عبد اللطيف البوني

في بعايد العيد (3 )

[JUSTIFY]
في بعايد العيد (3 )

(1 )
بقدرما كانت قبايل العيد اياما من (الخدر اللذيذ) لأنها تسبق مناسبة العيد فإن بعايد العيد مملة وثقيلة الظل تتجرجر فيها الدقائق والساعات جرجرة هذا بصفة مطلقة أما قبايل العيد الأخير فقد كانت مفزعة ومخيفة (افتكر مافي داعي نجيب سيرة البحر) لذلك ألقت بظلالها على أيام العيد وعلى بعايد العيد عليه فإننا نعيش هذه الأيام ونحن مثقلين بالهموم الوطنية لقد زحف الهم الوطني العام على الشجن الذاتي الخاص وأغرقه في بحر مظلم فالله نسأله رد القضاء ونسأله اللطف فيه.
(2 )
إذا وضعنا الهموم الوطنية العامة جانبا رغم صعوبة هذا الأمر فإن المجتمع السوداني البعيد على السياسة استطاع التغلب على الظرف العام بقوته الذاتية ففي منطقتنا بشمال الجزيرة حدثت كمية من الزيجات لم أشهد لها مثيلا من قبل ففي القرية الواحدة تحسب الزيجات بالعشرات طبعا للاستفادة من لمة العيد والتئام شمل الأهل كما أن زواج العيد يقلل التكلفة بعض الشيء لكثرة المناسبات ولكنه بالمقابل يرهق الناس المجاملين والإشارة هنا لكشف الزواج تلك العادة السوداناوية النبيلة التي بدأت تختفي في المدن وهذه قصة أخرى.
(3 )
شاعرنا الراحل المجيد عمر الطيب الدوش قال في مطلع قصيدته الذائعة الصيت سعاد (دقت الدلوكة /قلنا الدنيا مازالت بخير / اهو ناس تعرس وتنبسط) فالشاهد هنا أن كثرة مناسبات الأعراس تدل على أن الدنيا مازالت بخير فطالما أن الناس تتناسل وتتكاثر فهذا مؤشر على أن الحياة تسير الى الأمام فالمجتمع السوداني خاصة في المناطق التي ليس بها نزاعات يكابد ويجابد ويحافظ على وجوده العضوي فهو متقدم على الدولة بكثير والدولة متقدمة على الحكومة بعض الشيء والمجتمع هو حائط الصد الأخير وهو الآن الممسك بحبات سبحة السودان.
(4 )
للأسف بعض المجتعات السودانية بدأت تتناثر وتفقد تماسكها خاصة في المناطق التي تسود فيها النزاعات والصراع المسلح ففقدان الأمن يضرب النسيج الاجتماعي ويهيم الناس على وجوههم وتصبح الدولة جزءا من الصراع المسلح وتتحول الحكومة الى حارس بوابة فاشل فنبحث عن السودان فلا نجده وبالكاد نعثر على قبلية مجنونة يحكم قانون الغاب علاقتها بالأخريات (القوي ياكل الضعيف).
(5 )
بعض المجتمعات السودانية التي لم تضربها النزاعات المسلحة هي التي تحتفظ بوجود السودان ولكن إذا اتسعت دائرة النزاع المسلح فلن تكون تلك المجتعمات بمأمن منه فسوف ينفرط عقدها هي الأخرى يلحق نسيجها الاجتماعي أمات طه حتى ولو لم يكن قائما على قبلية وساعتها سوف نبحث عن وطن اسمه السودان ولن نجده فالحل ياجماعة الخير أن نعمل بأعجل ما تيسر على إنهاء النزاعات المسلحة وبأي ثمن فليس هناك أسوأ من الاقتتال وعمر الحروبات لم تحل مشكلة فتفاوضوا يرحمكم الله حتى مع الجن الأحمر من أجل إخماد نيران النزاعات ومن أجل بقاء السودان (هابا على وش الدنيا).

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]