تحقيقات وتقارير

شركة سكر كنانة.. تفاصيل حقوق العاملين المفصولين

[JUSTIFY]مرت قضية العاملين المفصولين من شركة كنانة بمراحل إجرائية عديدة تداخلت فيها الروى القانونية والتقاطعات السياسية منذ ظهورها في العام 2005م وهي تخص أكثر من أربعة الآف عامل، ظلوا يترددون طيلة هذه المدة على ردهات مكاتب العمل والجهات الرسمية المناط بها رد حقوقهم وتقرير استحقاقاتهم.. «الإنتباهة» فتحت هذا الملف المعقد للرأي العام بوصف كنانة أفضل مخدم في السودان وبوصف هذه المجموعة من المفصولين بأنها الأكبر في تاريخ الخدمة المدنية، ولمعرفة ذلك نتابع التفاصيل والوقائع من خلال إفادات ممثلي العاملين وما بطرفنا من مستندات.
أوامر وقرارات صدرت الكثير من الأوامر والأحكام في شأن حقوق هؤلاء العاملين منذ تلك الفترة تمخض عنها أخيراً قرار من المحكمة العليا بتوجيه تفويض الجهة المختصة بإصدار القرار حول استحقاقات هؤلاء العاملين فيما يتعلق بتطبيق العلاوة وذلك وفقا لقانون الحد الأدنى للأجور لسنة 1974، وطبقاً لذلك أصدر وكيل وزارة العمل قراراً بتفويض مكتب عمل ربك بإصدار القرار الذي يحوي استحقاق العلاوة السنوية لعدد من العاملين عددهم «527» عاملاً من جملة المستحقين.
وزارة العمل أصدرت وزارة التنمية والموارد البشرية والعمل قراراً بتاريخ 22/12/2013م موجه إلى مدير إدارة العمل ولاية النيل الأبيض بتفويضه لإصدار قرار استحقاقات العاملين بوصفه جهة الاختصاص وجاء فيه: الموضوع: شكوى كل من بشير فضل الله وآخرين وعماد الدين البكري وآخرين ضد شركة كنانة وإشارة للموضوع أعلاه والحيثيات المتعلقة بموضوع الشكوى المرفقة نفيد سيادتكم أن الدعوى في هذا الموضوع قد استنفدت كل طرق التقاضي التي تقضي بإعادة الملف إلى مكتب العمل المختص، عليه نحيل الموضوع الخاص بالشكوى لسيادتكم للنظر فيه بوصفكم جهة اختصاص.
كنانة لا تعلم تمت إحالة الأمر إلى المحكمة التنفيذية لتنفيذ القرار بعد إخطار شركة سكر كنانة بالقرار عن طريق مكتب العمل في يومي 22/12/2013م و25/12/2013م واستنفدت المدة القانونية لاستئناف القرار لدى المحكمة العامة، إلا أن شركة سكر كنانة استأنفت القرار بحجة عدم علمها بالإجراءات إلا من خلال مخاطبة محكمة التنفيذ لها، وذلك من خلال تقديمهم لاستئناف لدى المحكمة العامة ربك بتاريخ 14/1/2014م.
اللجنة تتحدث بعد هذه التوطئة جلسنا لرئيس لجنة المفصولين الأستاذ بشير فضل الله والوارد اسمه في قرار التنفيذ رقم «1/2014م» لدى محكمة كنانة وسألناه عن تفاصيل القضية، فقال: إن قضيتهم بدأت منذ سنوات حيث كانت شركة كنانة تمنحهم الاستحقاق القانوني بموجب الحد الأدنى للأجور لسنة 1974م وتوقفت عن ذلك في العام 1992م، ثم بدأت كنانة بفصل العاملين فصلاً غير قانوني في العام 2002م إستناداً إلى نص المادة«55 / ب» من اتفاقية تخفيض العاملين مع العلم أن هذه المادة لا علاقة لها بالتخفيض، وفي 3/9/2005م تقدم اثنان من العاملين المفصولين بشكوى لدى مكتب الخرطوم وهما صلاح الدين محمود والحاج السلمابي، وكانا عضوي نقابة حول موضوع الـ«5%» وكسبا الدعوى واستلما مستحقاتهما التي بلغت وقتها «83497»جنيها «ثلاثة وثمانون ألفا وأربعمائة سبعة وتسعون جنيهاً» بموجب قرار محكمة العمل.
مطالبة بالعلاوة يقول بشير بعد ذلك تقدمت وآخرون يقدر عددهم بـ«527» عاملاً بطلب لمكتب عمل الصفية مطالبين بتطبيق العلاوة السنوية منذ العام 1992م وبعد تحريات كاملة ولستة أشهر مع المفصولين صدر قرار في يوم 4/3/2007م إدارة عمل الصفية بالنمرة «م ع م ص/ش ن ف/ك» موجه الى مدير إدارة الموارد البشرية سكر كنانة لصالح العاملين ولم تنفذ كنانة القرار ولم تستأنف، بعدها توجهنا للمحكمة الابتدائية بشركة سكر كنانة وطلب منا القاضي خطاب وكيل وزارة العمل أو محكمة الاستئناف، فذهبنا لمحكمة الاستئناف بكوستي وصدر قرار في صالحنا من محكمة الاستئناف كوستي فاستأنفت كنانة القرار إلى محكمة الولاية الوسطى العليا مدني وصدر القرار لصالح كنانة، بعدها ذهبنا لمحكمة المراجعة وبعد عام أصدرت قراراها ووضعت مفاتيح معينة للقضية وذكرت في حيثياتها إن قرار مكتب العمل يعتبر قراراً قضائياً وأن محكمة الاستئناف كان قرارها صحيحاً لكنها لم تخطر الدائن، عليه شطبت المحكمة العليا قرار محكمة مدني وأعادت القرار إلى محكمة الاستئناف وطلبت منها إخطار شركة سكر كنانة وإصدار قرارها وللمرة الثانية، أصدرت محكمة الاستئناف قراراً لصالح العاملين ولجأت كنانة للاستئناف مرة أخرى لدائرة مدني مستأنفة، وأصدرت قراراً بأن مكتب العمل النيل الأبيض غير مختص لكن لا مانع من تحرير عريضة إذا وجد تفويضاً وهذا يعني عدم نقضها للقرار.
تقاطعات سياسية بحسب رئيس لجنة المفصولين قال إنه في هذه اللحظة تدخل والي النيل الأبيض السابق وأصدر قراراً بتعليق قرار مكتب العمل إستنادا إلى المادة 26/1/2/ من دستور النيل الأبيض الانتقالي لسنة 2005م. وأضاف: ذهبت بنفسي في اليوم التالي لمجلس تشريعي النيل الأبيض وطلبت الاطلاع على الدستور وبالتحديد المواد المذكورة فوجدت المادة تنص على: الوالي مسؤول من أمن وسلامة وحقوق ومراعاة مواطني الولاية وليس لها علاقة بالمفصولين، وفي اليوم الثاني نشرنا بيانا بالصحف انتقدنا فيه تدخل والي النيل الأبيض، وبعدها قابلنا الوكيل عدة مرات وكون لجنة لدراسة العلاوة السنوية برئاسة بروفيسور خالد سر الختم وبعد شهر من البحث خرجت بتقرير مفادة أن العاملين ليس لديهم استحقاق وذلك للحوافز ومنتجات المزرعة وأن كنانة أفضل مخدم بالسودان مع العلم أن الحوافز لا تلغي الحقوق، بعد رفع التقرير للوكيل كان رأيه أن تكون القضية مناصفة بين الطرفين مراعاة منه لحقوق العاملين «تسوية» إلا أن الوكيل غادر الوزارة وجاء وكيل غيره اسمه آدم حمد فضل الله الذي أصدر قراره بعدم أحقيتنا استنادا لتقرير لجنة البروف.
إحالة الملف للاختصاص يواصل بشير حديثه ويقول: على إثر ذلك تقدمنا بشكوى لمحكمة العمل الخرطوم طاعنين في قرار الوكيل وبعد استجواب عدة جلسات كان شهودها البروفيسور ومدير مكتب العمل بالنيل الأبيض أصدرت المحكمة قرارا بإحالة القضية إلى مكتب عمل النيل الأبيض كمختص واستنادا إلى قرار محكمة العمل طلب مدير إدارة العمل من كنانة التدرج المالي للمفصولين، في هذه اللحظة تدخل الوكيل مرة أخرى بالتنسيق مع وزير الحكم المحلي في النيل الأبيض وأحال الملف الى وزارة العمل باعتبارها جهة الاختصاص لتعلق القضية بالحد الأدنى للأجور، بعدها أصبحنا في حالة اتصال دائم من وكيل وزارة العمل لإحالة الموضوع للنيل الأبيض حسب قرار محكمة العمل وتمكنا اخيرا من استخراج قرار ووجهناه إلى مكتب عمل النيل الأبيض، بعدها تحرك الأستاذ عباس بابكر واستلم التنفيذ من إدارة العمل بالنيل الأبيض الى المحكمة العامة في كنانة وتم تصريح عريضة التنفيذ وحددت جلسه يوم 20/1 بعد أن تم إعلان كنانة إلا انهم رفضوا استلام الإعلان ولأكثر من مرة.
في المحكمة تابعت «الإنتباهة» تفاصيل المحكمة وفي يوم تنفيذ القرار بواسطة المحكمة ظهر وكيل نيابة كنانة الأعلى ممثلاً لشركة سكر كنانة مدعياً بوجود خطاب من النائب العام بلائحة العون القانوني إلا ان الأستاذ عباس بابكر عباس المحامي الموكل من قبل العاملين اعترض على ظهور وكيل النيابة وتحولت الجلسة من إصدار قرار التنفيذ إلى جدل حول قانونية ظهور وكيل النيابة، وقال المحامي عباس أمام المحكمة إن كنانة كتبت في الصحف وصرحت بأنها ليست شركة حكومية ولا تخضع للمراجعة بديوان المراجع العام فكيف تستعين بحكومة السودان، كما ذكر أن مادة العون القانوني للفقراء والمعسرين من الأفراد وليس المؤسسات وغالباً ما تكون في الجرائم الجنائية وبعد جدل كثيف حول هذه الجزئية حددت جلسة يوم 17/2/2014م للفصل في قانونية تمثيل النائب العام لكنانة امام المحكمة.
ظهور محام جديد بالمقابل ظهر أحد المحامين يدعى ياسر زين العابدين عن بعض الدائنين وذلك أمام المحكمة التي استغرقت أكثر من سبع ساعات في مراجعة وتمحيص كشوفات تقدم بها المحامي ياسر زين العابدين إلا أن الأستاذ عباس بابكر عباس اعتبر هذه الخطوة مخالفة واضحة لقانون المحاماة وميثاق مهنة المحامين لسنة 2005 في مواده 37/38 التي تشير في معناها إلى عدم أحقية أي محامي الظهور في دعوى يظهر فيها زميله إلا بموافقته أو انسحابه، وأشار الى أن ذلك المحامي لم يتقدم بطلب مكتوب للمحكمة ولم يقم بتصريح ذلك التنفيذ مما اعتبره تأثيرا سلبيا على سير الإجراءات والحيلولة دون تنفيذ القرار واستيفاء الدائنين لحقوقهم.
تصريحات صحفية عقب الجلسة صرح المحامي ياسر زين العابدين لصحيفة «الإنتباهة» بوصفه ممثلاً للدائنين إلا انه تم تصحيح المعلومة في اليوم التالي على لسان اللجنة المعتمدة من قبل الدائنين، وأكدت خلالها ان الأستاذ عباس بابكر هو ممثلهم في المحكمة.
هيئة دفاع المفصولين حول هذه الجزئية قال الأستاذ آدم حسن آدم أمين عام لجنة المفصولين لـ «الإنتباهة»: انسلخ ستة أعضاء من اللجنة وكتبوا خطاباً للأستاذ عباس بأنهم قد عزلوه علماً بانهم لم يجلسوا معه، وإثر ذلك دعا الأمين العام للجنة السابقة بشير فضل الله إلى جمعية عمومية أعيدت على اثرها تكوين اللجنة الحالية برئاسته وجددت الثقة في الأستاذ عباس بأنه هو الممثل الوحيد للعاملين المفصولين بشركة سكر كنانة وكون الأستاذ عباس هيئة من عدد من المحامين والمحامي ياسر ليس بينهم. وننوه الأمين العام الى أن الأشخاص الذين تعاملوا مع المحامي ياسر لم يرجعوا للجنة ولا الجمعية العمومية وعددهم ستة فقط. وهم لا يمثلون إلا أنفسهم. وقد اعتمدوا على توكيلات سابقة من بعض الدائنين تخص مكتب الأستاذ عباس، وننوه جميع العاملين بالاتفاق حول اللجنة الرئيسة المكونة من 23 شخصاً برئاسة الأخ بشير فضل الله ويمثلها المستشار عباس فقط، ودعا الأمين العام إلى ضرورة حكم سيادة القانون وعدم المساس بالحقوق المتعلقة بالعاملين والتمس من الفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية بضرورة حماية القانون وحسم التدخلات السياسية في قضايا وحقوق العاملين.
اختفاء الملفات تقدم ممثل الدائنين بطلب لمكتب العمل بغرض إحالة بقية الملفات للمحكمة، فأفاد أن الملفات غيرة موجودة بالمكتب، ويظل الأمر الذي يشير لتوقف إجراءات بقية العاملين المفصولين من أمام الجهات المختصة بالنظر في استحقاقاتهم وهو «مكتب عمل ربك» مما أثر ذلك على بقية العاملين الذين يتجاوز عددهم 4000 عامل وحرمانهم من استحقاقاتهم، وفي ذلك ألمح الأستاذ عباس بابكر المحامي للعاملين إلى أنه حال استمرار تدخل السلطات في هذه الملفات سيتقدم بطلب للسيد رئيس القضاء لإحالتها للخرطوم.

صحيفة الإنتباهة
علي الصادق البصير
ع.ش[/JUSTIFY]