الطاهر ساتي
قوات تأمين الأزمات..!!
** وهكذا تقريباً حياتنا العامة، إذ ضجت سوحها – كما مسجد الشيخ كشك – بالفرق الأمنية التي تمارس مهامها في هيئة شيوخ وعلماء ومصلين، وذلك لتأمين بقاء الوضع السياسي الراهن (كما هو)، بحيث لا يتحسن ولا يتغير نحو الأفضل.. على سبيل المثال، فلنقرأ مايلي: (يجوز اقتراض ثمن الأضحية لمن يظن أنه قادر على سداد القرض دفعة واحدة أو على أقساط)، هكذا يفتي مجمع الفقه الإسلامي.. لا غبار في الفتوى، قد تكون صحيحة، ولكنها – في موقف كهذا – بمثابة تبرير لما يحدث لاقتصاد البلد حاليا، أي كأن لسان حال مجمع الفقه الإسلامي يريد أن يقول للسواد الأعظم من أهل البلد: اتدينوا حق الخروف وسددوا الدين بأقساط مريحة، و(خلاص)..أي هكذا يوجد المجمع مخرجاً للسيد وزير المالية من مأزق سؤال من شاكلة: كيف؟، ولماذا وصل الحال بالناس إلى حد شراء خراف الأضاحي بالديون والأقساط المريحة؟.. لن يبحث الوزير عن إجابة هذا السؤال، وليس بحاجة للبحث عنها، فالمجمع كفاه رهق البحث بتلك الفتوى.. وعليه، فليطمئن وزير المالية، بل فلتمطئن الحكومة كلها، إذ دائما هناك فتاوي للتأمين والتبرير..!!
** وهناك مثال آخر للتأمين والتبرير.. ولكن قبل السرد، أفيد الأكارم بأنه ليس هناك داع للقرض بغرض شراء خروف العيد، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والأمر سنة مؤكدة لمن استطاع إلى ثمن الخروف سبيلاً بلا ديون وبلا متاهات، أي للمقتدر والمستطيع، واعلم بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ضحى لغير المستطيع من أفراد أمته، أثابهم الله وأكرمهم بنعمه.. يعني بالبلدي كدة: ما تتعب نفسك لو ماعندك، ودين الله لا يحملك ما لا طاقة لك به..أها، نرجع لفرق التأمين والتبرير، ونقرأ ما يلي أيضاً: (سوف نوفر 20 الف خروف، بأحجام مختلفة، وبأقساط مريحة لمدة 9 أشهر و 12 شهراً، وبأسعار تترواح ما بين (795 جنيه)، و(1026 جنيها)، وأوزان الخراف تتراوح ما بين (30 كيلو)، و(46 كيلو)، و..و…)..!!
** أو هكذا العرض الذي يقدمه السيد أمين عام الاقتصاد بوزارة المالية وشؤون المستهلك بولاية الخرطوم.. فالعرض الضاج بتفاصيل أحجام الخراف وأوزانها وأسعارها وأقساطها، يوحي للقارئ بأن المتحدث بكل تلك الفاصيل هو رئيس شعبة مصدري الماشية، أو (أي تاجر بهائم)، ولكن المتحدث هو أمين عام الاقتصاد – بالخرطوم – شخصياً.. فلنسأل نهج وزارته بكل براءة: وماذا عن الآخرين من سكان الولاية الذين فاتهم شرف الانضمام لقائمة نداء من شاكلة (علينا جاي، عندنا 20 الف خروف بالأقساط).؟.. ثم ذاك السؤال: لماذا تدهور الحال الاقتصادي للناس والبلد، بحيث يشتري العامل حتى خروف العيد بالأقساط؟.. فالأفضل للأمين العام – بل للحكومة – الحديث عن (أصل الأزمة)، ثم تقديم الحلول الناجعة التي تخرج الناس والبلد من هذا الحال البائس.. علماً بأن تأمين الأزمة بـ(زريبة أمين عام)، أو تبريرها بـ(فتاوي رئيس مجمع )، ليس حلاً ناجعاً..!!
إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]