على مسؤوليتي.. اطرح (3)
كنت قبل سنوات ضيفا على المذيع السعودي المهذب مساعد الخميس ومعه مذيعة حسناء، نسيت اسمها، في بث حي/ مباشر في شبكة إيه آر تي، كانت المذيعة مشغولة بنقل شعرها الطويل من خدها الأيمن الى الأيسر بهزة رأس لا تخلو من دلال وغنج، وتوزع ابتساماتها البلاستيكية على الكاميرات، ثم تسألني سؤالا ركيكا تلو الآخر،.. كانت المسكينة معذورة، إذ لم يسبق لها ان سمعت بي او قرأت لي، بل أشك في أنها قرأت سطرا واحدا منذ أن غادرت كرسي المدرسة، (وهذه علة تلمسها في معظم مذيعي ومذيعات الفضائيات العربية الركيكة التي يهمها فقط حلاوة شكل من يظهرون على شاشاتها) ثم جاءت الطامة عندما سألتني عن عمري،.. كذا.. بلا مقدمات، فقلت لها على الهواء إنه ليس من حقها ان تسألني عن عمري لأنني لا أجلس معها طالبا منها العلاج، أو باحثا عن وظيفة في إيه آر تي، أو طالبا يدها أو يد إحدى قريباتها.. و«تبكمت» المسكينة، وجحظت عينا مساعد الخميس لبضع ثوان ثم انفجر ضاحكا وقطع المخرج الإرسال لـ «خلل فني طارئ».. وطالت مدة الخلل الفني لأن المصورين والطاقم الفني غرقوا في الضحك، بينما ست الحسن غارقة في الحرج، وبالمناسبة فإنني لست ممن يعيبون على النساء أنهن لا يفصحن عن أعمارهن الحقيقية، فالمرأة أي امرأة ليست ملزمة او مطالبة بالإفصاح عن عمرها لغير الطبيب او زوجها أو الشرطة او القضاء.. بل ان سؤال الإنسان، بغض النظر عن كونه ذكرا أو أنثى، عن عمره نوع من الحشرية (حشر الأنف في الخصوصيات).. نعم حتى الجهات الرسمية لا يجوز لها ان تسأل عن أعمار الناس، ولكن هذا «كلام نظري»، فعندنا قد يذهب إنسان بطفل لتسجيله في الصف الاول في المدرسة الابتدائية ويكتشفون ان عمره 8 سنوات فيقولون له: بره.. هذا محتاج لعروس مو تعليم! وأذكر كيف هللت بريطانيا كلها لعدة أسابيع لكهل في التسعين نال البكالريوس، ونحن لا نسمح لمن هو في الثلاثين بأن يكون طالبا جامعيا «نظاميا».. أما لو طلب شخص في السبعين التسجيل في إحدى جامعاتنا فسوف يأتيه الرد: روح الروضة يا شاطر، يا قليل الحياء! ما الحل في حال كهذا؟ كلنا نعرف الحل المعمول به في بلداننا، فلو شئت ان تحصل على شهادة بان عمرك 47 سنة بينما هو في الواقع 74 سنة فإن ذلك ممكن بموجب أوراق رسمية غير مزورة.. ومن زاوية شخصية فإنني انظر الى مسألة العمر من الزاوية النفسية: لا تحبط نفسك بحساب سنوات عمرك وتوسوس: خلاص راحت علينا.. بل اقنع نفسك أنك أصغر سنا مما تقوله شهادة ميلادك.. هذه ليست دعوة للتصابي.. فلست من أنصار صبغ الشعر أو لبس الباروكة، ولست من أنصار استبدال أم العيال بموديل جديد، وكأنما ذلك سيؤدي الى «شحن بطاريتك يا عجوز يا مكعكع»، ويرد اليك الشباب «بالفعل».. بل أقصد أن ترفع روحك المعنوية بأن تقنع نفسك بأنك لا تزال ممتلئا طاقة وحيوية.. وأنك قادر على الحركة «اللي فيها بركة»، .. والأهم من كل ذلك ان تلقم الحشريين حجرا، فمنهم المنافق الذي يحسب ان عمرك مائة سنة وعندما تقول له انك تبلغ الخمسين يقول: ما شاء الله حسبت عمرك ثلاثين.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]