عبد اللطيف البوني

الحكومة أم فقرة

[JUSTIFY]
الحكومة أم فقرة

شيخنا العارف بالله عبدالرحيم البرعي كثير التنكيت على نفسه وهذا ادب صوفي صميم لمن لا يعرف ادب الصوفية، حكى انه ذات مرة كان يقود سيارته بنفسه فرماها في طين فتوحلت واستنجد ببعض المارة فقاموا بدفرها واثناء عملية الدفر هذه طلب منه احدهم أن يساعد الدفرة بالقول يا البرعي اي كما نقول بالدارجية (ينده شيخ البرعي) فخرجت السيارة من الوحل فجاء الرجل صاحب الاقتراح للسائق الذي لا يعلم حقيقته وقال له (المرة دي البرعي مرقها ليك اها قوم تاني يا اب فقرة بكسر الفاء وتسكين القاف وقعها تاني).
تأسيسا على الرمية دعونا نفترض افتراضا وإن شئت قل دعونا نتمنى أن تمضي اتفاقية التعاون بين دولتي السودان وجنوب السودان الموقعة في اديس ابابا في الشهر المنصرم إلى نهايتها وينتهي التوتر بين البلدين نهائيا (وتغفو اعين البنادق ينوم الموت ينهض العشب بين الخنادق ويقوم الزهر) وهذا تصريف لقصيدة رائعة انشدها شاعرنا المغترب محمد المكي إبراهيم بعد توقيع اتفاقية اديس ابابا في عام 1972، ويسود الاستقرار السياسي فيهما ويخرج البلدان من عنق الزجاجة الاقتصادي ويفرهد الجنيه السوداني في البلدين (الحقول تشتعل قمحا ووعدا) وبفرة وكسافا وياما، فاذا حدث هذا يكون البلدان قد خرجا من الحفرة الملتهبة التي رمتهما فيها حكومتاهما.
إذا قلنا إن الاوضاع في السودان مما جميعه حاليا لا تسر صليحا ولا تشمت عدوا فلن نكون اتينا بجديد ولكن في اتفاقية اديس الأخيرة فرصة لكي تبدأ رحلة عكسية نحو التحسن أو على الاقل وقف التدهور وإن كنت اقل تفاؤلا قل تقليل معدلات سرعة التدهور وبهذا تمنح حكومة السودان فرصة لتخرج البلاد من الوهدة التي رمتها فيها. نعم الحكومة هي المسؤولة عن كل التدهور الحادث الآن ولا احد غيرها لانها اصلا لا تريد إشراك احد معها لا في سراء او ضراء.
ينبغي على الحكومة ومنذ الآن أن (تبيض النية) فكما نقول في الدارجية (النية زاملة سيدها) فبياض النية يساعد على التنفيذ الطيب لاتفاقية اديس ابابا (سبتمبر 2012) لان في تنفيذ الاتفاقية ولا شيء غيره سيكون المخرج من الحفرة، عليها أن تنوي الحنية على شعبها وتخفيف عبء الحياة عنه، قال صابر محمد الحسن وهو احد راسمي السياسة الاقتصادية في البلاد ومنذ مجيء الانقاذ أن ضخ النفط الجنوبي سوف يعود على الخزينة السودانية بمليارين من الدولارات كل عام طبعا اضافة للتجارة البينية وتوفير اموال المجهود الحربي كل هذا يجب أن يصب في جيب المواطن ذلك الجيب الذي هرأته السخانة، على الحكومة أن تنوي حسن التفاهم مع السياسيين خارجها، عليها أن تفتح الطريق لتداول السلطة، عليها أن تتذكر انها (ما دوامة)، عليها أن توقف تصعير الخد والتكبر على الآخرين، عليها أن تعمل جاهدة على ايقاف الفساد المالي والفساد الاداري المفضي للفساد المالي (هل تريد دليلا على ذلك؟) اذا قلنا للحكومة انه لا يوجد فساد في السودان نهائيا ولو بمليم واحد هل تصدقنا؟ خلاص قلنا…
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]