير الداخلية السابق بالشكوى من أن قوات الشرطة تعاني من نقص في عددها، ونحن نعلم علم اليقين قيمة الأمن في ولاية مثل ولاية الخرطوم تستوعب أكثر من ثلث سكان البلاد، غير الأجانب من دول الجوار، وما يشكله ذلك من عبء أمني على الدولة، التي هي في مفهومنا هي الأرض والحكومة والشعب والقوانين المنظمة للعلاقة بين مكونات الدولة الرسمية وبين المجتمع، بينما يرى البعض كما أشرنا سابقاً أن الدولة تعني الحكومة والحكومة تعني السلطة، والسلطة تعني الفعل مهما كانت النتائج دون سماع لصوت احتجاج واحد.
بدأت محلية الخرطوم في تطبيق إزالة الأكشاك من على الطرقات، كأنما هي أذى يستوجب المحو من الوجود، دون مراعاة لقانونية التصديقات الصادرة من مؤسسات حكومية، من بينها المحليات التي تعمل الآن على الإزالة، وقد كان القرار في بداياته يتصل بإزالة كل الأكشاك العشوائية، لكنه الآن أصبح شاملاً لا يستثنى أحداً، حمل موافقة أو تصديقاً من قبل، ودون مهلة.
نحن مع تنظيم الدولة والمرافق والخدمات، لكن لسنا مع تشريد سبعمائة أسرة تعتمد على هذه الأكشاك دون إنذار، ودون وضع بدائل، ونحن نرى في ذات الوقت أن عشرات (الأكشاك) لبيع الأطعمة والمشروبات تُمنح للبعض في شارع النيل، ولا يساوي العائد من إيجارها أو التصديق بها شيئاً يمكن أن يشكل إضافة لميزانية محلية مثل محلية الخرطوم، اللهم إلا إذا كان الغرض من توزيعها أن تكون (منحة) للبعض دون سواهم، في شارع رئيسي سياحي يتصل بالقصر الرئاسي مباشرة، وهذا لا يحدث إلا عندنا في السودان دون مراعاة للمحاذير الأمنية.
نطالب باسم المتضررين من هذه القرارات الجائرة والمتسرعة بإيقاف قرارات الإزالة إلى حين إيجاد البدائل ووضع الحلول، ونطالب المجلس التشريعي لولاية الخرطوم أن يتدخل وأن يوقف ما يجري الآن باسم الحكومة وأن يتدخل الوالي شخصياً ويكوّن لجنة (محايدة) لدراسة الوضع على الطبيعة وتقديم مقترحات للحلول، قبل أن يذهب كل أولئك المتضررون إلى الفضاءات الواسعة، والمساجد العامرة، ويرفعوا أيديهم إلى السماء.
صحيفة آخر لحظة
بقلم رئيس التحرير
ت.إ[/JUSTIFY]