تحقيقات وتقارير

الجالسون على الرصيف سيحكمون السودان

[JUSTIFY]واضح من مجريات الأحداث وتسارعها أن (فرز الكيمان) آتٍ لا محالة، بل هو المنطق الحتمي لتطور الأوضاع في السودان، وهو الضمانة المهمة للتداول السلمي للسلطة وتفادي تشظي السودان واستمرار الحروبات، عليه سوف تفضي الأحداث والتطورات القادمة الى فرض السلام بوقف الحروب وخلق قوتين في تأرجح بديع مدهش، وصراع عميق مزعج لفترة إنتقالية تقصر أم تطول، وحتى يحدث التوازن واستقرار التارجح يجب على كل وطني غيور متجرد في السلطة أو المعارضة أن يسمو ويحلق فوق العداء الشخصي والآراء المسبقة (المشخصنة) والاقصاء للآخر، واللجوء الى شريعة الغاب باستمالة عناصر القوة في المجتمع، المنظمة وغير المنظمة لفرض واقع غير مقبول للأغلبية، لأن فترة التأرجح هذه قصيرة مثل (العشر دقائق) الأولى في مباراة حاسمة تستمر بعدها المباراة الثمانين دقيقة الباقية في سجال يُظهر مهارات وغلبة فريق على الآخر وتنتهي المباراة إذا استمرت نظيفة بفوز أحد الفريقين يصافح بعدها المهزوم الفائز في روح وطنية عالية في انتظار مباراة الرد القادمة بعد فترة زمنية كافية، يراجع فيها المهزوم نقاط الضعف في فريقه والقوة في خصمه.

هذا إذا استمرت المباراة نظيفة حتى النهاية دون اللجوء الى هتاف (التحكيم فاشل) والذي يعقبه قذف الملعب بالحجارة والزجاج الفارغ ليتدخل رجال الأمن والعمليات وإنهاء المباراة وفرض سيطرتهم على الملعب.

أقول قولي هذا لأن المباراة قد تأتي بمفاجآت مبكرة وإحراز أهداف غير متوقعة حسب التحليل الآتي: أولاً: من المهم قبل تحليل الواقع السياسي الآن وتخلُق القوتين بعد وقف الحروبات أن نذكر شيئاً مهماً عن التشريح المقطعي لواقع آخر إحصاء سكاني عام 2008 وإسقاط أرقامه على مدى ست سنوات بواقع زيادة سكانية 3% كل سنة.. وهي نسبة مقبولة ومعمول بها في استقراء نتائج حالية بمرجعية ماضية، وعليه يكون توقع تعداد سكان السودان عام 2014 يساوي 35,5 مليون وكان في 2008 حوالي 30 مليون.. وعليه تكون الشرائح العمرية المهمة في 2014 كما يلي:

الشريحة العمرية من 20 الى 49 عاماً (الشباب) تبلغ 20,5 مليوناً (عشرين ونصف مليون)- الشريحة العمرية أكثر من 50 عاماً تبلغ (6) ملايين، والشريحة أقل من 20 عاماً تسعة ملايين- الجملة (35.5 مليوناً).

ثانياً: سوف تنشأ قوتان فقط في المسرح السياسي في السودان مباشرة بعد الاتفاق مع قطاع الشمال ووقف الحروبات، وتسريح قوات قطاع الشمال، بدمج جزء منها في القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والخدمة المدنية، وهذا يعني بالضرورة تحول قطاع الشمال الى حزب سياسي معترف به وشرعي وفق قوانين السودان، مثل ما حدث مباشرة بعد اتفاقية السلام الشامل عام 2005م، ويتوقع أن يكون حزباً جماهيرياً قوياً مثل ما حدث عندما ترشح الأستاذ ياسر عرمان في انتخابات رئاسة الجمهورية وحقق حراكاً سياسياً كبيراً قبل سحب ترشيحه بتعليمات من سلفاكير الذي ضمن انفصال الجنوب عن الشمال.
ثالثاً: سوف تتشكل القوة الأولى من تجميع كل الأحزاب والطوائف والحركات الإسلامية المنادية بالدولة الدينية وحكم الشريعة الدستوري، وهي أحزاب المؤتمر الوطني- المؤتمر الشعبي- الأمة القومي- جزء من الاتحادي الديمقراطي (الختمية) وباقي الأحزاب والطوائف والحركات الإسلامية، وكلها سوف تلتف في جبهة إسلامية عريضة حول المؤتمر الوطني ولعل إرهاصات تكوين هذه الجبهة بدأت تظهر هذه الأيام.
رابعاً: القوة الثانية هي القوة المنادية بالدولة المدنية وسوف تلتف حول الحزب الجديد لقطاع الشمال لتكوين جبهة عريضة من كل عناصر قطاع الشمال والجبهة الثورية غير المحاربين في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، إضافة الى المحاربين وأسرهم- كل الأحزاب اليسارية المعارضة الآن- قطاع كبير من الجالسين على الرصيف غير المشرئبين الى السلطة لكن متأثرين بالمرارات الشخصية، التشريد من العمل والذي زاد من معاناة أبنائهم وبناتهم، والذين كانوا أطفالاً قبل خمسة عشر عاماً ،وهم الآن بالملايين وأعمارهم في شريحة الشباب المهمة، إضافة الى شريحة عريضة من الجالسين على الرصيف يشكون من غلاء المعيشة وتدني الخدمات الرئيسية خاصة الصحة، التعليم والمياه، والمواصلات.. وعليه أتوقع أن تكون هذه الجبهة جاذبة لأعداد لا يستهان بها من شريحة الشباب كما سنرى في التحليل الآتي:

خامساً: حسب الواقع الحالي للشرائح العمرية في العام 2014 وقياساً على نسبة الذين يشاركون في النشاط السياسي بما في ذلك الانتخابات في الخمسة انتخابات السابقة فإن حوالي 60% هم الناشطون والمؤثرون في العمل السياسي، عليه يكون المشاركون في أي نشاط سياسي قادم وهي الأرقام المذكورة في أولاً مضروبة في 60% لتكون الأعداد المتوقعة من الشرائح المؤهلة للانتخابات كما يلي:

شريحة الشباب (20-49 سنة) 5.12 مليون وشريحة الكهول فوق 50 عاماً 3,5 مليونا لتكون الجملة 16 مليوناً.

سادساً: القوة الأولى وهي الجبهة الإسلامية العريضة ستكون عضويتها من 60% من شريحة الكهول فوق الخمسين، أي حوالي 2,1 مليون (اثنين وواحد من عشرة مليون) زائداً 30% من شريحة الشباب أي حوالي 3,8 مليون (ثلاثة وثمانية من عشرة ملايين) لتكون جملة العضوية 5,9 ملايين أي حوالي ستة ملايين.

سابعاً: القوة الثانية وهي الجبهة المدنية ستكون عضويتها من 40% من شريحة الشباب أي خمسة ملايين زائداً 30% من شريحة الكهول أي 1,1 مليون لتكون الجملة 6,1 مليون (ستة واحد من عشرة مليون) عليه يكون الجالسون على الرصيف من العناصر الكامنة النشطة والجاهزة للمشاركة السياسية أربعة ملايين منها ثلاثة ملايين من شريحة الشباب ومليون واحد من شريحة الكهول.

ثامناً: هذه الأربعة ملايين من القوة السياسية الكامنة هي التي تخلق التأرجح الذي أشرنا إليه في بداية المقال، وهم المؤثرون في ترجيح الكفة وحسم المباراة وستكون استمالتهم شاقة الى جانب القوة الأولى- الجبهة الإسلامية العريضة- لأنهم تحت تأثير تجربتهم الحالية ومعاناتهم، ومتأثرون بما آل إليه حال دول الربيع العربي في مصر- ليبيا- تونس- سوريا واليمن.

تاسعاً: على المؤتمر الوطني وهو قائد هذه الجبهة أن يواجه الواقع بشجاعة، تبدأ أولاً بالإعتراف بكل الأخطاء في الفترة السابقة، وتحديد برامج واضحة لنهضة جديدة في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والخدمية، وعليه تقوية الإعلام في الفترة القادمة لتسليط ضوء قوي عن الإنجازات والإيجابيات موازٍ لضوء النهضة والبعث الجديد- تسليط الضوء على القفزات الهائلة في البنيات التحتية مثل الكهرباء من 400 ميقاواط الى أربعة آلاف ميقاواط، ترقية الاتصالات- الطرق- الجسور- السدود- البترول- الذهب والمعادن.. على أن يشمل ضوء النهضة والبعث الجديد إعادة الحياة الى قطاع الزراعة بشقيه النباتي والحيواني- إعادة العلاقات التاريخية مع دول الخليج – خلق علاقة متميزة مع دولة الجنوب- إعادة هيكلة حكم السودان في أقاليم كبرى تتمتع بكل مزايا الفدرالية الحقيقية- محاربة الفساد- العدل والحرية والمساواة في المواطنة كمعيار واحد لحكم المواطنين.. كل ذلك في ظل الحرية والإيمان بالتداول السلمي للسلطة.

صحيفة آخر لحظة
تقرير :عمر البكري أبو حراز
ت.إ[/JUSTIFY]