مؤشرات لتكامل سوداني جنوبي !
جاء هذا التطور النوعي فى العلاقات الاقتصادية بين الدولتين عقب مباحثات ثنائية عقدها وزراء النفط فى البلدين بالعاصمة السودانية الخرطوم الأسبوع الماضي بحثا خلاله مختلف أوجه التعاون الثنائي بين الدولتين، ووعدت وزارة النفط السودانية فى ختام المباحثات بالنظر فى الطلب الجنوبي والرد عليه لاحقاً.
والواقع إن هذا التطور النوعي فى علاقات البلدين يكتسب أهمية استراتيجية خاصة بصرف النظر عن تفاصيل الاتفاق، والشروط التى ربما يضعها السودان في هذا الصدد.
وإذا جاز لنا تعداد مزايا هذا التطور الهام فهو أولاً: يقوي من آصرة العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين بشكل أعمق، إذ أن دولة الجنوب فى الوقت الراهن تكتفي فقط بتصدير نفطها الخام عبر الأنابيب السودانية وتلجأ لاستيراد احتياجاتها النفطية من دول الجوار، وإذا ما تم الاتفاق على استخدام المصافي السودانية لتكرير النفط الجنوبي فإن من شأن ذلك أن يدفع بالمزيد من التعاون بين الدولتين -على الأقل- فى المجال الخاص بإقتصاديات النفط، فإذا علمنا أن حوالي 98% من موازنة دولة الجنوب تعتمد على مورد النفط فإن من السهل إدراك مدى الفائدة الاقتصادية والإستراتيجية لهذا الاتفاق.
ثانيا: ربما يبدد على الأقل فى المدى المتوسط أية توجهات لجوبا للبحث عن منفذ تصدير آخر لنفطها وفقاً لما ظل يرشح فى وقت سابق من أن جوبا تفكر فى تصدير نفطها عبر خط أنابيب بديل يمر بدولة كينيا، إذ أن ترسيخ جوبا لصناعتها النفطية فى السودان يعني الكثير والكثير جداً فى هذا الصدد.
ثالثاً يسهل هذا الوضع إجراء حسابات النفط بين الدولتين ويمنح الطرفين مزايا إضافية بحيث تستفيد جوبا من تمكنها من استغلال نفطها مع ما في ذلك من فرق سعر، ومن الجانب الآخر يستفيد السودان من رسوم التكرير لتدعيم موازنته العامة.
رابعاً: ربما يمثل هذا التطور أيضاً صمام أمان وقطعاً للطريق فى حالة وقوع أي صراع دموي مستقبلاً بين الفرقاء الجنوبيين فى تجنب المساس بالمنشآت النفطية، أو المساس بالأمن القومي السوداني كون أنّ فيه مصالحاً حيوية بالغة الأهمية للدولة الجنوبية.
وأخيراً فإن الاتفاق فى مجمله بمثابة ترسيخ لواقع التعاون بين الدولتين إذ من الممكن أن يتطور الأمر فى مرحلة لاحقة الى ما يشبه التكامل الاقتصادي بين الدولتين طالما أنهما يتشاركان المورد الأهم لموازنتهما العامة.
وعلى كل فإن الطلب الذى هو الآن قيد الدراسة من قبل وزارة النفط السودانية وبالنظر الى الظروف الراهنة الجارية فى دولة الجنوب يمكن اعتباره بمثابة مؤشر الى ما يمكن أن يحقق للدولتين الجارتين من مزايا، بعيداً عن المحاور الإقليمية والدولية والتي تبدو فيها أطرافاً تواقة الى الانفراد بدولة الجنوب سواء للاستفادة من مورد النفط أو مواردها الأخرى كما تفعل الآن كمبالا، وكما ستفعل واشنطن.
سودان سفاري
[/JUSTIFY]