جعفر عباس

البديهيات والطناش ……. (3)


[JUSTIFY]
البديهيات والطناش ……. (3)

نواصل الحديث عن بديهيات الصحة العامة التي يعرفها معظمنا جيدا، ومع هذا نهمل أمرها، وبالتالي، أمر صحتنا.. ولستَ بحاجة إلى شهادة جامعية في الطب كي تعرف ان استخدام المضادات الحيوية المفرط مضاره أكثر من نفعه، ومع هذا فإن كثيرين يشرعون في تناولها مع أول عطسة أو «أكلان» في الحلق.. والمشكل الذي ينجم عن ذلك ليس فقط أن الجراثيم والباكتيريا – على مستوى الكرة الأرضية – طورت مقاومة ومناعة ضد معظم المضادات الحيوية (بدليل ان أكثر من مليار ونصف المليار شخص يعانون حاليا من السل ولا تجدي معهم المضادات الحيوية التي كانت تهزم السل في شهر واحد قبل ربع قرن).. بل ان تلك العقاقير تقتل أيضا الباكتيريا الحميدة الضرورية للجهاز الهضمي ونظام المناعة.. والأغرب من كل ذلك ان الباكتيريا الحميدة متوافرة للجميع فقراء وأغنياء بسعر التكلفة ولكننا لا نتحمس لها: الزبادي مثلا أحد أهم مصدر للباكتيريا المفيدة للصحة، والزبادي أرخص من الخبز والرز والبيرجر والشاورما، ومع هذا ففي كل بيت يتم التخلص من كذا علبة زبادي شهريا، لأنها ظلت في الثلاجة حتى انتهت صلاحيتها من دون ان يتناولها أحد (شخصيا لا أتقيد بتاريخ الصلاحية المكتوب على علب الزبادي ولم تتأثر صحتي سلبا بتناول زبادي بعد أسبوع من تاريخ انتهاء الصلاحية المكتوب على العلبة. (في عام 2008 نجحت وزارة الدفاع الأمريكية في توفير 12 بليون دولار من مخصصات الرعاية الطبية بعد ان اكتشفت أن كثيرا من الأدوية تبقى صالحة بعد سنوات من تاريخ انتهاء الصلاحية المكتوب على علبها.. لأن من مصلحة شركات الأدوية أن تجعل أمد صلاحية منتجاتها قصيرا كي يشتري الناس المزيد والجديد منها.. ولكنني لا أنصح أحدا بتناول دواء بعد تاريخ انتهاء الصلاحية المكتوب عليه).
والكلام عن الزبادي والتغذية يقودنا إلى أمراض القلب، فرغم اننا نعرف ان المعدة هي بيت الداء، وأس كل بلاء صحي، فإننا نكبس بطوننا بوجبات تستحق لقب «ألغام صحية»، دعنا من الكبسة والرز المشبع بدهون تكفي لتشحيم مصنع طائرات ايرباص، ولنتوقف عند البيرغر والشاروما لنتفاكر حول محتواها من الكولسترول.. المسألة لا تحتاج إلى تفاكر بل من المحسوم ان تلك الوجبات عبارة عن كولسترول مصفى، وارتفاع الكولسترول مقدمة لأمراض القلب الفتاكة، ويقول البروفيسور بيتر وايسبيرغ المدير الطبي للهيئة البريطانية للقلب إنه يتعين على كل من بلغ الأربعين ان يتقصى مستوى الكولسترول في جسمه، من خلال اختبار بسيط للدم لا يستغرق سوى دقائق، بل هناك أجهزة في الصيدليات لقياس الكولسترول، وأجودها ما يفصل بين قراءة الكولسترول الحميد (اتش دي ال) والضار (إل دي إل).. ونتعلل جميعا بعدم إجراء فحوص دورية للدم، بضيق الوقت، ولو تذكرنا ان الأمر يتعلق بـ«ضيق العمر» لذهبنا إلى المختبرات الطبية، ولو حَبْوا! وقد نشرت الصحف مؤخرا خلاصة دراسة أكدت انه كلما كان مقاس الخصر كبيرا كلما ارتفعت احتمالات الإصابة بأمراض القلب.. وقالت الدراسة ان مقاس الخصر الصحي للمرأة هو 31 ونصف إنش (بوصة)، وللرجل 37 بوصة… يا ريت يا خويا، بس منين يا حسرة؟ بالانجليزي يا خواجة: ذات إز تو مًتْش! «مطلب صعب» ان يكون خصر عربي فوق الثلاثين 37 بوصة والأصعب من ذلك ان تكون نساؤنا مطالبات بخصر جنيفر أنستون وجعفر عباستون كي يبعدن عن أنفسهن شبح مرض القلب.. لا سبيل لمثل تلك الخصور مع الكبسة والفتة (الثريد) والكوارع وأم علي.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]