جعفر عباس

حصة إنجليزي غير مقصودة


[JUSTIFY]
حصة إنجليزي غير مقصودة

في أول مرة ذهبت فيها الى لندن خلت أنني من «المبشرين بالجنة»، وعشت قبل وبعد وصولي الى لندن حالة من الانتشاء، لأن السفر الى لندن كان في السبعينيات قصرا على المليونيرات والفائزين ببعثات دراسية، وكان نصيبي بعثة دراسية لبضعة أشهر على نفقة الحكومة الألمانية، وكانت الدراسة ممتعة، ليس فيها «مذاكرة ولا واجبات مدرسية/ هوم ويرك».. ويرك يا جماعة وليس وورك، والكلمة التي تعني «العالم» بالإنجليزية تنطق ويرلد وليس وورلد كما أسمع من الكثيرين بسبب ورود حرف «أو O» بعد دبليو في الكلمتين، فقد كانت الدراسة تتعلق بالعمل التلفزيوني، وكانت المذاكرة ان نتفرج على التلفزيون ثم نناقش في اليوم التالي ما شاهدناه من برامج من حيث المحتوى والإخراج والشكل العام، وبالتالي كان لدينا كل ما نحتاج اليه من وقت للتجول في المدينة الكبيرة، وزيارة متاحفها ومعالمها التاريخية والتسكع في شوارعها، ومشاهدة أفلام لم يكن واردا أن نشاهدها في أي دار عرض عربية، ولا تدع مخّك يودي ويجيب، وعلى وجهك ابتسامة خبيثة لأنك تحسب أنني أتحدث عن الأفلام «اللي في بالك».. بل أتحدث مثلا عن فيلم «الرسالة» للمخرج العبقري الذي قتل غيلة في فندق في العاصمة الأردنية عمان، مصطفى العقاد (أخرج أيضا فيلم عمر المختار بنسختين عربية وإنجليزية).

واذكر ان بعض طلاب كلية الطب في جامعة الخرطوم وصلوا الى لندن في إطار برنامج التبادل الطلابي، لقضاء بضعة أشهر في جامعة بريطانية، وكان مستوى كلية الطب السودانية تلك في السبعينيات أفضل من مستوى عدد من نظيراتها في بريطانيا، المهم أن اثنين منهما أبديا رغبة في رؤية فيلم الرسالة، فشرحنا لهم كيف يصلون الى سينما أوديون في بيكاديللي، وبعد نحو ثلاث ساعات عادا وعيونهما منططة وجاحظة، فقلنا لهم إنه من الواضح أنهم مازالوا منبهرين بروعة الفيلم، فقالا بصوت واحد: بلا فيلم بلا بطيخ.. بس نحمد الله على الستر!! ما هذا يا جماعة فأنتم شاهدتم فيلما حسن الإعداد والإخراج عن البعثة المحمدية، فكيف تعرض «ستركم» لما يدعو الى الحمد على «النجاة».. اسم الفيلم بالإنجليزية «ذا مسدج» ومسدج تعني الرسالة (يعني ليس مسج كما هو شائع بين العرب.. وبما أن الشيء بالشيء يذكر فإن المحادثات الفيديوية عبر الكمبيوتر او الهواتف الذكية تتم عبر سكايب وليس سكايبي، فحرف «إي e» الذي نجده في نهاية العديد من الكلمات الإنجليزية، لا يُنطق في معظم الأحوال لأنه حشو لا يؤدي أي غرض سوى العكننة على دارسي تلك اللغة، تماما مثل حرف «سي» الذي ينطلق «ك» أحيانا، و«س» أحيانا أخرى، في وجود حرف محترم هو إس يقوم مقام «س» وحرف «كيه k» الذي ينطق «ك»، وفي الإنجليزية حرفان آخران يمكن إحالتهما الى التقاعد من دون ان تضار اللغة بأي حال، وأولهما حرف «كيو» والذي يعاني من ضعف الشخصية، ويرد في 98% من الكلمات الإنجليزية متبوعا بحرف «يو»، في حين أنه ينطق «ك» إذا لم يصطحب معه الـ«يو»، وطالما هناك حرف كامل ومحترم يرمز لـ«ك» فلا معنى لوجود الكيو، ويمكن أن تأتي «يو» تالية لـ «كيه k» إذا استوجب نطق كلمة ذلك، أما حرف زد فيكفي ما قاله فيه وليم شكسبير:

rettel yrassecennu uoht ;dez noserohw uohT

في مسرحية الملك لير، ويصف حرف زد بأنه ابن سفاح وعديم الجدوى، لأن حرف اس يستطيع أن يقوم مقامه بكل كفاءة.

(سامحوني فقد ذهبت الى لندن لأول مرة كمدرس لغة إنجليزية وتقمصتني روح المدرس فجأة، وأحدثكم عن جماعتنا وفيلم الرسالة في المقال التالي).
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]