الطاهر ساتي
(مطبات)… طريق السلام..!!
** روس بروت لم يكن مدرباً لكرة القدم كما يظن البعض، بل هو صاحب أعظم شركة إلكترونية بأمريكا، والحائزة على أرفع أوسمة الجودة والريادة.. سألوه: كيف تختار فريق العمل؟، فأجاب: عندما أقوم ببناء أي فريق، فإني أبحث عن أناس يحبون الفوز، وإن لم أعثر على أي منهم، فإني أبحث عن أناس يكرهون الهزيمة.. نعم، الذين يحبون الفوز ويكرهون الهزيمة، هم الذين يجب أن يكونوا في ميدان العمل العام، بحيث تكون ثمرة رؤاهم وأفكارهم نهجاً ناجحا ينفع الناس والبلد، ولا يعيد إنتاج التجارب والمشاريع الفاشلة..!!
** كثيرة هي التجارب والمشاريع الفاشلة التي تُعاد إنتاجها بين الحين والآخر، ومع ذلك نمر عليها مرور الكرام، وكأنها لم تهدر مالاً عاماً ولم تقعد بالناس والبلد في قاع الفقر والمعاناة.. على سبيل المثال، فالحصر يبدوا مستحيلاً، تأمل ما يحدث لمشروع طريق الإنقاذ الغربي.. عذراً، مجرد ذكر اسم هذا الطريق يصيبك بالاكتئاب ويعيد إلى ذاكرتك (خلوها مستورة)، أقبح ما قيل في نهج التستر واللامحاسبة.. تبخرت أموال وأفكار المشروع، وطويت تفاصيل تبخرها بالتستر – وليست بالستر – على الأخطاء والمخطئين، فكظم الأهل هناك الغضب والحزن بالصبر والأمل، ووثق التاريخ ما حدث للمشروع – بتفاصيله وشخوصه – في قائمة (التجارب الفاشلة)..!!
** وها هي تجربة طريق الإنقاذ الغربي تعيد ذاتها، فلنقرأ مايلي.. أعلنت شركة شريان الشمال انسحابها من تنفيذ طريق الإنقاذ الغربي، قطاع (نيالا /الفاشر)، بعد أن نفذت (35%) من أعمال المشروع، وأكدت بأن أعمالها الهندسية تتعرض لهجمات المتمردين.. هكذا الخبر، ولكن ما وراء الخبر يختلف كثيراً.. فالشركة ظلت تعمل رغم ظروف الحرب، بل أنجزت تلك الـ(35%) في أسوأ سنوات الحرب، أي قبل أبوجا والدوحة وغيرها، وتعرض كادرها للموت والجرح والأسر الموثق في الصحف ومضابط الشرطة، وتعرضت آلياتها ومعداتها للنهب، ومع ذلك لم تحدثها نفسها بالانسحاب.. فلماذا قررت الانسحاب، رغم تحسن الحال الأمني نسبياً؟.. بصراحة: إنه الظلم.. نعم، لقد تعرضت لظلم ذوي مراكز قوى، وما وزارة الطرق إلا (محض واجهة)..!!
** اتهمتها الوزارة – في البرلمان والإعلام – بأخذ أموال بغير وجه حق، وشكلت لجنة تحقيق، ثم لاذت بالصمت المريب.. أي لم تجاهر بنتائج لجنة التحقيق – التي أكملت عملها ورفعت نتائجها وتوصياتها قبل شهر ونيف – كما جاهرت بالاتهام.. وكذلك لم تذهب بالشركة إلى المحاكم لتحويل تلك التهمة إلى (إدانة)، بحيث تسترد الخزينة العامة أموالها، وتعاقب أطراف عقد المشروع (الشركة وهيئة الطرق)، أو هكذا كان يجب أن يكون مسار أي قضية كهذه ، لو كان الاتهام طبيعياً.. ولكن للأسف، لم يكن الاتهام طبيعياً، ولذلك توقفت الوزارة عند حد (الجرائد)..!!
** نعم، لو كان ذاك الاتهام صحيحاً، لأفصحت الوزارة والهيئة القومية للطرق عن نتائح التحقيق، ليكون الاتهام قوياً.. ولو كان الاتهام صحيحاً وقوياً، لذهبت الوزارة والهيئة بالشركة إلى (سوح القضاء).. ولكن ما يجعل ذاك الاتهام مريباً، هو الخبر الآتي: منح المدعي العام شركة شريان الشمال إذناً قضائياً لمقاضاة الهيئة القومية للطرق ووزارة المالية، لعدم وفائهما بالالتزامات المالية.. هكذا الخبر، أي بعد أن عجزت – أو فشلت أو تلكأت – الوزارة عن إثبات الحقيقة، ها هي الشركة تبادر باللجوء إلى القضاء لإثبات الحقيقة.. بالعقل كدة: من الذي يبادر برفع الشكوى للقضاء في أية قضية؟، الظالم أم المظلوم؟.. ولهذا قلت إن الشركة تعرضت لظلم إعلامي مصنوع.. أمر الشركة ليس مهماً، فالمهم: لماذا؟ – وإلى متى – يحصد الأهل هناك من هذا المشروع الإستراتيجي ثماراً من شاكلة (خلوها مستورة)، و (طرد الشركات)..؟.. ياعالم: ليس من المنطق أن تفعل نفس الشيء وبنفس الطريقة، وتتوقع (سلاماً شاملاً)..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]