تحقيقات وتقارير

مؤتمر الطفولة الإسلامي الثاني.. تحديات الحاضر وتطلعات الغد الزاهر

[ALIGN=JUSTIFY]ربي لا تحرم بيت من الأطفال أحد طرفي زينة الحياة الدنيا . فمن منا لا تهفو نفسه ولا يمنيها بأن يكون له أولاد ؟ فأبناؤنا فلذات أكبادنا تمشي على الأرض لأنهم بضع منا ولا تحلو الحياة ولا يطيب العيش بدونهم أو إذا ما انتقصهم شيء ! ولكن ما أكثر ما يقلق مضاجع الأمهات والآباء حيال ابنائهم في هذا الزمان الأغبر التي تبدت على جنباته كثير من المنقصات الممغصات التي كم أحالت نعمة الاطفال إلى نقمة بفضل تأثراتها السالبة ولكم أن تتخيلوا ما يحدث لأطفال غزة الابرياء العزل الذين لم تتفتق آذانهم إلا على دوي المدافع وقعقعة السلاح على مسمع ومرأى المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا لإقالة عثرتهم والتصدي ليد البطش والغدر لنجدتهم . كما لا يخفى على أحد ما آلت إليه حالة الصحة لأطفال مناطق كثيرة بالعالم لا سيما العالم الإسلامي وحاجتهم للحماية من غول الانتهاكات الجسدية والجنسية وشبح عمالتهم وتجنيدهم الذي يتعارض دون مراء مع كل النظم والقوانين الدولية الأمر الذي يحرمهم من حقهم الشرعي في التعليم بجانب الحماية المفقودة لأطفالنا من العولمة وتداعياتها السالبة .
فهذه النقاط الجوهرية يبدو ان القائمين على سد ثغرة الطفولة بالعالم الإسلامي قد تفطنوا لها فتداعوا زرافات ووحدانا في موكب مهيب ازدانت به جنبات قاعة الصداقة في خرطوم اللاءات الثلاث في الثاني والثالث من فبراير الجاري للمشاركة في المؤتمر الإسلامي الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة تحت شعار نحو مستقبل أكثر إشراقا لأطفالنا مستظلا بكنف المؤتمر الإسلامي وذراعها اليمين في خصوص الأطفال والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو» ووزارة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل بالسودان وبرعاية كريمة من رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير . فجاء المؤتمر امتدادا لسابقه الأول بالمملكة المغربية في العام 2005 والذي خرج بإعلان الرباط، وخاطب جلسته الافتتاحية نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه الذي جدد التزام السودان بكل المعاهدات الدولية والاقليمية الخاصة بحقوق الطفل ، وقال ان الامة الضعيفة لاتنجب الا اطفالا ضعفاء، وطالب بحشد الارادة وتوحيد الرؤي وترتيب الاوليات للاسهام فى بناء عالم جديد اكثر عدلا ورحابة ،واضاف ان من اسباب القوة الصدوع بالحق الذي نؤمن به وعدم التردد فى معاقبة المجرم .
ودعا طه فى كلمته التي القاها فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر للاخذ بالعدل والميزان اقتصاديا واجتماعيا واعتبر ان فقدانه سيقود الى ان يداس على الأمة الإسلامية ، واضاف ان الدرس المستفاد من العدوان على غزة هو ضرورة بناء سياج قوي للامة الإسلامية بجمع صفها وتوحيد كلمتها واخذها بكل اسباب القوة ، معبرا عن امله فى ان تكون مخرجات المؤتمر قوية ونافعة ومفيدة لمستقبل افضل .
من جانبه اشار مدير منظمة الايسسكو عبد العزيز عثمان التويجري في ذات الجلسة الى ان الاطفال يشكلون ثلث سكان العالم الإسلامي وطالب بتشكيل محكمة جنائية خاصة للعدوان الهمجي الغاشم على اطفال غزة الذي وصفه بالاسوأ على مدي 60 عاما ، وقال ان السودان يتعرض لضغوط استعمارية مصطنعة فى مقدمتها التطاول على رمز سيادة الدولة ، فى الوقت الذي يغض الطرف عن الانتهاكات الاسرائيلية ، مبينا انهم مجرمون ومخالفون للقوانين الدولية ، ودعا المؤتمر لشجب هذه الضغوط والوقوف مع جمهورية السودان رئيسا وحكومة وشعبا ، والعمل سويا جسدا واحدا لمواجهة كل التحديات والمؤمرات والتعاون مع المنظمات الدولية لما فيه خير الامة . و ولم تتوان المديرة الاقليمية لليونسيف فى شرق المتوسط وشمال افريقيا سيقرت كارت في الاعتراف بوجود فجوة بين ما هو مكتوب فى القوانين وما هو على ارض الواقع رغم الجهود المبذولة لحماية الاطفال وتحسين اوضاعهم فى العالم الإسلامي ، مؤكدة التزام منظمتها التام ببذل كل ما هو ممكن، مشيرة الى ان نسبة تحصين الاطفال ضد الحصبة بلغت 70% وزيادة نسبة التعليم بـ 8% بالاضافة لارتفاع نسبة رعاية الامهات عند الولادة، واشادت بالخطوات الملموسة فى حماية الاطفال بالسودان ، وفى السياق ذاته ، ناشدت كارت المجتمع الدولي بمنح اطفال غزة رعاية صحية ونفسية اسوة بسائر اطفال العالم . ولم يكن أمام وزيرة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل سامية أحمد محمد بعيد الكلمات الضافية والوافية التي نثر عبقها المتحدثون السابقون لها وضمخوا بها أرجاء القاعة قبل إطلاق صافرة البداية لتحرك قطار المؤتمر سوى الدعوة لتبني الميثاق الإسلامي لحماية الطفولة والوقوف مع اطفال غزة فى محنتهم التى برهنت على عجز المجتمع العالمي . فبهذه المعطيات ووفق المنهج ذاته سارت وتيرة جلسات المؤتمر في شفافية وحرية تامة لكل المتحدثين دونما أدنى حجر على فكر أو قيد على فكرة كما جاء على لسان التويجري قائد وحادي ركب منظمة إيسيسكو في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الوزير وشخصه بعيد انقضاء الجلسات، وعد المؤتمر من أميز المؤتمرات واعلن التزامه التام وكذا منظمة المؤتمر الإسلامي للاخذ بأسباب إنزال ما جاء في إعلان الخرطوم الذي سطر حروفه المؤتمرون إلى أرض الواقع ببذل كل الممكن من أجل أطفال أصحاء ومتعلمين ومحميين ومتعلمين ، وتمنى أن تواصل الدول الأعضاء التزامها بما جاء في إعلان الخرطوم أسوة بما تمخض عنه إعلان الرباط وبذل جهودها من أجل أطفالها ، ووعد بمتابعة فصول مأساة أطفال غزة بعيدا عن شعارات الشجب وعبارات الإدانة التي لا تقدم ولا تفيد القضية في سلك القضاء الدولي حتى يلقى المجرمون جزاءهم وسيقام مؤتمر خاص لهذه القضية في الفترة من 14-15 الحالي .
ولكن قبل الغوص في إعلان الخرطوم حري بنا أخذ وقفة مع شعر المؤتمر « نحو مستقبل اكثر إشراقا لأطفالنا » وإلى اي مدى وفق القائمون على اختياره فمن يرى أو يسمع هذا الشعار بصورته الحالية يصل إليه أن المستقبل أمام أطفال العالم الإسلامي مشرق ولكن يراد له أن يكون أكثر إشراقا وبهاءً أو أنه دون الطموح ولكن من واقع الحال الذي تعيشه الأمة الإسلامية وأطفالها في شتى أرجاء العالم يكتشف المرء عتمة المستقبل الذي تسامى القائمون على أمر الطفولة عنه وسرحوا مع الأماني العذبة ولكن ليس هذا المهم فمن حقهم التمني والتطلع ولكن الذي يجب أن يعوه ولا أخاله فائتا عليهم النزول لأرض الواقع وكيفية الوصول لنيل تلك الأمنيات فما جاء في إعلان الخرطوم كفيل بجعل أطفال العالم الإسلامي يسرحون ويمرحون في جنات الله في الأرض لو أنه وجد الالتزام التام بالقيم السامية والمباديء النبيلة التي أرساها الدين الإسلامي لحماية الاسرة وتحقيق كرامة أفرادها وإيلاء الأهمية القصوى لقضاياهم لضمان نمائهم السوي المعافى بالالتزام التام بالمباديء العامة لحقوق الطفل بمراعاة مصالحه وحاجياته مع تعزيز التراث الثقافي الإسلامي المشترك لزيادة وعي الأطفال واليافعين المسلمين بقيم الإسلام بالإضافة لاتخاذ إجراءات سريعة من أجل تعزيز رفاه الأطفال وتجديد التزام الدول الإسلامية واحترامها لحقوق الإنسان السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي باعتبارها حقوقا متكاملة لا تقبل التجزئة بجانب التأكيد التام على حقوق الطفل بالتمتع بكافة الحريات دونما تمييز على اساس اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين ودعوة الأعضاء لوضع تشريعات تضمن تطبيق ذلك ومناهضة التقاليد والأعراف و الموروثات التي تحول دون ذلك والعمل على مواصلة التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء في مجال حقوق الإنسان والتأكيد على رفض استغلال الشعارات لتحقيق مكاسب سياسية تستهدف تشويه صورة الإسلام والدول الأعضاء والنيل منها ومن سمعتها مع ضرورة دعوة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في الدول الأعضاء للقيام بدورها وتعزيز جهود العمل المشترك مع الحكومات لتنسيق برامجها للنهوض بالأطفال والعمل على حمايتهم وصيانة حقوقهم بجانب توفير الرعاية الصحية لجميع الأطفال مع التعهد باتخاذ التدابير الوقائية والعلاجية اللازمة والحملات التوعوية لخفض وفيات الأمهات والأطفال ومكافحة أمراض سوء التغذية والأمراض المزمنة عن طريق رصد الموارد الكافية لتحقيق ذلك ، وحث كافة الأعضاء على كسر حاجز الصمت الذي يكتنف داء فيروس نقص المناعة البشرية « الأيدز» من خلال التواصل مع القيادات الدينية والمؤسسات التربوية والمنظمات غير الحكومية وضمان الرعاية الخاصة للمراهقين من خطر المخدرات والتدخين بجانب إيلاء المزيد من الاهتمام من العناية لمجال التعليم بصفته حقا أساسيا لأطفالنا وتجديد التعهد بتوفير التعليم الإلزامي المجاني وتهيئة المناخ المناسب لجميع الأطفال دون تمييز للترفيه ومزاولة الأنشطة الثقافية والفنية ومضاعفة الجهود من أجل رفع جودة التعليم الابتدائي وتحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم بحلول 2015 في ضوء قرارات وتوصيات المؤتمرات الخاصة بالتعليم للجميع ، مع ضرورة توفير الحماية اللازمة والضامنة للأطفال عبر سن تشريعات قانونية مناسبة وتشجيع وتعميم التجارب الرائدة في مجال إنشاء آليات حماية الأسرة والطفل والعمل على مضاعفة الجهود ووضع الاستراتيجيات وخطط العمل لمواجهة الانعكاسات الاجتماعية والسياسية والبيئية والثقافية للعولمة درء آثارها السلبية على أطفالنا لتمكينهم من المحافظة على هويتهم الثقافية والحضارية وتعزيز مشاركتهم في تنمية مجتمعاتهم بجانب تأكيد استفادتهم من تقانات المعلومات والاتصال لتنمية قدراتهم المعرفية وتعزيز مهاراتهم الإبداعية وتفعيل مساهمتهم في المجالات العلمية والفكرية والأدبية والفنية .
هكذا أسدل الستار على المؤتمر الثاني للوزراء المكلفين بالطفولة وسط تفاؤل عظيم اجتاحت موجته كل الحاضرين بتحقيق غد مشرق لأطفالنا فلذات أكبادنا التي تمشي علي الأرض ولكن يبقى تحقيق الأمل المنشود معقودا بحجم تصدينا لكافة التحديات التي تحول دون نمو أطفالنا في الجو الذي نوده لهم فهل جميع الدول الإسلامية تمتلك من المقومات والاستعداد النفسي والتوجه العقدي لإعطاء الأطفال مكتسباتهم الطبيعية ؟
المصدر :الصحافة[/ALIGN]