هنادي محمد عبد المجيد

إنسانيات مصطفى محمود ( العقل )


[JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
خمسة وخمسون مشكلة حُب ، هو أحد مؤلفات المفكر المبدع الدكتور مصطفى محمود ، ربما قرأه الكثيرون ، إلاّ أن محتواه لم يصل للكثيرين ، فهو يحمل تجارب إنسانية حقيقية لعدد من الذين جرّبوا الحياة وكانت لهم مواقف لم يستطيعوا اتخاذ قرارت حاسمة فيها ، ووقفوا موقف المُتسائل الذي تعثّر خلال مسيرته ولم يفهم ذاته جيداً فما كان منه إلاّ أن عرض التجربة على الخبير المختص بمثل تلك الشئون الإنسانية التي تحتاج لمعرفة عميقة بالنفس الإنسانية ، وتحتاج لشخص مُحايد لا ينحاز لعاطفة ، فكانوا يبعثون بتجاربهم عبر البريد ليجدوا العون والنصح ، وقد أعجبتني بعض القصص الواقعية الهادفة ، والتي جاءت الإجابة عليها شافية بيّنة تستحق النظر فيها ، وأحببتُ أن تشاركوني الفائدة ، وهاهي ذا التجربة الحياتية الأولى وسيعقبها رد وتحليل الدكتور مصطفى محمود عليها في نهاية القصة ..
القصة الأولى إختار لها الكاتب إسم ( العقل ) وفيها تحكي فتاة شابة تجربتها فتقول : ” أنا فتاة شرقية من عائلة طيبة ، تعليمي متوسط ، بدأت حياتي من سن السادسة عشرة ، شاءت الظروف أن أشتغل ممرضة بأحد المستشفيات ، وكنت في تلك السن زهرة يانعة جميلة أتدفق بالمرح والحياة والنشاط ، وأقبلتُ على عملي برغم ما لا حظت من احتقار الناس لهذا العمل النبيل ، والغريب أن الناس يأخذون منّا صحتنا وشبابنا ويبخلون علينا حتى بالتقدير والتشجيع الأدبي في مقابل عمرنا الذي نبذله مجاناً للمرضى .
كان لهذا النكران والهوان والإحتقار الذي أحس به في كل مكان أثره في نفسي ، فبدأت أفقد ثقتي بالمُثل والأخلاق ، وبدأت أقول لنفسي ، إذا كان هذا رأي الناس في الممرضة ، أنها فتاة خليعة ولا حدود لها ، فلماذا أُعذّب نفسي بالحرمان وأضيّع عُمري خلف تقدير لن أحصل عليه ، ولماذا أجري خلف الشرف ، والشرف يتبرأ مني ؟ وبدأت أسهر وأتمتع بكل لحظة في حياتي ، حتى أفقتُ يوماً وقد وصلتُ السابعة والعشرين من عمري ، ولم أعثر بعد على حب عظيم أعتز به ، أو رجل نبيل أطمئن إليه ، كل الرجال الذين عرفتهم كانوا غشاشين يُبدون الحنان ليحصلوا على المتعة بأي ثمن ثم لا شيء بعد هذا كل شيء يتبخر ، غش وانحلال وكذب في كل مكان وكل رجل ، ورجعت بذاكرتي إلى الوراء ، وندمت حيث لا ينفع الندم ، ندمت على كل خطوة خرجتها مع رجل ، وكل لحظة ابتذلت فيها نفسي من أجل لذة ورجل ، أي رجل ، ولكن المشكلة الآن أنني بدأتُ أكبر في السن ، وفرص الزواج بدأت تقل يوماً بعد يوم ، ولم أعد أستطع أن أكون بلا رجل ، وكلما فكرت في المستقبل اسودت الدنيا في وجهي ، ورحت أبكي في حرقة ومرارة ، أتوسل إليك ساعدني في حيرتي ، ماذا أفعل لأجد رجلاً يحبني ويتزوجني ؟
***
إن السحر الذي يستعبد الرجل ويخلب لُبّه ويجعله يجري على المأذون ليتزوج ، هو عقل المرأة ، عقلها أولاً ، وعقلها ثانياً ، وعقلها ثالثاً ، وبعد ذلك جمالها ومالها وحبها إلى آخره … ،، وهذا طبيعي لأن العقل هو أهم شيء في الزواج ، وأهم ضمان في نجاح الزواج ، لأن الإخلاص عقل ، والوفاء عقل ، والقيام بمسئولية البيت عقل ، وتربية الأطفال عقل ، وتدبير ميزانية البيت عقل ، ورعاية الرجل في مرضه وفي فشله وفي إفلاسه عقل ، وكفالة المظهر المحترم أمام الناس عقل ، عملية الزواج كلها عقل في عقل .. والزواج الناجح يحتاج من المرأة إلى التعقل ، لأنه يحتم عليها أن تتنازل عن الكثير من هوس الشباب وطيشه ولذّاته ، وتتنازل عن بعض نفسها لتتقاسم الحياة مع رجلها الذي تنازل أيضاً عن طيشه وعينه الفارغة الزائغة ليحيا معها ، ومهما كانت المرأة جميلة وجذابة وفاتنة ، فهذا لا يكفي ليغري الرجل بالزواج منها إلّا إذا كان مُغفلاً ..
أنا أبخل حتى باللعب مع فتاة سايبة تتنقل في طيش وترخص من رجل إلى رجل ، مهما كانت جميلة وساحرة ، لأني أشعر أني أدلق صحني في بالوعة يدلق فيها الكل بقاياهم ، وأنّي أفوز بشيء لا قيمة له إطلاقاً ، والمرأة حتى ولو كانت صيدة لا تفوز بإهتمام الرجل إلاّ إذا شعر بقيمتها وغلوّها .
ومعنى هذا أن التعقل مطلوب لدوام أي علاقة حتى لو كانت العلاقة هلس في هلس .. ونصيحتي لك ، أن تبذلي كل عقلك وذكائك ، وإذا استطعت أن تقنعي رجلاً واحداً بأنك ذكية وعاقلة ، وأنك يمكن أن تكوني محل ثقة ، فإنك ستتزوجين قبل مُضي هذا العام ،، تمنياتي الطيبة .
كانت تلك قصة الفتاة التائهة وذلك كان رد الدكتور مصطفى محمود رحمه الله عليها ، ربما كان رداً جارحاً وعنيفاً إلاّ أن البعض لا يفيق إلاّ بصفعة .
[/JUSTIFY] هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email]