الطاهر ساتي

نعم للدمج … (لم لا؟)

نعم للدمج … (لم لا؟)
** أيهما بحاجة إلى سجال وغضب جمعية حماية المستهلك، كيفية تجويد خدمة المياه أم كيفية تحصيل قيمة فاتورتها؟..ولذلك، أي لأن الغضب الراهن لا يمس أصل الأزمة، نسبح عكس التيار بلا تحفظ .. لقد شرعت هيئة الخرطوم في توسيع تجربة تحصيل قيمة فاتورة المياه عبر نافذة هيئة الكهرباء، ليدفعها المواطن عند شراء الكهرباء..والتجربة ليس فيها ما يعيب ما لم يكن المراد برفضها التهرب من سداد فاتورة الخدمة، وهذا التهرب (معيب جداً)..ومظاهر الاستياء التي رصدتها في بعض مواقع التحصيل، مردها عنصر المفاجأة، وليس عدم الرغبة في تسديد الفاتورة..هذه التجربة – تحصيل فاتورة المياه مع فاتورة الكهرباء – موفقة، ولا تستحق كل هذا الإستياء..إن كانت هناك ثمة استياء، فيجب توجيهها نحو (تجويد الخدمة) و(توسيع دائرتها)، وكذلك نحو (قيمة الفاتورة)..أي، المطالبة بتجويد الخدمة وتخفيض قيمتها شيء، والتهرب من دفع فاتورة الخدمة شيء آخر..ونحدق في الأرقام التالية ..!!
** مديونية هيئة الخرطوم بطرف مؤسسات الحكومة الاتحادية، تجاوزت (17 مليار جنيه)، ومديونيتها بطرف مؤسسات الحكومة الولائية ، تجاوزت (6 مليارات جنيه)، ومديونيتها بطرف القطاع الخاص تجاوزت (4 مليارات جنيه)، أما مديونيتها بطرف القطاع السكني، فهي تقدر ب(173 مليار جنيه)..هذه المبالغ يجب أن تورد في خزينة الهيئة التي نطالبها بتحسين الخدمة، ولكنها لم تورد.. ولا يزال يتلكأ سادة تلك المؤسسات الحكومية والمصانع والشركات – وكذلك المواطنين – عن توريدها.. وليس من العدل أن تستمع بالخدمة – مهما كان مستواها- ثم تتهرب عن دفع فاتورها..فلنغضب على رداءة الخدمة وسعر فاتورتها، ولكن يجب عدم التهرب من دفع فاتورتها، لأن التهرب من دفع الفاتورة من أسباب رداءة الخدمة.. أكرر، من أسبابها وليس (كل أسبابها)..ثم، تهربي عن دفع فاتورة مياه يعني تحميل جاري – الذي يلتزم بالسداد – دفع فاتورتي أيضا.. نعم، ليس من العدل أن يدفع البعض ويتهرب البعض الآخر بتبريره فحواه (ياخ هي وينها الموية ذاتا؟)، مثل هذا التبرير يبقي الحال كما هو عليه..!!
** وما يجب تذكير الناس به، هو أن هيئة مياه الخرطوم كانت قد أدخلت بعض شركات التحصيل بينها وبين الناس، مقابل نسبة تتراوح ما بين (9/18%)، هي نصيب الشركات من قيمة الفاتورة، ولقد بلغ عدد الشركات (34 شركة)، ومع ذلك لم تتجاوز نسبة التحصيل في ولاية الخرطوم (50%).. هذا غير المديونية المتراكمة منذ العام 2003، علما بأنه لم تتحصل الهيئة في ذاك العام غير (18%) فقط من جملة مبالغ فواتيرها، فكيف تتحسن الخدمة مع نسبة هزيلة كهذه؟.. المهم، فكرة تحصيل قيمة فاتورة المياه مع قيمة الكهرباء – بجانب رفع نسبة التحصيل – توفر أيضا لهيئة المياه المبالغ التي كانت تتحصلها شركات التحصيل (9/18%، من قيمة الفاتورة)..ولذلك ليس بمدهش أن تستغل تلك الشركات جمعية حماية المستهلك لتغضب (إنابة عنها).. ليس حباً للمواطن، ولكن هياماً بنسبة (9/ 18%)، من قيمة الفاتورة ..!!
** أقول قولي هذا مع الاعتراف بأن هناك حل معادلة صعبة، وبحاجة إلى حل عادل، وهي أن هناك عاملين بشركات التحصيل، ولهم- كما الكل – أسر والتزامات ..أي كما الهيئة بحاجة الى تلك المبالغ فهؤلاء أيضا صارت لهم تلك الشركات مصادر رزق، ولذلك وصفت الأمر بالمعادلة الصعبة التي حلولها يجب ألا تؤدي إلى هضم حقوقهم..علما بأن تجربة تلك شركات في التحصيل اتسمت بالضعف، ولو لم تكن كذلك لما جاءت تجربة الدمج هذه .. فالرجاء – يا جمعية حماية المستهلك – مطالبة السلطات بتجويد الخدمة، ثم الغضب في سبيل هذا التجويد المرتجى، بدلاً عن إهدار الزمن والطاقة حول (كيفية تحصيل قيمة الفاتورة)..وعلى السلطات أن تعلم بأن التحصيل الجيد وحده لن يؤدي إلى جودة الخدمة ، بل حسن إدارة مبلغ التحصيل ، وذلك بحمايته من الإهدار و(حاجات تانية)..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]