محمد المجمر : جوبا وبانغي البحث في الحلول الناعمة
ويضاف الي هذه النتائج التي من المأمول ان تتحقق في إفريقيا الوسطي وجنوب السودان مدي الالتزام بالجداول الزمنية والمراجعة التقويمية الراتبة لسير العمل من قبل اللجان المشرفة علي هذه القوات لام الوضع في ” التكليف الإفريقي” يختلف عن أي تجربة سابقة لهذه البلدان الإفريقية في إدارة عمليات حفظ سلام من زاوية التخصص والمهنية في تحديد نوعية هذه المهام.
الأزمة في إفريقيا الوسطي تقوم علي نحو اجتماعي ضاغط باتجاه”الدين” في حالة استقطاب حاد للعناصر القبلية التي تحض علي استمرار المواجهات اليومية بين مجموعات سكانية يعيش أكثر من 70% منها تحت خط الفقر مع غياب تام لآليات ووسائط التدخل المحلي “الإعلامي أو السلطوي المدني” الذي يمكن ان يلعب دور “المسكن الموضعي ” لهذه الأزمة.
صيغة القرار الإفريقي تشير الي ان هذه القوات ليت سيتم إرسالها في القريب العاجل ربما ستكون اقرب لمهمة الشرطة لأداء دور الحماية بوضع الحواجز وإغلاق المناطق التي تشهد احتداما للصراع الديني مع التركيز علي المرافق والمؤسسات ذات الصلة بما يفيد ان هذه المهام ستكون تأمينية بحتة وفي هذه الحالة فإن المدي الزمني لها هناك سيكون طويلاً جداً.
والشاهد ان هذا البلد يشهد انهيارا دستورياً ويصاحبه ” اختلال كبير” في بنية المجتمع بإفريقيا الوسطي لتوفر عناصر ” تجدد النزاع” بين الأطراف خارج وداخل السلطة علي خلفية تراكمات كامنة في الوعي الجمعي منذ عشرات السنين لذلك فأن المعالجات الاجتماعية هناك التي تتطلب تدخلاً من نوع اخر وإضافي تتجاوز الحلول ” التأمينية” فيها الي إعادة البناء.
وفي حالة دولة جنوب السودان التي تشهد وجوداً أجنبياً.
كبيراً يكون التدخل الدولي لأغراض الإغاثة ومراقبة وقف إطلاق النار ليس كافياً لان عوامل الصراع المؤثرة في الوعي الاجتماعي كذلك كانت مزمنة بما يكفي لتقديم إيضاح حول ان أسباب الأزمة السياسية في جوبا انطلقت من غياب الانسجام والتناسق بين المجموعات القبلية في كيفية الإدارة والحكم.
وهذه الأسباب مجتمعة تفرض علي مسؤولي الدعم اللوجستي في الاتحاد الإفريقي فرز الحقائق الاجتماعية للنزاع السياسي الذي تحول للحرب الأهلية في أي من البلدين حتي يتسني لهم تحديد وظائف ومهام تلك القوات التي تحمل أشارة الاتحاد الإفريقي في هذين البلدين وهو الأمر الذي يضع هذه الجهود الإفريقية في حالة معايرة مع التدخلات الأممية الأخرى.
ليكون التطور الإفريقي الإقليمي في صناعة القرار السياسي فيما يختص بالأمن في الإقليم ، هو البداية في تحسس الطريق الي تبني منهج ذاتي في حل النزاعات ذات الطابع الاجتماعي القبلي في بيئات هشة من الناحية الحضرية مما يستدعي فتح ملفات التدريب وإعادة البرمجة للمنظمات الوطنية الإفريقية غير الحكومية للمساهمة في التدخلات ذات الطابع الإنساني الخاص.
” قهر الخوف وإعادة التكيف” للأفراد والجماعات في إفريقيا الوسطي يتطلب بذل جهود توعوية ومشاركات واسعة في رتق النسيج الاجتماعي من قبل رجال الدين والمختصين والخبراء في مجال الاجتماع وعلم النفس لتقوم هذه القوات بإنفاذ توصيات محددة لا يجري تنفيذها بالقوة المسلحة فقط وإنما بتشغيل عناصر البناء الاجتماعي في داخل المجتمعات المحلية.
وللتنمية في حدها الأدني في حالة جنوب السودان دور مهم وفعال في تقوية الروابط الاجتماعية بمساعدة الأهالي علي التمدين بتوفير مقومات الحياة الأساسية لهم في مواقع آمنة او يمكن بجهد اقل لاحقاً حمايتها مثل مياه الشرب النقية وخدمات الصحة والتعليم والأنشطة الاجتماعية الأخرى التي يمكن أن تكون متنفساً لوضعية الاحتقان التي يعيشون في داخلها.
لم تعد الحلول العسكرية في إفريقيا تجدي وتحقق النتائج المطلوبة منها إلا إذا كانت هذه التدخلات معدة مسبقاً بضمان ربطها
بالمجتمعات المعنية بالمعالجات من آثار النزاعات المسلحة وفي هاتين الدولتين “إفريقيا الوسطي وجنوب السودان” يظهر فيهما
هذا الاتجاه بصورة لافتة للأنظار بأن يكون مفهوم المساعدات الإنسانية مقترنا بنتائج تحيل علي الاستقرار الاجتماعي.
كما ان هذه التدخلات العسكرية تتطلب أموالاً جاهزة “تموين ،سيولة، تسليح” ومالية خاصة بالمشروعات مما يجعل علي المدي الطويل التجربة الإفريقية في حل النزاعات محكوماً عليها بالفشل لصالح تدخلات أممية تستفيد من الفرق في إمكانية سد عجز هذه الموازنات المالية ، ولكي تنجح هذه القرارات الإفريقية في تحقيق مراميها النبيلة لابد من ان تنضج أكثر وأكثر.
صحيفة الصحافة
محمد المجمر
ع.ش