جعفر عباس

تف والهف


[JUSTIFY]
تف والهف

من أوسخ عاداتنا البصق في الأماكن العامة والطرقات، ومن المشاهد اليومية المقززة مشهد أولئك الذين يفتحون أبواب سياراتهم ثم: تفو..وينثرون بلاويهم عبر الأثير، وقد نلت نصيبي من البصقات العابرة للسيارات، عندما حدث أكثر من مرة أن أخرجَ شخصٌ ما رأسه عبر نافذة سيارة ليخلص شُعبه الهوائية من مواد لزجة، تعميما للفائدة، فكان أن نلت حصتي من الفيروسات، والسوائل، غير ان المستجدات العلمية قد تحد من تلك الظاهرة السخيفة، بأن تجعل محترفي البصق يمارسون ترشيد الإنفاق، بعد ان اتضح ان البصقة اللزجة تنفع في ساعة زنقة! فشركة ستارلاب البلجيكية ترحب ب تسلم عينة من بصاقك وتمنحك نظير ذلك أسهما، يا بلاش ت«تف» وتدخل البورصة، وتتابع النشرات الاقتصادية كي تعرف الى أي مدى ارتفع او انخفض رصيدك!! وعليك كي تصبح مستثمرا في تلك الشركة ان تزور موقعها على الانترنت ثم تعبئ استمارة البيانات فيه وترسل عينة من لعابك الى الشركة بالبريد. (كعادتي كفاعل خير فإنني سأورد اسم الشركة رغم أن إبليس وشوش في أذني قائلا: لماذا لا تكون أنت السمسار الذي يقوم بتوصيل العينات؟ فقلت له: أنت فعلا خسيس يا إبليس.. هل تريد ان يقال عني إنني ارتزق من بصاق الآخرين؟ هل افتح محلا لـ«يتف» الناس فيه أم عليه؟ هل افتتح محلا أكتب عليه «مؤسسة أبو الجعافر للبصاق المتناثر»؟
الشركة تعمل في مجال دراسة الجينوم البشري لتحديد العلاقة بين الجينات وبعض الأمراض، وقد يدخل لعابك التاريخ إذا اتضح بعد تحليل حمضك النووي (دي ان ايه) ان جيناتك تحمل بذور مرض معين، ومن جانبي فقد قررت استثمار لعابي في تلك الشركة بدلا من إضاعته في البصق على شاشة التلفزيون كلما ظهر أحد الوجوه التي تسبب لي ضيق التنفس وضيق «الخلق»، وقبل ان أرسل العينة توقفت عن أكل الفول وتوابعه من طعمية أي فلافل وحمص لان تلك الأشياء تسبب متلازمة «الصرف الدماغي Brain Drain، لأنها تجعل الدماغ غربالا لا يمسك إلا ببعض الفتافيت، وانصح الإخوة الخليجيين الذين يريدون الحصول على أسهم في شركة ستارلاب ان يكفوا عن تعاطي المكبوس لشهرين حتى تتخلص أجهزتهم الهضمية من الانكباس الحراري الذي ينتج عن خلط الرز باللحم والسمك والدياي (إذا كان الخليجيون يسمون الدجاجة دياية فنحن في السودان نسميه جدادة، وبحمد الله فرغم أن الخليجيين يقلبون الجيم ياء فإنهم أعقل من أن ينادوا حفيد عنتر بـ«يعفر»).
الكلام عن ستارلاب جدي وجاد للغاية فصاحب الشركة والتر براور مستثمر معروف ورجل علم وأبحاث، وأكثر ما يعجبني فيه العروض المغرية التي يقدمها الى العاملين معه او أي شخص يقدم له فكرة اختراع معقولة، بعبارة أخرى فإن هذا الرجل يتبنى المواهب العلمية ويتيح لها فرص البحث والدراسة، بل ان أي موظف عنده يصبح شريكا كاملا منذ يومه الأول، ولكي لا تحسبوا الأمر نكتة أو مسخرة، أقول لكم إن المستر براور هذا فقد انشأ موقعا على الانترنت لأبناء العالم الثالث الراغبين في دراسة الطب، يتلقون عبره العلوم الأساسية بلا مقابل ثم يبعث بهم الى جامعات أمريكية على نفقة شركات الأدوية المتبرعة لمشروعه ليدرسوا الطب مجانا فإذا كنت طالب طب غلبان فزر الموقع:
www.freemedschool.com فقد يسعدك الحظ وتفوز بمنحة وربَّ بصقة أفضل من شهادة.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]