الطاهر ساتي

(ح نتحالف) … ليس انتقاماً..!!

(ح نتحالف) … ليس انتقاماً..!!
** ومن طرائق تفكير الحمقى، يحكى أن أحدهم غضب من زوجته ذات مساء، ففكر في الانتقام منها، ثم أخصى نفسه – في الساعات الأولى لمساء اليوم الثاني – بمظان (خلاص كدة انتقمت منها)..وهكذا- تقريباً – يفكر بعض الساسة منذ يوم قصف مصنع اليرموك وإلى يوم زيارة السفن الإيرانية لميناء بورتسودان..نعم، للأسف استغلوا زيارة السفن الإيرانية استغلالاً لن ينفع الناس والبلد، وتناولوا أمر تلك الزيارة الموصوفة بالطبيعية بإيحاء قد يجلب المزيد من المتاعب التي نحن – وطناً وشعباً – في غنى عنها..وليست من الشجاعة، ولا من الحكمة، أن يحدق هذا البعض في طبيعة رحلة تلك السفن بسذاجة، ثم يخرج للصحف صارخا : (أيوة ح نتحالف مع إيران وحماس وحزب الله)، ثم يعود إلى منزله منتفخاً بمظان (خلاص كدة انتقمت من إسرائيل)..ولو تأمل – في خطل تفكيره و أثر حديثه – قليلاً، لاكتشف بلا عناء أنه لا ينتقم من إسرائيل، إنما يفعل في نفسه – والناس والبلد – ما فعله ذاك الأحمق بمظان الانتقام من زوجته..ماهكذا السياسة، وما هكذا تُدار الأزمات ..!!
** وعلى سبيل المثال، وكأصغر – وآخر – نموذج، نقرأ ما يلي : (زيارة السفن الإيرانية لميناء بورتسودان نوع من الاستعراض العسكري الإيراني، ولاعلاقة للسودان بهذا الأمر)، ربيع عبد العاطي، بصفة قيادي بالحزب الحاكم، لبعض صحف البارحة..نغيب عقولنا، ونسأل الخبير العسكري ربيع : كيف لسفن أجنبية تستعرض استعراضاً عسكرياً في موانئ بلادك ولا تكون لبلادك علاقة بها وباستعراضها؟، هذا سؤال.. وسؤال آخر، بذات سذاجة السؤال السابق، ألم تجد عقول إيران في طول البحار والخلجان والمحيطات وعرضها مكاناً مناسباً لتستعرض فيه قوتها العسكرية غير (المربط التاسع)، وهو الميناء المدني المعد لاستقبال بضائع الناس بميناء بوتسودان؟..ثم، لقد وصف الجيش زيارة تلك السفن ودخولها إلى مياه السودان الإقليمية بأنها طبيعية وذات أيام معدودة ومقدرة بالأربعة وتنتهي البارحة و ستغادر الميناء كما غادرت من قبلها السفن المصرية والباكستانية وغيرها، وهكذا قال وزير الخارجية أيضاً، بل إيران ذاتها – على لسان بحريتها – وصفت جولة سفنها بأنها تحمل رسالة سلام وأمن للدول المجاورة، فمن أين استقى هذا الربيع معلومة أن زيارة تلك السفن غير طبيعية، ولكنها استعراض لقوة إيران العسكرية ..؟؟
** فلندع كل تلك الوقائع، ونسأل الخبير العسكري ربيع : هب أن الأمر استعراض لقوة سفن إيرانية، أو كما حللت و(هللت)، بل هب أن إيران جاءت إلى بورتسودان بكل عدتها وعتادها، فهل من الفطنة والكياسة والسياسة الجهر بها ثم التباهي بمظان (خلاص كده خوفت إسرائيل)..؟..للأسف ليس ربيع وحده، بل هكذا طرائق تفكير بعضهم، وما ربيع إلا أحدهم أو أفصحهم جهراً بما يفكرون.. وهم لا يعلمون أن البلاد لن تجني – محلياً وإقليمياً وعالمياً – من مثل هذا التفكير – والفصاحة – غير المزيد من المتاعب..فالسودان، منذ الاستقلال، لم يكن طرفاً في أي صراع إقليمي، ولم يخض جيشه وشعبه وموارده (حروبات الوكالة)، بل كان يلعب دور الوسيط الذي يصلح ذات البين بين أنظمة دول المنطقة حين تختلف..هكذا كان في الماضي، وهذا ما يتمناه شعبه في الحاضر والمستقبل، ولكن كيف لأمنية كهذه أن تتحق في ظل طرائق تفكير مداها لا يتجاوز (أيوة ح نتحالف مع هذه وتلك وذاك)، وكأن عدو هذا التحالف هو إسرائيل فقط، وليس كل من حولها وحول بلادنا؟.. وإن عجزنا عن تحقيق السلام بكل ربوع السودان، فلتكن تلك الربوع سوحاً لمعاركنا، وليس لمعارك الآخرين..ولن تكون كذلك، ما لم يحسنوا – ربيع وآخرون – التفكير في (مغبة طرائق تفكيرهم الحالية)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]