مياه الخرطوم.. تبخّر في الأجواء الباردة ..!
مثلي ومثل غيري، فوجئت بانقطاع خدمة الإمداد المائي صباح أمس داخل سكناي، مثلما فوجيء كذلك كل أفراد الأسرة، وكلهم إما أصحاب عمل يتوجهون له صباحاً، أو دارسون في المدارس والجامعات، ولولا وجود احتياطي ـ غير مقصود ـ كاد أن يتغير لونه، لما استطاع أيٍ من أفراد الأسرة الوضوء، أو الشروع في إجراءات النظافة المعتادة، وقد تمت الاستعانة بالأزيار التي لا يمكن استخدام ما بها من مياه في الصباح الباكر قبيل موعد صلاة الفجر، إلا إذا تم تسخينها، وهناك قطعاً من لم يحتط لمثل هذا الأمر، فعانى ما عانى ليبدأ يومه «طبيعياً» حسبما هو مطلوب.
معاناتنا في مكاتب الصحيفة مستمرة، نحن والذين من حولنا في وسط الخرطوم، بين شارعي القصر والمك نمر، إذ أن هناك أوقاتاً حرجة، تنقطع فيها المياه تماماً عن المنطقة، وهي تمتد من حوالي منتصف النهار، إلى ما بعد صلاة العصر، وقمنا بإبلاغ المسؤولين في الهيئة عدة مرات، وجاءوا وبحثوا وتقصوا، وربما عرفوا السبب أو ما لا نعرف، لكن القطع ما زال مستمراً، ونحسب أنه سيستمر.
أكاد أكون من القلائل الذين يعرفون خبايا وخفايا العمل في إدارات هيئة مياه ولاية الخرطوم، والتحديات والمصاعب التي تواجه إدارتها العليا، وذلك من خلال ترؤسي لمجلس الهيئة الاستشارية الإعلامي، على مدى ثلاث سنوات، وأعرف تماماً حجم الإنجاز الذي تم، وأتابع عن كثب إنشاء محطات المياه الجديدة، وتشييد شبكات التوزيع، أحاول معرفة كل ذلك رغم ابتعادي عن المجلس الاستشاري الإعلامي الذي أضاف إليّ ما يمكن أن أسميه ثقافة إنتاج مياه المدن. وأشهد لمدير عام الهيئة المهندس المستشار جودة الله عثمان سليمان، بأنه لم يدخر جهداً من أجل تطوير العمل في الهيئة، ونشهد لوالي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر، بأنه لم يتوقف قط أمام دعم أي مشروع لتطوير خدمات المياه، سواء كانت من النيل، أو من الآبار المنتشرة على امتداد الولاية من أقصاها إلى أدناها، وقد تم مؤخراً افتتاح عدد من الشبكات الجديدة، بطول مليون وثلاثمائة ألف متر طولي، وأكثر من ثلاثمائة ألف متر طولي من الخطوط الناقلة، مع العمل على افتتاح أو تحديث محطات المياه العاملة أو الجديدة، في كل من كرري وبيت المال وأمبدة وجبل الأولياء، حتى تحقق الهيئة والولاية هدفهما المشترك بتوفير الإمداد المائي لكل الولاية خلال عامنا الجاري هذا.
نعلم ذلك كله، ونعرف الجهد المبذول، ونعرف أكثر أن البعض يحاول أن يبخس الهيئة أشياءها، ويقلل من قيمة عملها الوطني، أو من قيمة جهد الرجال التي نراها تثمر أمامنا وتجري في الشبكات، وهذا بالقطع مؤلم ومحزن.. لذلك كل الذي نريده من هيئة مياه ولاية الخرطوم، ومن مكتبها الإعلامي، المرتبط ببقية الإدارات والمحطات، أن تكون هناك نشرة يومية عن «برمجة» القطع وأسباب ذلك القطع، ونحن نعلم أن السبب هو تغيير الشبكات، لكننا لسنا جهة اختصاص رسمية لنعلن ذلك، ونطلب ذلك حتى لا يتبدد الجهد هباء، وحتى لا تتبخر مياه الولاية في الأجواء الباردة شتاء.
صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]