هنادي محمد عبد المجيد

عاتقة المائة ( جويرية بنت الحارث )


[JUSTIFY]بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم حديثنا عن الزوجة الثامنة بالتتالي لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم ، هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث ، وهي من فُضليات نساء قومها بني المصطلق ، وهم قوم عُرف عنهم القوّة والشدّة ، وقد نشأتْ رضي الله عنها في ظل سيادة أبيها لقومه في عز وسيادة .
تزوجت من ابن عمّها ، وقد قُتل في يوم غزوة المريسيع ، حين غزا النبي صلى الله عليه وسلم قومها في غزوة بني المصطلق ، وسبوا نساءهم ، وكان من بينهم جويرية رضي الله عنها ، وكانت ما تزال في زهرات العمر الأولى ، وعندما قسّم رسول الله سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية من نصيب ثابت بن قيس ، فكاتبته على نفسها ، وبينما رسول الله جالساً في حجرة السيدة عائشة ، إذا بجويرية تستأذن في الدخول على رسول الله ، فقالت :” يا رسول الله أنا بنت الحارث بن أبي ضرار ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخفَ عليك “، ثم طلبتْ من رسول الله أن يعينها في كتابتها ، فرقّ قلب رسول الله لها فقال : { فهل لك إلى ماهو خير منه ؟ } قالت : وماهو يا رسول الله ؟ قال : { أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك } ، فتألق وجهها الجميل بالفرح وقالت وهي لا تكاد تصدّق نفسها : ” نعم يا رسول الله ” ، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : { قد فعلت } ، وما أسرع ما خرج الخبر إلى الناس ، أن رسول الله تزوج جويرية فأعتقوا كل سبايا بني المصطلق وقالوا إنهم أصهار رسول الله ، فكانت أعظم امرأة بركة على قومها فأعتق في سبيلها قوم بني المصطلق ، والبركة الأعظم أن قومها جميعاً أسلموا ، وأي بركة أعظم من إسلام قبيلة بأسرها !
لقد استهدف زواج النبي من جويرية مصلحة تحقق للإسلام الظهور والإنتشار ، فكان الزواج منها طمعاً في إسلام قومها – وقد حدث هذا بالفعل – وبذلك يكثر المسلمين ويعز الإسلام ، ولم يكن الهدف هو جمالها وحسنها حيث أنه صلى الله عليه وسلم لو كان يريد أن يصطفيها لنفسه لأصطفاها قبل تقسيم الغنائم .
ظلت جويرية ما عاشت تُبارك تلك اللحظة السعيدة التي لقيت فيها رسول الله فنجت من العار وأعتقت قومها من الأسر وكرُمت بالزواج من سيد البشر .
كانت جويرية رضي الله عنها قد رأت في منامها أنها ستكون زوجاً للنبي صلى الله عليه وسلم وتمنّت لو تحققت رؤياها ، وكان زواجها في السنة الخامسة للهجرة ، وكان عمرها آنذاك عشرين سنة .
تقول جويرية رضي الله عنها : ” قال لي أبي وهو يُبرر هزيمته أمام جيش رسول الله : أتانا ما لا قِبل لنا به .. فلما أسلمتُ وتزوجني رسول الله ، ورجعنا إلى المدينة جعلت انظر إلى المسلمين ، فرأيتهم ليسوا كما سمعت ، فعلمت أنه رعب من الله يلقيه في قلوب المشركين ” .
ويروى أن جويرية بنت الحارث لما وقعت في السبي ، جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ” إن ابنتي لا يُسبى مثلها ؛ فأنا أكرم من ذلك ، فخلّ سبيلها “، فخيّرها رسول الله ، فقالت : إني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كانت رضي الله عنها مجتهدة في عبادتها لله عزوجل ، صوّامة قوّامة زاهدة عابدة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ، مرّ عليها رسول الله فوجدها جالسة في مسجدها أول النهار ، ثم مرّ عليها قريباً من نصف النهار فقال لها : { مازلت على حالك ؟ ، قالت : نعم قال لها : لقد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرّات لو وُزِنَتْ بما قلتِ من اليوم لوزنتهن – سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته -} وكان رسول الله يحب فيها حسن إقبالها على الله عزوجل ويعينها على عبادتها .
كَتب لها الله شرف الجهاد فصاحبت الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر وكذلك حجت واعتمرت معه صلى الله عليه وسلم .
كانت مُحبّة للصدقة ، وبعد وفاة النبي كانت من زوجاته اللاتي يُعلّمن ويفتين للنساء والرجال ، وروي عنها سبعة أحاديث .
توفيت أم المؤمنين جويرية في المدينة سنة خمسين من الهجرة وعمرها نحو 65 سنة ودُفنت بالبقيع ، رضي الله عنها وأرضاها .

هنادي محمد عبد المجيد
[email]hanadikhaliel@gmail.com[/email][/JUSTIFY]