هنادي محمد عبد المجيد

فهم جديد للإسلام 1


[JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
الفهم السائد للإسلام الذى تدعو له المؤسسة الدينية (الأزهر)، والذى يعتنقه كل المفكرين والجماعات الإسلامية على اختلافها- «فهم سلفى»، بمعنى أنه يُستمد من أحكام أئمة السلف، مثل الشافعى ومالك وأحمد بن حنبل وأبوحنيفة، وقد كان هؤلاء الأئمة عباقرة! وأرادوا خدمة الإسلام وتنهيجه والقربى إلى الله، فوضعوا منظومة المعرفة الإسلامية من تفسير للقرآن، وتصنيف للأحاديث واستخراج الأحكام منهما.. وهو «الفقه».

كما قلنا، إن الأسلاف كانوا عباقرة، والمنظومة التى وضعوها كانت إبداعًا، وكانت عندما وضعت بنت عصرها أو حتى سابقة، ولكن هذا كله كان من ألف عام، وما وضع من ألف عام- مهما كان- فإنه لا يصلح فى هذا العصر.. عصر التقدم والتطور والاكتشاف اليومى، ولهذا فإن هذا الفهم أصبح يمثل الماضى، وأصبح الأخذ به عائقاً فى سبيل التقدم، فارضًا على المسلمين أن يعيشوا فى ألف عام مضت، وكان هذا من أكبر أسباب تخلّف المسلمين، لأنهم يعيشون بفكرهم فى الماضى، وإن كانوا يعيشون بأجسامهم فى الحاضر.

إن علينا لا ننسى أن الدين هو أبرز مقوّمات المجتمع المصرى، كان كذلك أيام الفراعنة، وكان كذلك فى الحقبة القبطية، وكان كذلك فى العهد الإسلامى، وبقدر ما يرتفع الفهم الإسلامى بقدر ما يتقدم المجتمع، وبقدر ما يُساء بقدر ما يسوء المجتمع، وهذا هو الواقع فعلاً. وتصل المأساة إلى قمّتها، عندما نعلم أن هذا يحدث وبين أيدينا القرآن الكريم- وهو الكتاب الذى وصل إلينا بلغته فلم يترجم، والثابت ثبوتاً قطعيًا، هو الذى انتشل المجتمع الجاهلى إلى المجتمع الإسلامى الرائع أيام الرسول وأيام الخلافة الراشدة.

الغريب أن هذا المنهج يخالف الإسلام تمامًا، لأن الإسلام ليس له مؤسسة ولا كنيسة، ولا رجال دين، وهو لا يعرف الأحبار والرهبان والكهّان… إلخ، فمن خصائص الإسلام أن تكون علاقة الإنسان بالله مباشرة ودون أى وسيط، وندد القرآن بالذين «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا…»، وكان النظام السياسى الذى ظهر فيه فكر الأسلاف نظامًا ظالمًا مستبدًا يرفض أى حرية فى معارضة سياسية، كما كانت وسيلة الثقافة منحصرة فى الكتاب المخطوط باليد، فكيف يمكن أن يراد الأخذ بهذا الفكر فى عصر الثورات وتعدد وسائل الثقافة من مطبعة إلى إذاعة إلى تليفزيون إلى الإنترنت؟!.

فهل لهذا من معنى إلا التخلف؟!

■ العودة إلى القرآن

إن أول خطوة فى الفهم الجديد للإسلام هى «العودة إلى القرآن» واعتباره الأصل فى الإسلام، لأنه الوحى المنزل من السماء على الرسول عن طريق الملاك جبريل- عليه السلام- ومن هنا تكون أصالته، وقداسته التى لا يشاركه فيها شىء آخر.

وهذه القداسة ثابتة له وحده، لأن الرسول كان يأمر بتدوين كل آية يأتى بها جبريل- عليه السلام- وقت نزولها، وكان هناك عدد من كتاب الوحى يقومون بذلك.

وقد جمعت هذه الآيات ووضعت فى شكلها فى عهد الخليفة عثمان- أى بعد أقل من خمسة عشر عامًا على نزول آخر آية.

بالإضافة إلى هذه القداسة، وهذا الثبوت، فإن القرآن الكريم له نظم وأسلوب ينفرد به، لا يمكن تقليده، ولا يمكن ترجمته.. وهذا من أسرار حفظ الله- تعالى- له.

أى شىء آخر خلاف القرآن يكون بحسب ما يقرره القرآن نفسه، لأن القرآن وحده هو مصدر التشريع.

اعترف الفقهاء بصفة عامة بهذه المبادئ.. فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها فى دنياهم.»، فباستقراء أصول الشريعة، نعلم أن العبادات التى أوجبها الله أو أحبها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.

وأما العادات، فهى ما اعتاده الناس فى دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيها عدم الحظر، فلا يحظر منها إلا ما حظره الله- سبحانه وتعالى- وذلك لأن الأمر والنهى هما شرع الله «والعبادة لابد أن تكون مأمورًا بها، فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه محظور؟».

ولهذا كان «أحمد» وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون إن الأصل فى العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله، وإلا دخلنا فى معنى قوله تعالى-: «أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ…» «الشورى:21».. والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله، وإلا دخلنا فى معنى قوله- تعالى- «قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا….» «يونس:59». «انتهى».

■ يقولون «السُـنة»:

عادة ما يقول أنصار الفهم التقليدى «السُـنة» ويضيفون أنها وحى من الله كالقرآن.

نحن نقول إن القرآن لم يشر إلى السُـنة، وإنما أشار إلى محمد بن عبد الله، باعتباره رسولاً ونبيًا يحمل القرآن ويبلغه ويبينه للناس، وأن له بهذه الصفة على المسلمين واجب الطاعة، ونحن نسلم بهذا، وهو يقتضى أن الرسول لا يمكن أن يزيد كلمة واحدة من القرآن أو ينقص كلمة واحدة، وإنما يبلغه، وعادة ما تأتى عملية البلاغ بأدوات الحصر «إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ»، «لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَىْءٌ»، «إِنَّكَ لا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ»، «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ»، بل إن الرسول ليس وكيلاً عن الناس.

هذا المقال للمفكر الإسلامي القدير ، الدكتور / جمال البنّا

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email][/JUSTIFY]