رأي ومقالات

احمد محمد تاجر : أين نحن اليوم.. من هذه..!!

[JUSTIFY]أقدم إليكم دائماً- قرائي الأعزاء- بعضاً من أمثالنا وحكمنا السودانية الهادفة.. وهي مكنونات عربية وافريقية تمازجت وتعاقبت عليها عاديات وإنفراجات بمرور الحقب.. حتى أنني- كما ذكرت لكم يوماً- قدمت خصلتين تميز بهما السودانيون عن غيرهم..

فحين سمع إحداهما في محاضرة منبرية أحد الإخوة من مصر إنفعل قائلاً.. وأين مصر الكنانة.. فقلت له أصبر.. والخصلتان هما حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال (جُعل السخاء عشرة أجزاء تسعة منها في السودان وجزء لسائر الخلق) هذه انفرد بها السودان فقط والخصلة الأخرى هي (جُعل الحياة عشرة أجزاء تسعة منها في العرب وجزء لسائر الخلق) فهنا أيضاً احتوت السودانيين العروبة في الحياء..

فمثلما أصوغ وأقدم إليكم عن السودان هذا فأقدم إليكم مقولة شعبية رباعية حكيمة وأمازج بينها وبين ركائز (الوثبة) الظرفية السودانية التي ابتدرها الأخ الرئيس المشير (عمر البشير) أمام قادة وفعاليات المنابر الوطنية والخارجية والمقولة الشعبية السودانية هي (فكة الريق مسمار القلب.. والعصا من الكلب.. والسكين من السلب.. والبيابا الصلح لابد ينغلب..)

وندرك كلنا أن هبّة وقيام الإبكار هي إحدى ملامح النجاح والفلاح.. وهي طلب الرزق بالبكور لدرجة أننا نذكر يوماً أن جامعة إفريقيا العالمية وكانت تسمى وقتها المركز الاسلامي الإفريقي.. كان حين بدأ سيره بأم درمان.. كان يقيم أنشطته العامة ويبدأها بعد صلاة الفجر مباشرة.. ولا يستغرب أحدكم أو يندهش لأن التعود والإتقان يكون بالتدريب والمداومة ليصل الممارس الناشط مستوى يراه الآخرون أعجوبة.. وانظر أنت إلى حلبات المصارعة على الشاشات ترى هذه الأجسام والعظام والمكونات التي أوجدها ربنا الخالق في هذا المصارع البشري.. وينشأ الفتى على ما كان قد عوده أبوه..

فهنا ولنكن مدركين لخصائل أسلافنا فإنهم يأكلون ويطعمون شيئاً قبل تحركهم لأنشطتهم وحياتهم اليومية الباكرة.. ولقد اندهشت إحدى الولايات حين جئتها وبدأت أعقد اجتماعي للمجلس الإداري للوزارة اعقده في دورته بعد صلاة الفجر مباشرة باعلان مسبق.. فذكر لي أحدهم.. قائلاً السيد الوزير.. هل نحن نريد أن نسافر بالبص لأم درمان..

ويعني هو أن البص يتحرك لأم درمان بعد صلاة الفجر مباشرة.. فإلفتهم لذاك السفر جعله لديهم حجة طبيعية وسفراً قاصداً.. ولذا الإفطار ولو كان يسيراً ومبكراً يعطي طاعمه سنداً وطاقة وعزيمة ليدرك وجبته المناسبة الأخرى وقد رأينا غيرنا- حالياً- في الشرق حتى ماليزيا وما جاورها يتعاطون (خمس) وجبات في يومهم.. وهم أصحاب إبداع وإتقان.. ثم عايشنا الغرب (أمريكا) وما جاورها وهم يتعاطون وجبتهم الأولى السابعة فجراً.. وعشاءهم (الخامسة) عصراً.. وعندنا بالسودان الرعاة والزراع وأهل البادية عندهم (الغداء) ليس الساعة (الثالثة) ظهراً وإنما الغداء (السادسة) صباحاً.. وذلك لينصرف كل لشأنه الآخر..

فإن (حكمة) البكور.. وحكمة (الفطور) تتواكب مع الإبداع والاستقرار.. أما وأنت تتحرك في طريقك عبر التقاطعات العديدة الكثيرة.. خاصة ليلاً أو صلاة الفجر ناحية المسجد البعيد.. فقد تلاقيك أو تعترضك بعض الهوام.. ومنها الكلب.. والذي يهاب العصا.. أو ما تحمله أنت.. ولا تقل لي هذا في القرى والبوادي.. فأقول ليس من عمران إلا وبه تقاطعات للسير والتهوية.. وحتى في الدول العظمى التي كنا بها لا تستطيع أن تكون دائماً آمناً.. فلا تسر أو تمش مسترخياً.. والمؤمن كيس فطن.. فهذه حكمة لأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى أنه ليس منا من تعلم الرمي ثم تركه.. بل قال (تعلموا الرمي.. فإن أباكم اسماعيل كان رامياً).. وثالثة الحكم الشعبية هذه هي (السكين) وذلك رمز لتفادي الإمساك بك وسلب ما لديك.. والاعتداء أياً كان يوجب المجالدة وإبعاد الأذى..

ومن شق آخر قد تحتاج لهذه الآلة- كما ذكرت لكم يوماً- أني كنت انطلق بسيارتي بين الأبيض- كردفان- وكوستي فاذا بعنز تقفز من أعشاب جانبية لتعبر أمام السيارة فتقذفها السيارة بعيداً.. فتوقفنا لندركها.. والماعز تلفظ أنفاسها الأخيرة.. فلم تكن لي وقتها آلة أو سكين لأذبحها ليجوز الانتفاع من لحمها بعد سلخها.. فلفظت أنفاسها.. فدفعنا ثمنها المقدر.. ولكننا فقدنا لحمها.. ومنذ تلك الحادثة صارت تلازمنا الآلات اللازمة حسب كل ظرف وجغرافية.. أما حكمتهم الشعبية الأخيرة في هذه المتوالية هي مخرجات وثوابت الآية الكريمة (…. والصلح خير….) وهم قد وصلوا (أي أهل المثل) وصلوا إلى أن نتوءات وتشاكسات الحياة قد تحدث ضرراً بين الأطراف والجماعات.. ولهذا لزم أن يسري العرف والتراضي والجلوس للمصالحة خاصة وأنكم قد قيل لكم (…. فأصلحوا بينهما…) أي الطائفتان المتخاصمتان.. ولكن الذي يحتويه العرف ويجلس إليه العقلاء فيرفض الصلح.. رغم خطواته ولوائحه ودروب تنفيذه وبموجب آلياته فيرفض.. فالحكمة تقول بأنه سيهزم ويندم.. لأن غضب الله عليه هو.. ولعنة الآخرين عليه كذلك.. (ومن عفا وأصلح فأجره على الله)

إلا أنك يا قارئي العزيز.. ستقول لي أنت وبعضمة لسانك يا (أحمد تاجر)ر هذا في زمان ليس هو هذا.. وقد تبدل كل شيء.. فأين أنت من (فكة الريق) والآن المأكول قد تنوع.. وأنت أين من (العصا) والآن أنظر فماذا ترى!! وأين أنت من (السكين) حتى وإن قلت لنا: وآتت كل واحدة منهن سكيناً.. وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم.. وهي امرأة عزيز وفرعون مصر.. في (يوسف) الصديق.. الذي قيل له.. يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك.. فإذن المقصود والمرمى هو العبرة- والمثل.. وإن كانوا يأكلون بالسكين والشوكة اليوم..

فإن النسوة كن يأكلن بالسكين أيضاً منذ دهر بعيد.. فما لنا لا نقول لأميرنا (عمر حسن أحمد البشير) إن السلام يعيدنا لنسير بالعصا فقط لا نخشى إلا الكلاب والذئاب حول مدينة المصفاة الجيلي الجديدة.. والتوافق الاجتماعي يجعل كلامنا حميماً وصديقاً ولصيقاً بالآخرين.. وإن الحوار والمقاربة يجعل أحدنا يخرج سكين جاره وصاحبه من جيبه يقضي بها أمره ثم يعيدها إليه.. وأن الاقتصاد يقول إن الله يحب اليد المخشوشنة..

وبيت المال بأم درمان هو رمزية للخزانة القومية الأولى.. وشد للعضد.. فما بالك بجلوسنا كلنا يوم الاثنين المبارك (26/1/2014م) بقاعة الصداقة بالخرطوم لنطلق مبادرة تقول (أيا خيل الله اركبي) فهيا بنا.. والله أكبر..

صحيفة آخر لحظة
رأي:احمد محمد تاجر
ت.إ[/JUSTIFY]