الطاهر ساتي

تجمع غير مشروع ..!!

تجمع غير مشروع ..!!
** يومياً، تكتشف بأنهم يقولون مالايفعلون..فالكل يظن – بغير إثم – بأن السلطة الحزبية الحاكمة هي المسماة سياسياً بالمؤتمر الوطني، ولكن خبراً تم تسريبه إلى الصحف، يكشف بأن السلطة الحاكمة هي المسماة تنظيمياً بالحركة الإسلامية ..أي الحزب الملقب بالكيان الجامع محض غطاء بلاستيكي، بيد أن الحركة التي تم حلها – قبل عقد ونيف لاتزال – حية تسعى في سوح السياسة، و(كمان حاكمة)..ولو لم يكن الأمر كذلك، لما رشحت الحركة، وليس الحزب – حسب التسريب الصحفي – زيداً من الناس أو عبيد بحيث يكون خليفة للرئيس البشير في الإنتخابات القادمة..في أي مكان بهذا الكون، من له حق ترشيح زيد أو عبيد للرئاسة أو للولاية أو للمحلية – هذا إن كانت الأمور تسير حسب طبيعة الأشياء – هو الكيان المسجل في قائمة مسجل الأحزاب والمعترف به رسميا وشعبياً، وليس الكيان الهلامي الذي لا سجل له ولاعنوان، بل ولا إعراب في دستور البلد وقانون الأحزاب..ولكن في بلادنا، حيث اللامعقول يصبح معقولا رغم أنف العقول، فجأة ظهرت حركة غير معترف بها دستورياً وقانونياً، لتصنع من الأحداث ما تبلغ حد ترشيح كوادرها لمواقع سيادية بالدولة، بيد أن الحزب المعترف به دستورياً وقانونياً آخر من يعلم ..وهذا يعني بأن السواد الأعظم من كوادر المؤتمر الوطني – أي غير الإسلاميين – مجرد أجراء بلا آراء ..!!

** وقد يكون خبر ترشيح الحركة الإسلامية للأستاذ علي عثمان محمد طه لرئاسة الجمهورية في الإنتخابات القادمة، قد يكون الخبر صحيحاً حسب أخبار الصحف، وقد يكون خبراً غير صحيح، حسب نفي البروف إبراهيم أحمد عمر رئيس مجلس شورى الحركة..هذا ليس مهماً للسودان، فالسودان بحاجة إلى وضع سياسي يخلف هذا الوضع الراهن، أي بصراحة كدة : السودان بحاجة إلى وضع سياسي يحقق السلام الشامل و يوفر ديمقراطية وارفة الظلال و يبسط حريات تطمئن بها الأنفس، وبعد هذا فليكن الحاكم من يكون، أي كما قال أحمد مطر : هات العدل، وكن طرزان .. ولذلك، ترشيح طه أو غير طه ليس مهما للناس والبلد، فالمهم في هذا الحدث هو سؤال من شاكلة : هل دستور البلد – أو أي قانون يتفرع منه – يسمح لأي نفر من أهل السودان بأن يحتشدوا ويجتمعوا في ميدان عام ويناقشوا ويقرروا تحت سمع وبصر وسائل الإعلام وبحماية أجهزة الدولة الشرطية، وهم غير مسجلين في مسجل الأحزاب ولا في مسجل المنظمات، لاحزباً ولا تنظيماً؟.. هل هذا يجوز نصاً دستورياً أم بنداً قانونياً..؟ ..نعم، فلندع الترشيح وعدم الترشيح، هل هذا الحشد – ولائياً راهناً كان أو مركزياً مرتقباً – يعد عملاً مشروعاً حسب نصوص الدستور والقوانين المتفرعة منها؟.. هذا السؤال المهم – وليس الترشيح و عدم الترشيح – هذا إن كان الكل سواسية أمام الدستور والقاونين ..وللأسف، ليسوا بسواسية ..!!

** فالذي أعلمه، ما لم يكن قد تم تعديل دستور البلد و القوانين التي تنظم كل تنظيمات ومنظمات المجتمع ذات ليلة والناس نيام ، هو أن أي كيان – سياسياً كان أو دعوياً او ثقافياً أو رياضياً – يجب أن يكون مسجلاً بإحدى أجهزة الدولة ذات الصلة بأنشطة ذاك الكيان، ليمارس نشاطه جهراً، أو كما تفعل الحركة الإسلامية حالياً..نعم للأحزاب مسجل أحزاب، وللمنظمات مسجل تنظيمات، وللطرق الصوفية مجلس ذكر وذاكرين، وللأندية أيضاً جهة رسمية تعترف بها و تنظيم نشاطها ..أها، السؤال : هل ( الحركة الإسلامية دي مسجلة؟)، بحيت تحشد وتجتمع جهرا، أم حالها كما حال قطاع الشمال بلاسجل؟..الإجابة التي لم تسقط من ذاكرة الناس هي ما قالها الدكتور كمال عبيد ذات يوم في برنامج حتى تكتمل الصورة بالنيل الأزرق، وهي ( لا، ما مسجلة)، هكذا رد عبيد عندما سأله الأستاذ عثمان ميرغني، وتلك هي الحقيقة .. !!

** وليس من العدل بأن يصبح النشاط السياسي بلا تسجيل حلالاً على الحركة الإسلامية، وحراماً على الحركات الأخرى الموصوفة بالمتمردة..ولوكانت الحكومة تمتثل لأمر دستور البلد بصدق، لساوت بين كل الحركات – بما فيها الحركة الإسلامية – في عدم الإعتراف وحظر النشاط وصفة التمرد..ولكن للأسف، حتى دستور البلد – بأمر الحكومة – يقبل القسمة على (خيار وفقوس)، وهذا ليس من الإسلام، بل يغري بالتمرد من لم يتمرد، وما أكثرهم.. على كل حال، أيها الأكارم بكل الصحف : الحركة الإسلامية – بنشاطها الجهير هذا – لم تتجاوز سلطة الحزب الحاكم فقط، بل تجاوزت سلطة دستور البلد أيضاً، وهذا ما كان يجب أن يكون حدثاً.. ولكن تجاوزات السلاطين في بلادي لم تعد تثير الإنتباه بحيث تكون حدثاً، أو ربما حزمة تجاوزاتهم هي المسماة ب (الحركة الإسلامية)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]